جمال علي حسن

قائمة الإرهاب السودانية ٢


هذه مواصلة لمقال الأمس.. فالفكرة التي ناقشناها وطرحناها تحتاج للكثير من التداعي والعصف الذهني..

قلنا إن المجتمع السوداني لم يعد محصناً ضد الإصابة بداء التطرف بعد أن أتاحت الظروف مجالا واسعاً لبث أفكار بعض المدارس الفقهية التي تمهد الفرصة لاستقبال الفكر المتعصب والمتطرف.

وقد استشهدنا بتصريحات أمين عام مجمع الفقه وتعريضه بالفنانين وتلك الأزمة التي احتواها دكتور عصام البشير بزيارة تطييب الخواطر التي قام بها لاتحاد الفنانين لكنني أنظر لما قام به دكتور عصام البشير كإجراء إسعافي استخدم فيه عقاقير (التخدير الموضعي) لهذا الألم وليس العلاج الناجع والنافع له والذي يبدأ بمواجهة جريئة وجراحة كاملة لاستئصاله.

دكتور عصام البشير في حديثه للفنانين قال إن الفقه الإسلامي به مدارس مختلفة بعضها وسطي وبعضها متشدد أو متعصب أو متطرف لست متأكداً من اللفظ الذي استخدمه بالضبط لكنه قال لهم إن ذلك موجود في كل المجالات وإن الفن أيضاً له مدارس معتدلة وأخرى متطرفة وقال فيما معناه إنهم يجب أن يحترموا تلك المدارس والتوجهات المختلفة.

وهذه هي المشكلة.. التطرف والشذوذ في الفن أو في أي مجال آخر تمنعه وتردعه قوانين وأعراف ولا يجد فرصة كبيرة للانتشار إلا في ظروف الفوضى لكن التطرف الديني في مجتمعنا لا تواجهه تلك الهيئات بالحسم والحزم المطلوب، بل بالكثير من التساهل معه واللين وتعتبره رأياً فقهياً معترفاً به ومدرسة فقهية.. المشكلة أن دكتور عصام ومجمعه ليست لديهم على مايبدو خطوط حمراء واضحة بالنسبة لنا تمكنهم من السيطرة على مثل هذه النزعات والأفكار المتطرفة.

والدليل على ذلك أن بعض أتباع تلك المدارس المتطرفة ودعاة مناهجها لهم تمثيل على المستوى القيادي في المجمعات والهيئات الإسلامية المسؤولة عن الفتوى وإبداء الآراء الفقهية في أمور الناس في بلادنا.. ولديهم تمثيل حتى داخل البرلمان.. بل بعضهم أئمة وخطباء في مساجد البلاد.

هناك خلل وحالة من الاستسلام أمام الأطروحات الفقهية المتشددة والمتعصبة التي تفرخ تكفير المجتمع وتنتج الإرهاب.

طرحنا بالأمس مقترحا بإعلان قائمة إرهاب سودانية رسمية.. فقد ظل السودان يطمح ويسعى فقط لرفع اسمه من قوائم الإرهاب الدولية.. فلماذا لا تكون للسودان قائمة إرهاب خاصة به يدرج فيها كل الجماعات والمجموعات بل حتى تلك الدول والأنظمة التي تهدد أمنه الاجتماعي والديني؟.

ما المانع من حظر نشاط كل الجماعات المتطرفة سواء كان تطرفها هذا خلف لافتات اسلامية أو يهودية أو مسيحية أو حتى غير دينية.

ففي زمان الدواعش والصهاينة والصفويين لم يعد الفكر الإنساني محصناً ضد المنع والحظر والطرد.. لم يعد بالإمكان ترك هذه الأفكار تدمر المجتمعات وتفخخ العقول..

الفكر المتطرف في كل شيء لا يحمل ذرة خير واحدة للإنسانية ولذلك لا يجب أن يخضع لنظريات وقانون حرية التفكير والاعتقاد.. هو فكر مدمر وليس عيباً ولا مستغرباً أن تتجه بلادنا لتبني هذا المقترح والإعلان عن قائمة سودانية مستقلة للمنظمات الإرهابية تدرج فيها أسماء كل الجماعات والمجموعات والمليشيات التي تهدد الأمن والاستقرار في السودان.. بعد حظر نشاطها.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.