فدوى موسى

جـــوة الإنــــدايــة


الباب مشرع على جانبيه للداخل دون أن يطرق أو ينتظر إذن الولوج، لحظات وتجد نفسك في ذلك الموقع الذي يمكنك القول عليه إنه يجعلك تحس بتموضعك في مركز الكون وعمق السعادة..الرفاق من حولك يمارسون الوهم ويدعون حقيقته، تنسى هناك قيمتك ككاتب عاقل يمتلك الحكمة، وتبدو كما الأنعام، مترنح الوعي، ثقيل البدن، محلق الأفق.. وإمعاناً في ذات البقاء في الحالة تلاحق الكأس بالكاس والشربة بالشربة حتى تختل كل «بيولوجيتك» وتبدو كأنك لا تخضع لكيمياء البشر المعتادة، تتحسس بعضاً من بدنك، فتجد أنك مبتل الخاطر، ونتن الفوح، فتعرف أنك صغرت نعمة الخالق عليك، فلا تجد ما يفيقك إلا أن تفتعل بلا وعي خلافاً مع أحد أمثالك، وتنهي الأمر بإراقة بعض الدماء أو كل الدماء، وتدوي صافرات العسس من حولك وتفتح أبواب «سين سؤال.. جيم جواب» عندها فقط تعرف أنك قد صحوت تماماً من كابوس البحث عن تغييب العقل، وإدعاء الفرح الكاذب قد تفر منك دمعة، ولكنها أي أم الكبائر، قد ذهبت بك بعيداً.. يباغتك بسؤاله مقدمة بعبارة فتح المحضر، أنه في يوم الساعة قمت بقتل.. في الأنداية المعروفة ببيت الوهم و…. فتستفزك كلمة «الإنداية» وأنت ابن الحسب والأصول تعرف رأسك لتقول شيئاً، لكنك تحس بالعجز، فالحقيقة انك كنت في «الإنداية» وسكرت حد السكر، ووصلت مرحلة استلاب الآخرين حياتهم ودمائهم، فماذا أنت قائل!.

«لا أنكر أنني كنت هناك حيث مسرح الجريمة، ولا أذكر إلا أنني قد تشاجرت مع الهالك ولا أعرف سبب تلك المعركة، ولكنني على حق و… و…. فيقطع عليك المتحري الحديث «يا زول هوي خلي الفلسفة دي انت كنت سكران لط وكاتل ليك روح، اتكلم عدييل وخلي التنظير» عندها تعرف كم ارجعتك تلك الجرعات التي ارتشفتها عن دنيا التمايز والتصنيف الى ما وراء الآدمية، بل الى ما وراء حكمة خلق الله للبشر هكذا حادث «عبدو» الرفيق القادم الى الزنزانة، وهو يمارس اجترار ذكرى الواقعة، فقد أتى الآخر تحت ذات الجرم وذات التسلسل، فقد وجد باب الإنداية مفتوحاً- كما حكى ومارس ذات التفاصيل، وإدراك ذات المصير، وها هو يؤانس عبدو وهو يؤانسه، ويلعنون أصل من ابتدع الخمر وعاقرها، أجدادنا الأوائل كيف توصلوا الى زمرتها المدمرة، ولكن لا يكفي السب والشجب والإدانة عن إدراك عقوبتها الواجبة، لأن سنبلتها تفجر مائة حبة من الذنوب المضاعفة.

آخر الكلام: دائماً أبواب الشر مشرعة والطريق الى الجرم سهل جداً، فإن وجدت نفسك داخل «الإنداية» ما عليك إلا أن تعرف أنك بدأت بطريق العقوبات والتحري و… أفيقوا بالله، فالعالم لا يحتمل مثل هذا التغييب والتغبيش للوعي.

مع محبتي للجميع