مكي المغربي

من الكوميسا 18 (1)


طبعا في القمة السابقة “الكوميسا 17” في كينشاسا، موسيفيني أبدع وبدّع و “فضفض”، وألقى خطبة قوية للغاية تجعلك تتناسى أدواره الإقليمية الأخرى التي جعلت البعض يراه “خليفة القذافي” في أفريقيا.

(أنا سعيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية وافقت أخيرا على فكرة القمة الأفريقية الأمريكية، وهنالك أيضا القمة الأفريقية الأوربية، ولذلك يجب أن تركز إستراتيجيتنا على تنمية البنى التحتية، نعم يمكننا الحديث عن أمور أخرى تعجب الغربيين مثل الشذوذ ولكن على كل حال حتى الشواذ يحتاجون للكهرباء، ولهذا يجب أن تكون أولويتنا في أي منبر هي الكهرباء، السكك الحديدية، تكنولوجيا الإتصالات، شبكات المياه على الأقل في المدن، التعليم، الصحة، هذه هي الأمور التي نركز عليها).

بالطبع موسيفيني لديه معركة خاضها ويخوضها ضد الغربيين وصلت إلى حد تشريع قانون يقضي بإعدام الشواذ جنسيا. وقد كتبت من قبل في العام 2010 مقالا بعنوان “حوار مع الجماعة إياهم” وفيه تفاصيل كثيرة لأنه كان من وحي معركة بسبب إقحام أحد أذرع الاتحاد الأوربي بند الشذوذ في مؤتمر إعلامي تحت غطاء “الحياد والمهنية في تغطية أخبار الشواذ!” وفي ذلك نكات كثيرة، ولكن كان حظ الغربيين سيئا للغاية في ذلك المؤتمر، وكانت نتائجه مرجحة للتيار الداعم لمسودة القانون في البرلمان آنذاك.

في الكوميسا 17 في فبراير العام الماضي سلّم موسيفيني رئاسة الكوميسا للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا والذي سيسلمها بدوره لرئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسلان في ختام القمة في آخر مارس هذا العام.

واصل موسيفيني في خطبته الساخرة قائلا:

(تصدير المواد الخام شكل جديد وعصري لتجارة الرقيق في أفريقيا، في يوغندا على سبيل المثال، اكتشفنا النفط في العام 2006 وحتى الآن لم نستخرجه بسبب خلافاتنا مع شركات النفط التي رفضت من البداية بناء مصفاة نفط! لقد رفضنا عرضهم وقلنا لهم لقد سمعنا “شائعات!” تقول بأن البشر الذين يعيشون هنا في البحيرات الكبرى يحتاجون منتجات النفط).

لم تكن الخطبة مجرد “شلاليت” يوغندية ولكن كانت هنالك نقاط عميقة:

(الإقتصاد المعاصر يعتمد على الزراعة من أجل التجارة والصناعة، الخدمات، وتكنولوجيا الإتصالات، وخدمة مدنية فعّالة، ولكن كل هذا لا قيمة له إذا لم يكن لدينا عمالة ماهرة وسوق كبير يستوعب ما ننتج، هذا بالإضافة للبنى التحتية).

على العموم بدأت الكوميسا بإجتماعات الخبراء واللجان ثم وزراء التجارة ثم يأتي الدور على وزراء الخارجية ثم يأتي الدور على الرؤساء الذين يمثلون دول شرق وجنوب أفريقيا المنخرطة في الكوميسا.

لقد أصاب الكوميسا وهن شديد بسبب قيام كتلة “شرق أفريقيا” التي تقودها كينيا وكتلة جنوب أفريقيا “سادك” وهي الأسد الإقتصادي الذي يزأر فيهابه الجميع، كتلة قوية ومتماسكة لأن محورها دولة صناعية وقوية.

كيف ستنجو الكوميسا؟ وكيف ستهض وهي أقوى؟ هذا ما تناقشه القمة التجارية في شكلها والسياسية في حقيقتها، مع شيء من الفضفضة وتوصيل الرسائل والتشبيك وتوسيع النفوذ.