منوعات

الأحفاد الجامعية.. بصمة فريدة في تاريخ تعليم المرأة


لأنه يعتقد أن مفهوم المدرسة أشمل من الكلية أو الشعبة، سمَّى العميد السابق يوسف بدري مدارسه الأحفاد، التي تستند على أسس التعليم الشامل، وتدرس طالباتها العلم الحديث ممزوجاً بواقع الحياة العملي لتواكب أحدث التطورات.

(الأحفاد رمز كفاح شعب وتصميم أمة).. كما قال العميد يوسف بدري، الذي صنع التدريس على يديه صناعة نبعت من حبه للعلم، وإذا ما سأل سائل كيف تكون المواءمة بين ثقافة الغزاة وأصالة الأمة؟ الإجابة: الأحفاد، تدبر تلك العبارة تجد عبقرية العميد يوسف بقطفه للثمار الطازجة من كل البساتين، إضافة لثمار بستانه الأصل، ساعياً لتطوير ودعم أمته بثقافات وعلوم متنوعة ومحافظاً على ثقافة وتقاليد بلاده، لذلك تميزت جامعة الأحفاد بالقاعدة الصلبة دون نظيراتها من الجامعات.

قيادة وليست سياقة

أسست مدارس الأحفاد على مفهوم (الرئاسة قيادة وليست سياقة)، القدوة فيها مشاركة وممارسة، قاعدة علمية عملية مرنة، يا ليت أن يطبقها كل من يسمي نفسه رئيساً في مملكته حفاظاً على نجاح واستمرارية عرشه.

عروض ورقصات شعبية

درجت مدارس الأحفاد على الاحتفال بأسبوع المرأة وغيرها من المناسبات تقديراً وتمكيناً لدور المرأة في المجتمع وتتزامناً مع اليوم العالمي للمرأة، تَعُج مباني الجامعة بالمعارض المختلفة وعروض فولكلورية ورقصات شعبية تماثل المنتجع السياحي الزاخر بالثقافات العالمية والمحلية.

ونخبة من سفراء دول أفريقية أجنبية شكلوا حضوراً مسانداً لطالبات بلدانهم، تلألأ مسرح نادي الجامعة بالليالي الثقافية وفنون الدراما والغناء الجماعي والمنفرد والعزف بشقيه المنفرد والجماعي والشعر الملقى باللغتين العربية والإنجليزية والأفلام الوثائقية تخللت فقرات البرنامج.

توثيق مختلف

عكست تجارب لطالبات منهن من تخرجت وعملت في ذات الصرح ما يلفت الانتباه والتوثيق بأن الطالبة الأحفادية لها قدرة في الثقة بنفسها وتنضح روحها بالنجاح الأكاديمي، ولها الرغبة في أن تقدم ثمرة ما تعلمته في الأحفاد من عزيمة وقوة شخصية ومبادرة للتغيير وشهادات أكاديمية مكللة بالدرجات العليا، والود والتراحم بين الأساتذة والطالبات يشبه الترابط الأسري. أما العميد قاسم بدري فيُعد أليفاً وحليفاً لطالباته ليشرنّ إليه في القول بـ (بابا قاسم)، فهو الأب الروحي لهنّ وقائد سفينة الحرية المطلقة للطالبات داخل حرم الجامعة، وهو سر النجاح الأكاديمي والاجتماعي وقبول الآخر، وعمل تماماً بمقولة والده: “لا إرهاب في التعليم”.

موسى علماً في لجنة التحكيم

حضر الليالي الثقافية جمع غفير من أولياء الأمور وممثلي الجاليات ورموز بارزة من المجتمع، كما حل المعتمد ضيفاً في ليلة الختام، وازدانت الصفوف الأولى بأعلام لجنة التحكيم وعلى رأسهم الشاعر محمد يوسف موسى والموسيقار الفاتح حسين والأساتذة بدرالدين حسني ومصعب الصاوي والماحي سليمان والمخرج عبادي محجوب والدكتور كمال يوسف والأستاذتان هدى المأمون وداليا الياس، قدمت المدارس عروضاً جميلة وكانت روح التنافس عالية بينهنّ وطابع الإبداع يكسو جميع الأعمال حتى خشينا على اللجنة من صعوبة الاختيار، وحالف الحظ طالبات مدرسة علم النفس على الفوز بدرع العميد (الجائزة الكبرى).

فرَّاشات كالفراشات

كان الاحتفاء بشريحة الفرَّاشات وتكريمهنّ لفتة بارعة من قبل الجامعة، فهنّ يعملن كالفراشات نشاطاً وخفة روح، زُيِّن المسرح بمكانس شعبية رمزاً للعطاء وتقديراً لمثل تلك المهن المهمشة من قبل المجتمع، يكنسن من أجل تربية وتعليم أبنائهنّ لا إذلالاً للفقر، بل تضحية لا تقدر بثمن وجلسنّ في أوائل الصفوف وكُرِّمن، وتم تسليمهنّ هدايا وشعارات تقديسية وزغردنّ وسط دموع الفرح.

ولتكريم المعلمات وضعت صناديق في كل مدرسة لاختيار الأستاذ الأكثر لطفاً وتعاوناً مع الطالبات، فتم اختيار أستاذ من كل مدرسة، وفي نهاية التصفيات توجت الدكتورة شادية عبدالرحيم من مدرسة التنمية الريفية بالجائزة.

الكنداكة

مسابقة الكنداكة للشعر التراثي حفاظاً على التقاليد من خلال إحياء الشعر باللهجة العامية وارتباط التراث بالمرأة، وتذكيراً ببطولات النساء كملكات الكنداكة في عصر الحضارة النوبية. وللمرأة حقوقٌ في المجال العام والحكم بناءً على التجربة التاريخية لملكات الكنداكة، وكُرمت الفائزة الأولى بتتويجها كملكة كنداكة.

العنف الناعم

قدَّم الأستاذ عمر عشاري الناشط في حقوق الإنسان مبادرة لوقف العنف الناعم ضد المرأة في الفكاهة المتداولة. وأضاف: إن بعض النكات السائدة تدعو للعنصرية وتحتقر الاختلاف الإثني في السودان، وعرض إحدى حلقات مسلسله الكوميدي واتساب الممثل شكسبير يسخر فيه من الزيف في العلاقات التقليدية، ويدعو إلى الصدق والتحديث.

المحبة

لخص تجربة حياته العميد يوسف بدري في كلمة (الحب) وقال: “من سار في دروب المحبة خَلُصَ من شوائب الحقد والمكر والكذب والنفاق”، تجمع المحبة بين طالبات الأحفاد كأسرة واحدة دون الفوارق الجهوية والثقافية والدينية والاجتماعية، وكأنما يدرسن التآلف والتآخي كمادة أكاديمية في منهج مدارس الأحفاد، فهي منارة للمرأة في إرشادها والإدراك بحقوقها ودعمها كامرأة عاملة وأم مثقفة وناجحة في إدارة شؤونها مستقبلاً.