مقالات متنوعة

د.خالد عبد الكريم : سكر برة دوا لأ !!


توقفنا لاحتساء القهوة في طريقنا الى خارج الخرطوم ..
بمجرد جلوسنا أتانا أحد الأعراب يسألنا مرافقة” ..
اعتذر صديقي صاحب العربة في تأدب لانشغال المكان الذي يبدو شاغرا” ..
ألح الرجل رغم أن بالطريق مواصلات تبعد عنا بضع خطوات ..
كرر أصدقائي الاعتذار مرة” أخرى بعد أن أخبرهم هو في استهزاء :
ما هدا ياجماعة المقعد فااااااضي !!
لم يقتنع الأعرابي أن (عدة التصوير) الخاصة بالمصور الفنان يوسف ود بدر والتي تشغل الحيز الذي رآه فارغا” قد تكون أغلى من السيارة نفسها ..
وأيضا” لم يتقبل الاعتذار واستمر في المعاندة ..
كنت أطالعه في صمت هادئ وأتذكر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تذكر فيها كلمة أعرابي باستمرار !!
و لطالما دار سؤال في خلدي منذ الصغر ..
لماذا تتكرر في الأحاديث هذه الكلمة ؟
يعني في زمنهم داك كان في زول ساكن نمرة اتنين ؟
أقبل الرجل نحوي مخاطبا” بلهجة الآمر
ياخينا ماقلنالكم مقطوعين ( قوموا ) قدمونا معاكم ..
رفعت رأسي الى الطريق تأكدا” من وجود المواصلات .. كما لمحت رزمة مالية في جيبه الأيسر ..
طالعته في ( بله ) وهززت رأسي بالنفي والايجاب في آن واحد
ثم ادعيت أنني لا أسمعه جيدا” .. بل لا أسمع الا قليلا ..
كنت أرتدي كمامة طبية ..
صرخ الرجل : قدمووونا معااااكم
التفت الى (ست الشاي ) صارخا”
سكر بررررررررة
دوا للللللللللللأ
سوكرررررررررر برررررة
خافت المسكينة وتجنبت وضع الصينية أمامي مباشرة ..
صرخت في أصحابي بصوت عال
يوسف ضرب ؟ يوسف يوسف
ضرب ضرب ؟
أصبحوا كالذي مسه الشيطان من المس
يتلوون غير قادرين أكثر على كتم الضحكات ..
فمنهم من يئن ومنهم من جحظت عيناه
و الأعرابي فاغرا” فاه
سألته بصوت أعلى :
يوسف يوسف ..
قبل أن أكمل سؤالي
كان الأعرابي يصعد الى حافلة ويتابعني بنظراته
بصحبتنا صديق جديد يجلس على يميني مباشرة” ..
طالعته بعين تطلق شررا”
وصرخت في تشنج مصطنع
الزووول فات
رووووح قال مااااااا ماشي معاااااانااا

ابتعد بضع خطوات في الاتجاه المعاكس .. ماسكا” قهوته التي ظلت كما هي

يتحدث و يبتعد :

الزول خلي ، أنا دا والله ما امشي معاكم
!!

…………………

اننا نملك الكثير من الأحلام والأوهام في وطن يحرمنا من حق الوجود ..

واسيني الأعرج .. روائي جزائري