منوعات

ميزة الترغيب: التهديد.. وسيلة عاجزة لتحقيق الأهداف


عندما تستمع في منبر ما إلى تهديدات أياً كان قائلها مسؤولاً أو داعياً أو خلافهما، تدوي في أذنيك كلماته كالصاعقة فيعتريك الخوف والإحباط وربما تشعر بالإهانة والاستصغار، حيث يعد التهديد من أقصر الطرق لتحقيق الهدف، لكن نتائجه تكون بائسة وقصيرة المدى، ينتهي أثرها بزوال المهدد، ما يعني طاعة المأمور آمره لحظة صدور الأمر.

ليس كل من يخاف جباناً وأنما يأتي الخوف أحياناً تحسباً لبعض الأمور، فهنالك حكام وإدارات وجماعات وأفراد وحتى أزواج ينتهجون التهديد كسلاح سريع النتائج يتوسل الأساليب الإذلالية، التي لا تثمر إلا مزيداً من الحيل لدى المُهدد حتى ينجو من قبضة من يهدده.

وفي ذلك نجد أن الطفل المهدد من قبل والديه يتحايل عليهما لإرضائهما وفي ذات الوقت يفعل ما يريده بعيداً عنهمت لأنه ليس مقتنعاً بما يأمرانه به، فقط هو مغلوب على أمره.

جوانب من المحاضرات

في إحدى محاضرات الداعية طارق سويدان، قال: صحبت أبي للصلاة في الحرم، وعندها كنت صغيراً، وبعد انتهاء الصلاة خطب فينا الداعية (كشك) وعندما سمعت قوله يا ويلكم يا ويلكم من عذاب النار، ساعتها تملكني الخوف، لماذا ندخل النار ونحن نصلي في الحرم؟ فقال لي أبي لا يقصد الشيخ بأننا سوف ندخل النار، وشرح لي بوضوح حتى اقتنعت بمقصده، فأردفت لماذا لم يحدثنا عن الجنة حتى نستمر في سماعه؟”، لذلك ينتهج السويدان الوسطية في دعوته بعيداً عن التزمت ويحبه ويستمع إليه ملايين الشباب.

أسلوب عاجز

التهديد من الأساليب العاجزة يستند عليها بعض من المفتقرين لأسس الحوار والإقناع، وفي هذا الزمان بات كل من له هدف ينتفش مهدداً ومندداً للوصول لغايته. وفي السياق، تقول منال مليح: في أرجاء العالم الحكام يهددون الشعوب والعصابات تهدد وأولياء الأمور وحتى الأساتذة في المدارس يهددون الأطفال بالجلد عندما لا يدفعوا جنيهات الدروس العامة كما يسمونها. وتضيف لا تقرأ خبراً إلا تتصدره كلمة تهديد، ما زالت جعبتنا فارغة من ثقافة الحوار والترغيب في الأمر بدلاً من التهديدات ونتائج الأول مقنعة وأثرها باقي.

تهديد خاطئ

هناك من الأزواج من يهدد دوماً لتحقيق رغباته. وعن ذلك تقول الأستاذة منال تقول هذا أسلوب الأزواج، ولكن نحن مسالمون وقنوعون، ونحب نعيش في جو مستقر، ويجب على الزوج احترام زوجته وتقديرها لأنها شمعة تحترق لتضيئ للآخرين، ونحن من جانبنا ما بنقصر معاهم. فسألتها رأيها في المثل القائل: “المرة دقها بأختها” أليس هذا نوع من التهددي الخاص؟ فأضافت والغضب يغمر عينيها: “ده ما تهديد، دي حرب عديل يكون في الآخر جزاءنا الإجحاف في حقنا؟” وختمت حديثها: “نحن برضو بنهدد وعندنا أسلحتنا إذا دعا الأمر”. في ذات السياق، يحكي أحد الشباب قال بخاف من مرتو أظنها بتهددو قام كلم أصحابو قالوا ليهو: أهرشها بتخاف منك ولما ترجع البيت بتعمل ليك حركات قول ليها هيي يا مرة فتحي عينك دي، سمعته نصيحة أصحابي مشيت، وأول ما دخلته البيت سألتني من حاجة رفعته ليها أصبعي، وقلته ليها: “يا مرة هيي فتحي عينك دي – نظام هرشة- الساعة الجاتني ليك طايرة قالت لي أها لو ما فتحتها وريني عايز تعمل شنو؟ قلت ليها يا زولة على كيفك ما عايزة تفتحيها ما تفتحيها”.

وجهان لعملة واحدة:

التهديد والترغيب وجهان لعملة واحدة، نجد المهدد ينتعش عندما يعتلي منصته والكل يسمع له ليس خوفاً بل لأنه الناهي والآمر في تلك السانحة، وعندما ينتهي من ثورة تهديداته لا يجد غير الصمت الغامض والمريب، فتحتويه الانهزامية ويتملكه شعور الخوف أكثر ممن هددهم؛ لأنه يخشى عواقب الصمت، أما المتحاور المرغوب في حواره نجده ثابت الخطى له قاعدة بيانات يرتكز عليها بحواره يبدأ بتقييم قاعدته ومستمعيه أولاً ويزرع الثقة في أنفسهم وفي ذاتهم، مما يجعل الحوار أخذ وعطاء وتبادل آراء، فتكون حصيلته مقنعة للجميع، وذلك ما يميز بين المتعلم المثقف المحاور والجاهل قليل الفهم سالكاً التهديد سبيلاً للوصول لغاياته.

تهديدات من الطبيعة

أخذت الكوارث الطبيعية حقها من التهديدات، ونسمع من حين لآخر خطورة ثقب الأوزون على العالم وسقوط المذنبات يهدد الحياة على الأرض تبلغ القلوب الحناجر خوفاً “نقول خلاص القيامة قربت”، تفتح التلفزيون داعش وبوكو حرام واقعين في العالم ضبيح على قول (كشك): “يا ويلنا من كثرة المهددات والتهديدات، فالعالم أصباح مهدداً بمصطلح التهديد نفسه”.

الأمن والأمان:

لكل من جلس في منصبه يدير دائرة خاصة أو عامة وكل أولياء الأمور والمعلمين والجماعات والأفراد وحتى الأزواج عليهم بالتحاور والانسجام وبث الأمن والأمان فيمن تترأسونهم، ويكون الشعار الفكر والثقافة والحوار ومراعاة كل الزوايا الاجتماعية والشخصية والعملية ارتقاءً لدرجة التقدير وقبول الآخر ترغيباً لا تهديداً.

اليوم التالي