عالمية

صدمةٌ في الجنوب بعد تبرع سلفا كير بمليون دولار للمجاعة في كينيا


صدم شعب دولة جنوب السودان عندما تبرع الرئيس سلفا كير ميارديت بمبلغ مليون دولار لصالح المجاعة التى ضربت اطراف دولة كينيا، وبحسب مصدر مطلع بان ردود أفعال عنيفة جرت بوسط مجتمعات شعب جنوب السودان الذي يعاني من ولايات الحرب الاهلية بينما يتبرع سلفا كير لكينيا التى يبلغ الناتج المحلي لها السنوي (3) مليارات دولار، وفي سياق متصل غادر الرئيس سلفا كير أمس الى دولة ناميبيا بدعوة من الرئيس هيفيكبونى بوهامبا تستغرق يومين، وفي نيروبي دعت السيدة الأولى حرم الرئيس سلفا كير مارى عاين المعارضة بحزب الحركة الشعبية بالعودة عن الانقسام لان زوجها من شأنه ان يساعد في توحيد الحركة الشعبية مجددا، وناشدت زوجة الرئيس نساء بلادها في نيروبي بدعم سلفا كير، وفيما يلي تفاصيل الأحداث الداخلية والدولية المرتبطة بأزمة دولة جنوب السودان أمس.

سرقة السودانيين
احتج عدد من التجار السودانيين في مدينة أويل بولاية شمال بحر الغزال على عمليات النهب والسرقة التى يتعرضون اليها بصورة مستمرة في محلاتهم التجارية، حيث رفض بعضهم فتح المحلات حتى تضمن حكومة الولاية لهم الامان، وقال رئيس اتحاد التجار في اويل احمد حسين ابوبكر بان عمليات السرقة ادت لثبيط همة التجار.

جوبا تتماهى
تماهت حكومة دولة جنوب السودان في نفي التقارير التي زعمت بانها تستضيف متمردين اثيوبيين داخل أراضيها لمحاربة قوات المعارضة المسلحة التي يقودها النائب السابق زعيم المعارضة رياك مشار، وقال وزير الاعلام بولاية اعالى النيل بيتر هوث بانه ليس لديهم اى قوات أجنبية على اراضيهم ، لكنه لا يعلم شيئا عن وجود قوات اثيوبية متمردة، وفي ذات السياق قال المتحدث باسم قوات الجيش الشعبي العقيد فيليب اغوير بانه ليست لديه معلومات عن القضية، لكن صحيفة «سودان تربيون» بشكل مستقل علمت من مصادر اقليمية بان السلطات الاثيوبية تحقق في وجود تلك القوات بدولة جنوب السودان، بدوره قال المتحدث العسكري باسم المعارضة في منطقة بحر الغزال عبد الله كوت بان وجود القوات الاجنبية والمرتزقة في بلاده هو عار على الحكومة والشعب وانهم لا يستبعدون ان تقوم تلك الدول مثل يوغندا بغزو جنوب السودان عقب الحرب.

كمين ضد الحكومة
أعلنت المعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان بانها قتلت (13) جنديا حكوميا في كمين نفذته في ولاية الوحدة، وقال المتحدث باسم المعارضة المسلحة بيتر رياك جيو كان يبعد نحو 13 كيلو شمال مجمع بعثة الأمم المتحدة في مدينة بانتيو.
نقل أسرى الحرب
نقلت قوات الجيش الشعبي الحكومي (11) أسيرا من ولاية غرب بحر الغزال الى جوبا تم القبض عليهم خلال المعارك التى وقعت في مقاطعة راجا خلال الاسبوعين الماضيين.

إلاَّ بالانتصار
اعتبر متحدث باسم المعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان في اديس ابابا ان النزاع في هذا البلد الذي دخل شهره السادس عشر لن ينتهي إلا بالانتصار العسكري لاحد الطرفين، وصرّح لوني نغوندنغ المتحدث العسكري لحركة رياك مشار أن المعارك ستتواصل الى ان يهزم أحد المعسكرين عسكريا، وقال هذا الكولونيل السابق في جيش جنوب السودان بعد فشل محادثات السلام في اديس ابابا بين كير ومشار في السادس من مارس، ان العالم أجمع اتجه نحو جنوب السودان، لكن الدبلوماسية لم تقدم اي شيء. وصرّح لوني نغوندنغ حتى ولو تم التوقيع على اتفاق، فكيف ستقنعون الناس الذين قتلت عائلاتهم بقبوله؟ في اشارة الى المجازر والفظائع التي ارتكبت على اسس اثنية اثناء المعارك. ومع الإعراب عن شكوكه بشأن حل سياسي، اكد المتحدث باسم المتمردين مع ذلك ان محادثات السلام لم تنته وقد تستأنف.
اختطاف جديد للأطفال
قال صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف»، إن الحكومة والمعارضة في دولة جنوب السودان خطفتا خلال شهر واحد مئات الأطفال لتحويلهم جنودا، وأوضح جوناثان فايتش ممثل اليونيسف في جنوب السودان في لقاء مع صحفيين في جنيف امس «الجمعة» تلقينا معلومات تتسم بالمصداقية وتمكنا من التحقق في بعض الحالات من أن الحكومة والمعارضة خطفتا مئات الأطفال لتجنيدهم في صفوفهما، في سياق متصل زعم محافظ مقاطعة ملكال بولاية اعالي النيل بجنوب السودان، واو اقود دينق ان سلطات المقاطعة فتحت بلاغا ضد منظمة اليونسيف بشأن التقرير الذي اصدرته قبل شهرين تتهم فيها القائد جونسون الونج بخطف اكثر من (89) طفلا من إدارية واو شلك كانوا علي وشك الدخول للامتحانات للمشاركة في النزاع القائم بين طرفي النزاع بجنوب السودان، وقال المحافظ بانه كون لجنة من المحامين لكي تقود القضية وسوف تنعقد أول جلسة يوم 27 من هذا الشهر، وجدد زعمه بأن المنظمة اعترفت له ان التقرير كان خطأ وسوف يقدموا اعتذارا مكتوبا للحكومة قبل أن يعود ويؤكد عدم تقديمهم اعتذار حتى الآن، متهما المنظمات بالعمل على جلب المشاكل والفتن بين المواطنين.

نزع فتيل
أعلن وزير الإعلام والمتحدث باسم حكومة شرق الإستوائية بجنوب السودان، مارك أوكين بول إستقرار الأوضاع الأمنية بمحلية كوبيتا بعد التوترات الأمنية بين قبيلتي التوبوسا والتركانا، وذلك عقب تدخل السلطات المحلية من جانب الدولتين، ويشار إلي أن المنطقة شهدت توترات بعد ان أغلقت السلطات المحلية بمنطقة تركانا الحدودية لدواعي أمنية وذلك فاقم من شح المياه وإنعدام المراعي لماشية التوبوسا، وأوضح الوزير عقب زيارة لوفد من حكومة شرق الإستوائية للمنطقة أن الأوضاع عادت لطبيعتها بعد اجتماعات مع السلطات الكينية وبحضور قيادات من تركانا، كاشفا أن الأطراف اتفقوا على تفعيل الاتفاقيات السابقة بين المحليتين وخاصة الاتفاق المبرم في العام 2009 التي أشارت إلي إنشاء نقاط تفتيش مؤقتة لدواعي أمنية في حدود الدولتين، كما اكد رفع السلك الشائك من الحدود للسماح لماشية التوبوسا بالرعي في الأراضي الكينية، مشيرا إلى أنهم تركوا موضوع الحدود لرئاسة الحكومتين.

خرق لـ«أروشا»
قال الأمين العام السابق للحركة الشعبية بجنوب السودان ورئيس مجموعة المفرج باقان أموم، ان تصريحات رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بمثابة خرق لإتفاقية أروشا الداعي لوقف التصعيد الاعلامي السلبي بين الفرقاء بجنوب السودان، وجدد دعوته لكير ومشار بوقف الحرب بجنوب السودان والعمل لإعادة رتق النسيج الاجتماعي الذي مزقته الحرب، وأوضح أموم كرد فعل لتصريحات سلفا كير بميدان الحرية بجوبا الذي اتهم فيه معارضيه بأنهم وراء العقوبات التي تتجه المجتمع الدولي لفرضها على طرفي النزاع بجنوب السودان والسعي لوضع جنوب السودان تحت الحماية الدولية في حال فشل الأطراف المتصارعة في إنهاء الحرب. وتابع أموم سمعنا لحديث سلفا كير وأنه من المؤسف لأن تصريحاته بإعتبار خرق لإتفاقية أروشا الداعي لوقف الإعلام السلبي بين الفرقاء، واضاف نحن دعاة سلام وليس دعاة حرب على حد تصريحات كير، وجدد دعوته لسلفا كير ومشار بوقف الاتهامات الكاذبة والسلبية والتركيز على إنهاء الحرب والعمل لتنفيذ إتفاق أروشا لتوحيد الحركة الشعبية برؤية جديدة، وبشأن اتهامات كير بأنهم وراء مساعي المجتمع الدولي لفرض عقوبات، قال أموم بأننا لسنا وراء ذلك بأن تماطل طرفي النزاع المسلح والفشل في إنهاء الحرب بجنوب السودان هو السبب في دفع المجتمع الدولي لفرض عقوبات عليهما، وأكد من جديد بأنهم لم يرفضوا مطالب المجتمع الدولي في وضع جنوب السودان تحت الوصاية الدولية في حال فشل الطرفين في إنهاء الحرب وحمل الطرفين مسئولية إستمرار الحرب.
وفي السياق وصف الناطق باسم الحركة الشعبية المسلحة بقيادة مشار مناوا جادكوث، خطاب سلفا كير بأنه خطاب حرب، وأوضح جادكوث أن خطاب سلفا كير كان باحثا ولم يلمس جذور المشكلة ولم يطرح الحلول، وبشأن حديث كير بأنه لم يقبل مشار نائبا للرئيس قال بأن كير ليس الجهة التي يحدد ذلك، وقال ان السلام في جنوب السودان بات مرهونا بذهاب كير سواء سلما أو حربا وذلك على حد تعبيره.

رأس حربة
كتب نيكولاس كاوفمان، مستشار الشئون الاستراتيجية والعامة بالمفوضية الأوروبية فى بروكسل مقالا نشر على موقع «يوريشيا ريفيو» حول طبيعة العلاقات الأمريكية ــ الصينية فى القارة الأفريقية متناولا ما يدور حول تدخل الصين فى الشأن الداخلى لجنوب السودان للحفاظ على مصالحها أمام الولايات المتحدة. حيث يبدأ كاوفمان حديثه بأن جنوب السودان قد تلقى صفعة فى آخر مجموعة عقوبات دولية أصدرها مجلس الأمن الدولى، مع توقيع الصين على قرار تدعمه واشنطن، فى تحول ملحوظ عن سياستها بشأن عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى. حيث يشير إلى ما حدث قبل بضع سنوات فقط، من رفض لبكين بشكل قاطع التدخل فى أزمة دارفور، لتدعم الخرطوم.

ويوضح كاوفمان أن جنوب السودان يعانى حالة من الفوضى، بسبب الخلاف على تقاسم السلطة بعد إعلان استقلاله فى عام 2011، بمساعدة من الولايات المتحدة وبدعم من تطلع الصين إلى نفطه. وقبيل هذه الأزمة، أقال الرئيس سلفا كير الذى ينتمى عرقيا إلى قبيلة الدينكا القوية، نائبه رياك مشار من قبيلة النوير فى يوليو 2013، مدعيا أنه كان يتآمر للإطاحة بالحكومة. ونظرا لأن الدبلوماسيين الدوليين فشلوا سابقا فى معالجة الانقسامات المتزايدة داخل الحزب الحاكم، انقسم الجيش السودانى الجنوبى على أسس عرقية، لتغرق البلاد فى حرب أهلية مدمرة. وفى خلال أعمال العنف التى تلت ذلك، نزح مليونا شخص من أماكن اقامتهم وفقد عشرات الآلاف حياتهم، مع الاشتباكات بين الميليشيات الموالية لكل من كير ومشار. ويبين الكاتب أنه فى تحرك غير مسبوق، كسرت الصين مبدأ عدم التدخل، الذى اتبعته طويلا، وأرسلت كتيبة مشاة كاملة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لحماية المدنيين والبنية التحتية للبترول، الهشة فى جنوب السودان. حيث تنتج البلاد 5% من واردات البترول الخام إلى بكين وتمتلك شركة بترول «سى إن بى سى» للبترول المملوكة للدولة الصينية حصة 40% فى واحد من أكبر حقول البترول فى جنوب السودان. ويعتقد كاوفمان أن الاتفاق على العقوبات ليس فى قمة جبل الجليد، ولا يعنى أن واشنطن وبكين ستكونان دائما بنفس الاتفاق فى أفريقيا. حيث إن جنوب السودان مجرد واحدة من عدة بلدان أفريقية يتم فيها تحييد التوترات بين البلدين. فى الواقع، كما لاحظ كاسى كوبلاند من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات تعتبر قدرة الولايات المتحدة والصين على العمل نحو استراتيجية مشتركة للسلام فى جنوب السودان، حالة اختبار لقدرتهما على العمل معا فى القارة وخارجها.

ويتساءل كاوفمان، أنه برغم ذلك، هل كانت واشنطن وبكين فى وقت مضى قادرتين على التعاون حقا فى أفريقيا؟وفى محاولة للإجابة عن السؤال، يرى كاوفمان أن كلا من واشنطن وبكين تعتبران إفريقيا شريكا استراتيجيا طويل الأجل، واتخذت كل منهما خطوات فى السنوات الأخيرة لتوسيع العلاقات معها. ومنذ عام 2009، تعتبر الصين الشريك التجارى رقم واحد للقارة، متقدمة على كل من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة بهامش كبير. ورداً على ذلك، وضعت إدارة أوباما فى عام 2014 خطة ضخمة لاستثمار 33 مليار دولار، بهدف تعزيز الحكم الرشيد وخلق فرص العمل فى المنطقة. ويعتبر تناقص نفوذ الغرب فى أفريقيا وتزايد الوجود الصينى من أكبر التحولات فى توزيع القوى، التى يشهدها العالم اليوم.

ويرى كاوفمان أنه من سوء الحظ، أسفر الاختلاف الكامل فى نهج كل من القوتين فى علاقاتها الثنائية مع الدول الأفريقية، عن وضعهما على مسار تصادمى. ففى حين تستخدم الصين أنموذج عمل براجماتي يعامل الدول الأفريقية كشركاء على قدم المساواة، ويركز على البنية التحتية للاستثمار والبناء، تقدم الاستراتيجية الأمريكية المساعدات على أساس بناء مؤسسات قوية وتوسيع العمليات الديمقراطية. وبطبيعة الحال، كان القادة الأفارقة السلطويون حريصين على إبرام صفقات مع الصين، لتبعد الغرب ومطالباتهم بالإصلاح السياسي.

وبرغم ذلك يوضح كاوفمان أنه فى السنوات الأخيرة، كان الأنموذج الصينى يتطور ببطء نحو نهج التدخل. وكما أظهرت الأزمة فى جنوب السودان، لن تتورع بكين عن التورط إذا تعرضت مصالحها لخطر، مشيرا إلى البترول. ونتيجة لذلك، فقد أدركت أن الصعود إلى مكانة القوى العالمية العظمى سوف يتطلب إعداد شبكة أمان قوية أيضا. وحققت بكين بالفعل بعض الخطوات فى هذا الاتجاه، وقامت بتوقيع اتفاقيات الدفاع مع معظم الدول فى شرق أفريقيا من أجل الاستفادة من موقعها الاستراتيجى على بوابات القارة. وبالفعل، وقعت جيبوتى وكينيا ومدغشقر وموزمبيق هذه الاتفاقيات، بينما بدأت برامج تدريب مشترك محددة مع كينيا وموزمبيق وتنزانيا، وجنوب أفريقيا. وحتى ذلك الحين، كانت الاحتكاكات بين الصين والغرب محدودة، ولكن مع توسع الوجود العسكرى الصينى، سوف تصطدم بكين دائما مع أجندة الولايات المتحدة الخاصة. والأسوأ من ذلك، أن بعض الدول الأفريقية سوف تدير ظهورها بشكل متزايد لحلفائها الغربيين منذ زمن طويل.

ويشير كاوفمان إلى ظهور أولى علامات ذلك فى جيبوتى، الدولة الأفريقية الصغرى شرق القارة، حيث أقامت الولايات المتحدة أكبر قاعدة عسكرية أفريقية لها. ومع ذلك، على الرغم من أن المصالح الأمريكية كبيرة هناك، تخلى الرئيس إسماعيل عمر جيلة عن التزاماته تجاه واشنطن عندما وقع اتفاقية دفاع مع الصين فى العام الماضى. وهناك الآن حديث عن بناء قاعدة عسكرية صينية فى البلاد، وهى الخطوة التى لن تمر دون أن يلاحظها أحد فى البيت الأبيض. وعلاوة على ذلك، دعت الحكومة الجيبوتية الصين إلى المساعدة فى أعمال المراقبة، بما فى ذلك الرادار، وأماكن إضافية فى مراكز التدريب العسكرى للصين، وأعلنت استعدادها للسماح للسفن الصينية الوصول إلى موانئها وتعزيز التعاون العسكرى. ويمضى جيلة حاليا فترة رئاسته الثالثة على التوالى، وتلقى أيضا عدة استثمارات بمليارات الدولارات مقدمة من الصين، وهى، على عكس المعونة الأمريكية، المشروطة.
وفى ختام المقال يؤكد كاوفمان أنه لا شك فى أن صعود دور الصين فى أفريقيا يقلق أصحاب المصلحة الذين لديهم التزامات طويلة الأجل فى المنطقة. لكن مواجهة النفوذ الصينى يجب ألا يثنيهم عن الضغط من أجل تحسين الحكم وإقامة مؤسسات سياسية أقوى. وبسبب جميع الوعود باستثمار المليارات من الدولارات، وتغيير موقفها فى جنوب السودان، يرى الكاتب أن الصين ما زالت تعتبر الراعي الرئيسة في القارة. ولن تقف واشنطن موقف المتفرج.

المثنى عبد القادر
صحيفة الإنتباهة