الطيب مصطفى

بين الترابي والكادوك!


أكاد أجزم أن تغييراً هائلاً عصف بشخصية الدكتور الترابي الذي ما عاد ذات الرجل أو ما عاد حتى الشبيه بتلك الشخصية المدهشة المتوقدة الذهن التي لطالما ملأت الدنيا وشغلت الناس ذات يوم وأخطر من ذلك أن الترابي ما عاد ذلك العاشق المتيَّم للحريات السياسية فماذا دهى الرجل؟!.

أقول هذا بين يدي الخبر الذي أوردته معظم الصحف السودانية حول حظر الترابي (منبر أهل الرأي) الذي تديره بعض الكوادر الشبابية داخل حزبه بحجة أن تلك الكوادر تتبنى خطاً مناوئاً للحوار الوطني وأن الترابي رضخ لاعتراضات بعض قيادات الشعبي التي لم ترض عن الخط الذي يقوده الشباب وقام بإصدار قرار يمنع فيه أولئك الشباب من استخدام قاعات دار الحزب في التعبير عن رأيهم!.

لا يساورني أدنى شك في أن من قاد الحملة على الشباب هو كمال عمر الذي بات الآمر الناهي في المؤتمر الشعبي، وأهم من ذلك المسيطر بالكامل على الترابي بعد أن انفرد بالشيخ للدرجة التي توشك أن تجعلني ألوذ بتفسير واحد لا أجد أقوى منه رضي من رضي وأبى من أبى وضحك من ضحك، ألا وهو السحر إذ كيف لرجل محدود القدرات قليل التجربة مثل كمال عمر أن يسيطر على تلك الشخصية العالمية الخطيرة والتي أحدثت من الأثر على المشهد السياسي السوداني على مدى نصف قرن من الزمان لربما ما لم يحدثه شخص آخر في تاريخ السودان الحديث؟!.

استغرابي لاستخدامي هذه الكلمة (السحر) لا يقل عن اندهاشكم قرائي الكرام، فما يحدث في السودان مدهش ورب الكعبة، ومالي أذهب بعيداً؟ فأنا لست وحدي من أخذ يستنصر بعالم الغيب (أو السحر) لإيجاد تفسير لما يحدث في السودان بعد أن أعياه التحديق في عالم الشهادة، عله يجد ما يعينه على إدراك الغرائب والعجائب التي تحيط بالمشهد السياسي في السودان، فها هو صديقي العزيز محمد عيسى عليو يكتب مقالاً مدوياً بعنوان: (السودان والسحر المدفون) مبدياً اندهاشاً لما يشهده السودان من تعقيدات غير مبررة بالرغم من أن الحلول ظاهرة للعيان وتوشك أن تصرخ أمام أنظار اللاعبين في مضمار السياسة السودانية.. وها هو الأستاذ علي نايل يتحدث عن (الكادوك) الذي يستخدمه المؤتمر الوطني للسيطرة على الاتحادي الأصل!.

أرجع لأقول إن ما أعياني فهمه أن يمسك كمال عمر المستجد في عالم ساس يسوس بخناق الترابي في غياب كامل لمن عركتهم السجون واختبرتهم الابتلاءات من قادة الحركة الإسلامية قبل أن يولد كمال عمر.. أين عبد الله حسن أحمد، أين إبراهيم السنوسي، أين بشير آدم رحمة، أين خليفة الشيخ مكاوي، أين وأين وأين؟ لا أثر لهم والترابي يتخذ كمال عمر مستشاراً أوحد لا يتلقى إلا منه وهو الذي لم نسمع به أيام المفاصلة حينما كنا نجري وغيرنا بين القصر والمنشية لرأب ذلك الصدع الذي لا نزال نتمرغ في رمضاء تداعياته.. المحبوب عبد السلام قال إنه لم يعرف كمال عمر حتى عام 2006م وهلم جرا!. فمن هو كمال عمر يا ترى؟ وما هو الدور الذي يقوم به ولمصلحة من؟

قبل عامين كان كمال عمر أكثر من يناصبون الإنقاذ العداء من داخل معسكر فاروق أبو عيسى وكان حامي حمى الحريات، والذي كان يرى القذى في عيون الإنقاذ شجرة ضخمة مستقبحاً حتى المستحسن من أعمالها ورامياً لها بكل شرور الدنيا. أما اليوم فحدّث ولا حرج! إنه (الكادوك) صاحب السر الباتع!

في إحدى الجلسات قبل أشهر سألت الترابي في حضور كمال عمر ومدير المكتب تاج الدين بانقا.. هل (حصّلت) يا شيخ حسن أن يُصر الشعبي على الحوار حتى لو اعتقل الترابي؟ أبدى الرجل دهشته ورفع حاجبيه وتساءل: حتى لو اعتقل الترابي؟!.

لم يكن الترابي يعلم بما قاله كمال عمر مما أبرزته بعض الصحف في مانشيتات حمراء! تدخل تاج الدين ليقول للترابي إن ذلك كان تصريحاً لكمال عمر فصمت الترابي وكأنه مخدَّر!.

ألم أقل لكم إن الترابي مغّيب بعد أن تمت برمجته بـ(كادوك) باتع؟

لذلك لا تندهشوا أن يتحول الترابي إلى كائن آخر غير ذلك الذي أحدث المفاصلة لأسباب تافهة بالمقارنة مع ما يحدث اليوم، لكنه ينقلب الآن ويلعب دور المحلل الأكبر والمشرعن للمشهد السياسي الحالي ويجيز كل ما يفعل كمال عمر من ألاعيب يخرق بها عهدي وميثاقي خريطة الطريق واتفاق أديس أبابا اللذين أسهم حزبه في صياغتهما أو إبرامهما، بل الأخطر من ذلك أن يعيد صياغة آلية سبعة المعارضة ساحباً حق الاختيار من الأحزاب ومستخدماً أساليب لا يجيدها إلا الشيطان الرجيم، متخذاً من مبدأ الغاية العرجاء تبرر الوسيلة غير الأخلاقية منهجاً ومرجعية تحكم حياته الجديدة.. ولله في خلقه شؤون!.


‫2 تعليقات

  1. لا يوجد سحر ولا كادوك في السودان… ولا أرى مصدر للاندهاش طالما عرفنا أن السودان محتل من قبيلة الكيزان أخوان الشيطان، وهم بالضرورة لا يحتاجون لسحر… فقد فاقوا سوء الظن العريض!

  2. انت ذاتك بعد شوية بتخرف زيو وبضربك الزهايمر
    خلو السودان لابناء السودان القادمون من رحم الشقاء والقابضين علی جمر الصبر ….ودولة الظلم الی زوال