تدخُّل الرئيس قبل فوات الأوان!!..

> الحوار الصحافي المثير مع الفريق الفاتح عروة العضو المنتدب لشركة زين للاتصالات على صفحات الزميلة (الصحية) في أعدادها الصادرة الأسبوع الماضي، أثار عدة تساؤلات مهمة نظراً لحساسية القضايا التي تناولها، ولحجم علامات الدهشة التي خلَّفها لدى القراء، خاصة ما يتعلق بقطاع الاتصالات وخباياه وخفايا عالمه، وما يتصل به من فوضى وما تكتنفه من أسرار، كانت ستظل حبيسة لا تُبين، وتتوالد التساؤلات في دوائر متتالية ولم تجد إجابات شافية وكافية حتى هذه اللحظة..
> لعل حوار الفريق عروة وما طرحه من آراء وما أفاض فيه من معلومات، قد أعاد إلى الأذهان صراعات هذا القطاع وكبواته القاسية، وما جرى فيه من تنازعات ومطامع قبل سنوات، ويبدو أنها لم تنتهِ بعد، وستكون حصيلتها النهائية وبالاً على الاقتصاد الوطني وتدميراً له، خاصة إن قضايا كثيرة وأقاويل حول ولوغ بعض شركات الاتصالات في نشاطات وأعمال تضر بالاقتصاد، لم تجد رداً مُقنعاً حتى اللحظة سواء أكانت من عروة أم غيره من المسؤولين في هذا القطاع.
إذا أخذنا في الاعتبار نفي الفريق أن شركته لم تقم بتحويل أيَّة مبالغ بالعملة الصعبة إلى الخارج، لأن مقتضى الحال وضروراته يقول غير ذلك، فكيف لمستثمر أجنبي أن يقبل بعدم تحويل أمواله وأرباحه إليه..؟ أم أن شركة زين بريئة من هذه التُّهم ولديها أساليب أخرى للتعامل في عائداتها دون أن يتأذى الاقتصاد الوطني..؟
> ما قيل في الحوار، جد خطير.. وما وراء سطوره وتلميحاته أشياء شديدة الغموض لم تتضح برغم اجتهاد الفريق عروة في تفصيلها، وربما يكون التفصيل نفسه غامضاً قد يزيد من تغبيش الرؤية، فما حدث من ملابسات إيقاف خدمة (هسا) التي شغلت الناس حين أطلقت بعد دعائية مكثفة وكانت شراكة مع بنك الخرطوم، يجعل المرء يحار في العلاقات المتشابكة والمتعارضة في هذا المجال الذي يبيض ذهباً، فقد توافقت شركات الاتصال(زين سوداتل) والبنك المركزي على إنشاء شركة(EBS) للخدمات البنكية بنسبة متساوية من الأسهم ، فما الذي حدث بالفعل في هذه الشركة التي تحولت من شركة بين الأضلاع الثلاثة الى جهة رقابية..؟ ثم ما الذي حدث للشركة نفسها التي خضعت لتقييم بواسطة شركة أجنبية هوت بقيمتها الفعلية من 400 مليون دولار الى عشرين مليون دولار فقط..؟!!!!
> ويزيد من الحيرة في هذا الشأن أن مساهمة الدولة عبر بنك السودان وشركة سوداتل في شركة مثل هذه هل يمكن أن يتم التفريط الى درجة تقييم مكتسبات القطاع العام ومؤسساته تقييماً متدنياً ورخيصاً الى هذه الدرجة..؟ فقبل النظر في المعلومات والإفادات التي وردت على لسان الفريق عروة بخصوص ملف شركة الخدمات البنكية (EBS)، يلحظ القارئ حجم التفاصيل الكثيرة المتناقضة وما يجري خلف الأبواب، فالاتهمامات بالتماطل والتعطيل للبنك المركزي وتجاوز القوانين مما يشير الى سوء استخدام السلطات والنفوذ وتبديد المال العام، هي مسائل خطيرة للغاية لا يمكن أن تمر هكذا دون أن توضح وتكشف كل الملابسات. فهل يمكن أن يكون بنك السودان على صلة بكل الذي ذكر في حوار عروة..؟ وهل يعلم قادة البنك حقيقة ما يجري، أم أن الفريق أراد قلب الطاولة على الجميع أو أطلق معلومات في الهواء لا تتصل بكامل الحقيقة والصورة..؟
> المعلوم في كل الدنيا وفي البلدان الشبيهة في طول العالم وعرضه، أن هناك فوضى وانفلات كبير في خدمات الاتصالات التي تتطور تقنياتها كل يوم، وطردياً تتطور أساليب الشركات في التكسُّب والتربُّح على حساب كل شيء، ولو استمر واستفحل هذا النوع من كشف الأسرار وردود الأفعال عليه وأميط اللثام ورفع الحجاب عن كل ما يعلم سيفقد الجميع ثقتهم في الطرقة التي تُدار بها الشركات وقطاع الاتصالات كله، والأهم من ذلك البنوك وخاصة البنك المركزي الذي وضعته اتهامات عروة في مرمى النيران..
> ومن هنا يتوجب علينا أن ندعو رئيس الجمهورية وقيادة الدولة الى التدخُّل المباشر لإطفاء النار التي تحت الرماد، وهي تشير الى ما لا يُحمد عقباه إذا تصارع أفيال الاتصالات وتم نشر كل الغسيل في قارعة الطريق، فعلى الرئيس حسم هذه الأمور فللبلد أسرارها وللاستثمارات الضخمة قيمتها، فيجب أن يتم هذا قبل فوات الأوان ..!

Exit mobile version