سياسية

التجاني سيسي “1” من السهل رمي الناس بالاتهامات.. هل تحدث المراجع العام عن فساد في السلطة الإقليمية؟


في منزل الدمنقاوي الفسيح بحي المحاطفين العريق في مدينة زالنجي الوريفة كان حوار صحيفة (اليوم التالي) مع الدكتور التجاني سيسي محمد أتيم رئيس السلطة الإقليمية لدارفور ورئيس حزب التحرير والعدالة القومي.. طرحنا عليه عددا من الأسئلة منها المتعلق باتفاقية الدوحة لسلام دارفور واقتراب انتهاء أجلها وإمكانية تمديدها، فضلا عن المشروعات التنموية التي تم تنفيذها والمبالغ المخصصة لها إلى جانب عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها.. سألناه عن أموال المانحين ودار الحديث عن وجود فساد مالي بالسلطة الإقليمية وعرجنا معه إلى العودة الطوعية والمستوطنين الجدد والتعويضات والعدالة وظاهرة الصراعات القبلية وانتشار السلاح.. عرج بنا الحديث كذلك إلى مسائل الحوار الوطني والانتخابات والتقاطعات الإقليمية والدولية في قضية دارفور.. لم ننس أن نناقش في حضرته قضايا المطالبة بخروج بعثة اليوناميد واستفتاء دارفور وإمكانية دخول الحركات الإسلامية المتطرفة إلى دارفور.. هذه الأسئلة وغيرها كانت حاضرة في حوارنا مع السيسي الذي رد عليها بكل طيبة نفس وأريحية وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار.
* * دخلت اتفاقية الدوحة لسلام دارفور عامها الرابع ولم تحقق أهدافها حتى الآن.. كيف تنظر لهذا الأمر؟
– طبعا أنا أختلف مع من ينظر لها من هذه الزاوية.. وأنا أعتقد أن هذه الاتفاقية حققت أهدافا كثيرة.. وصحيح نحن واجهنا تحديات كبيرة جدا لكن الحمد لله وفي إطار تنفيذ الاتفاق تم تحقيق الكثير.. إذا نظرنا إلى القضية الأمنية ونذكر جميعا أنه حينما وقعنا على الاتفاق وحضرنا إلى السودان كانت هناك مجموعات من قوات الحركات المسلحة غير الموقعة على وثيقة الدوحة للسلام موجودة في دارفور، وكانت موجودة في (جنوب دارفور، وجنوب السكة حديد، ولديها أثر كبير جدا في منطقة شرق الجبل، وكانت موجودة في شمال دارفور)، وكانت نشطة ضد القوات المسلحة والشرطة، وكانت الكثير من الطرق المهمة التي تربط مدن الإقليم بعضها ببعض يصعب التحرك فيها بيسر.. والآن إذا نظرنا إلى الحركات غير الموقعة على السلام ووضعها الميداني، فالوضع طبعا معروف لدينا تماما؛ تحررت جنوب دارفور تماما من أي وجود للحركات المسلحة، وتحررت شرق دارفور من أي وجود للحركات المسلحة، وغرب دارفور خالية تماماً من الحركات المسلحة، ومنطقة وسط دارفور باستثناء أعالي جبل مرة، وقد تم تحرير أغلب هذه المناطق بما فيها منطقة شرق الجبل، وطريق (الفاشر نيالا)، الذي كان من قبل مقطوعا، الآن أصبح مطروقا لكل المواطنين، ولكل الشاحنات.. وفي شمال دارفور انحسرت بعض المجموعات في أقصى شمال دارفور، وهناك مجموعات صغيرة.. واذا أخذنا السلم الاجتماعي فصحيح كانت هناك مواجهات قبلية ولكن الحمدلله أيضا انحسرت هذه المواجهات القبلية بفضل جهود بذلت لإنهاء الصراعات القبلية.. في جنوب دارفور كان هناك صراع بين (البني هلبة والقمر) والحمدلله انتهى هذا الأمر وكان هناك صراع أيضا بين (التعايشة والسلامات) وأيضا هذا الصراع هدأ وهناك أيضا مساع مستمرة لحل هذا الصراع وجبل عامر هدأ أيضا وتبقت مشكلة شرق دارفور وهذه مشكلة تاريخية.
* تبقى لعمر الاتفاقية أربعة أشهر فقط وبحلول الرابع عشر من يوليو القادم سيكون عمرها انتهى تماما.. هل هناك اتجاه لتمديد الاتفاقية حتى تنفذ بقية بنودها؟
– قبل أن نذهب إلى انتهاء أجل الاتفاق هناك برنامج إعادة الإعمار والتنمية الذي تحقق فيه الكثير.. ونحن نفذنا مشاريع في نصف محليات دارفور، والآن نتجه لإنفاذ هذه المشاريع في النصف الآخر من المحليات، وهذه المشاريع مشاريع قائمة، ويشهد عليها أهل دارفور.. أما أجل الاتفاق فينتهى في يوليو، وأمر مد أجل الاتفاق يعتمد اعتمادا قويا جدا على الشركاء، ولكن نحن الآن ننشغل بإنفاذ الاتفاق، وعلينا أن نعمل من أجل أن ننفذ ما تبقى من بنود حتى نهاية يوليو القادم، وبالطبع لا نفكر في ما بعد يوليو الآن، فالأمر متروك للشركاء.
* حسنا: تضمين الاتفاقية في الدستور هل يتيح لها أن يتم تمديد أجلها لجهة أنها أصبحت جزءا من دستور البلاد؟
– طبعا تضمين الاتفاقية في الدستور أمر مهم، وهذا يعني أن كل المكتسبات التي جاءت في الاتفاقية حقيقة الآن هي مضمنة في الدستور، والدولة ملزمة بأن تستمر في إنفاذ هذه الوثيقة حتى يتم إنفاذ كامل بنودها.. واذا نظرنا للجدول المرفق بالوثيقة نجد أن الكثير جدا من البنود نفذت، وكان آخر بند هو بند الترتيبات الأمنية، والحمدلله تم إنفاذ هذا البند.. طبعا صحيح المواطن بطبعة قلق ويود أن يشاهد أو يرى مشاريع تنمية تقوم بين يوم وليلة، ولكن إعادة الإعمار يحتاج لوقت، وأنا أقدر قلق المواطنين، ولكن أيضا نحن واجهتنا قضية الإمكانيات، والذي أتيح لنا في العام الثاني مبلغ (800) مليون جنيه، ولكن الحمدلله الآن أتيح لنا مبلغ إضافي (900) مليون جنيه، وسنقوم بتمويل ما تبقى من المشروعات.
* تحدثت عن المشروعات التنموية التي نفذتها السلطة الإقليمية، لكن في الواقع نجدها دون الطموح.. كيف ترد على هذا الحديث؟
– إذا كان هناك فرد يعتقد أنها دون الطموح فأنا طبعا لا أتفق معه، وإذا استفتيت آراء المواطنين في المناطق التي تم إنفاذ بعض المشاريع فيها تجد أنهم حقيقة بقدر ما تم من إنفاذ لمشروعات تنمية في تلك المناطق، ولكن كان يمكن أن يكون أفضل إذا أتيحت لنا إمكانيات كبيرة.. ونحن عدنا من الدوحة في ظروف اقتصادية سيئة كان يمر بها السودان، ولم تتح لنا إمكانيات في العام الأول، وأتيحت لنا إمكانيات في العام الثاني، وكل ما تمت إتاحته في هذا العام مبلغ (800) مليون، وتم صرفها على (315) مشروعا تنمويا، ولذلك نجد أن كثيرا من المواطنين، وخاصة في تلك المحليات التي لم تشملها مشروعات الحزمة (أ) من المصفوفة، يعتقدون أن هذا الأمر إجحاف في حقهم، ولهم آراء أخرى.. وهذا في حد ذاته صحيح، ولكن نقول إننا قسمنا هذه المحليات لقسمين؛ نتيجة لضمور الإمكانيات المالية، ونتيجة لأن ما تم إتاحته لنا من مبلغ لا يكفي لقيام (1071) مشروعا.
* لكن المشروعات التي تتحدث عنها هي مشروعات إسعافية كان يجب تنفيذها بعد ستة أشهر من توقيع الاتفاق.. ما هي الأسباب التي أدت لتأخير تنفيذها؟
– هذا غير صحيح، وهذه ليست مشروعات إسعافية والمشروعات الإسعافية التي نتحدث عنها هي تلك التي كان من المفترض أن يقوم بها برنامج الأمم المتحدة الانمائي الـ (UNDP) بعد أن قامت دولة قطر بتقديم تمويل للأمم المتحدة لهذا الغرض.. وصحيح أن برنامجنا جزء منه يشمل مشاريع للإنعاش المبكر ولكن كثيرا جدا من هذه المشاريع مشاريع خدمية ويمكن أن نتحدث عن أن هناك بعض المشاريع يمكن أن تكون للمدى المتوسط بل أكثر من ذلك هناك مشاريع استراتيجية؛ مثل مشاريع البنى التحتية من (مطارات وطرق وترفيع خط السكة حديد والخط الناقل)، وهذه ليست مشاريع إسعافية، ولكنها مشاريع استراتيجية، وقد تأخذ أكثر من عامين أو ثلاثة.
* كيف ينظر السيسي لعدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه الاتفاق والتي بلغت أكثر من (1.200) مليار ومائتين مليون دولار بحلول العام الثالث للاتفاق؟
– طبعا في العام الأول عدنا إلى السودان في شهر أكتوبر بعد وضع الميزانية وإجازتها في ديسمبر، وبالتالي لم تُحظ السلطة الإقليمية بأي اعتمادات في ميزانية هذا العام لأننا عدنا إلى السودان بعد اعتماد الميزانية، وورثنا ميزانية السلطة الانتقالية، وكانت محدودة وبها حوالي (12) مليونا للتسيير، والفصل الثاني بالإضافة للفصل الأول.. ولكن تم اعتماد مبلغ (800) مليون في ميزانية العام 2013م، وهذه أول ميزانية للسلطة الإقليمية، ولم يتم تسييل خطاب الضمان إلا في العام 2014م، وكان هناك تأخير بدون شك، وقد تحدثنا عن هذا الأمر كثيرا وقلنا أن ذلك أدى إلى تأخير إنفاذ مشروعات السلطة الإقليمية، ولكن أيضا (أن تأتي متأخرا أحسن من أن لا تأتي).
* من الذي يتحمل مسؤولية تأخير دفع مستحقات الاتفاقية؟
– الحكومة السودانية هي التي تتحمل مسؤولية تأخير دفع الاستحقاقات.. وأول اعتماد تم دفعه لنا كان في عام 2013م، وأيضا يمكن أن نقول الظروف، لاعتبار أن السلطة الانتقالية انتهت في عام 2011م، ولم يتم تكوين السلطة الإقليمية آنذاك، وبالتالي لا توجد ميزانية موضوعة للسلطة الإقليمية عدا ما تم رصده للسلطة الانتقالية من الفصل الثاني والأول، وهذا ما ورثناه دون أن يكون هناك اعتماد للتنمية، وبالتالي لم نتمكن في عام 2012م من أن نبدأ بإنفاذ أي مشروع للتنمية في دارفور باستثناء المشروعات الممولة قطريا، والتي بدأت في نفس العام؛ وهي خمسة مشاريع كبيرة قدمتها دولة قطر في إطار برنامج إعادة الإعمار والتنمية في دارفور.. وفي العام 2012 تم اعتماد مبلغ (800) مليون ولكن تم تسييل هذا المبلغ في فبراير 2014م .
* وماذا بشأن أموال مؤتمر المانحين الذي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة قبل فترة؟
– أموال مؤتمر المانحين بدأت دولة قطر تفي بالتزاماتها، وحتى الآن دفعت مبلغ (35) مليون دولار، تم بها بناء خمس قرى للعودة الطوعية، ومبلغ (88) مليون دولار تم تحويلها إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتمويل المشاريع الإسعافية.. الاتحاد الأوروبي بدأ يفي بالتزاماته في مشروعين هما مشروع سد وادي الكوع بشمال دارفور بتكلفة (6) ملايين يورو، ومشروع آخر معني برفع القدرات في مجال التعليم بحوالي (7) ملايين يورو، ودولة ألمانيا بدأت الإيفاء بالتزاماتها وابتعثت منظمة (GIZ)، والآن هذه المنظمة قامت بزيارة دارفور مرتين وقررت أن تقوم بتمويل مشروعات في ولايتي شمال وغرب وربما وسط دارفور.. والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أوفى بالتزامه وقام برصد مبلغ (200) مليون دولار للخط الناقل للكهرباء من الفولة إلى دارفور، ودولة تركيا أوفت بالتزاماتها وهي (50) مليون دولار رصدت لتسيير مستشفى نيالا الذي تم بناؤه بواسطة دولة تركيا، وأعتقد أنه من المستشفيات الكبيرة في دارفور.. هذه هي الدول التي أوفت بالتزاماتها حقيقة ونحن نعتقد أنه من أكبر المساهمين في مؤتمر الدوحة هي دولة قطر بالإضافة لحكومة السودان التي بدأت تفي بالتزاماتها وخاصة في السنين الثانية والثالثة والرابعة الآن، والتي رصدت فيها مبلغ (1.710) مليار وسبعمائة وعشرة ملايين دولار لمشاريع التنمية وسنخصصها لمشاريع البنية التحتية.
* هناك حديث عن فساد مالي بالسلطة الإقليمية لدارفور.. ما هي حقيقة هذا الحديث؟
– الذي يقرر الفساد المالي هو المراجع العام.. هل تحدث المراجع العام عن فساد في السلطة الإقليمية؟.. والمراجع العام قدم تقريره للبرلمان في العام 2012م ولم يذكر أن هناك فسادا في السلطة الإقليمية لدارفور.. بل أكثر من ذلك استلمنا إشادة من ديوان الحسابات بهذا الأمر، وفي العام التالي قدم المراجع العام تقريره للبرلمان، ولم يذكر ذلك على الإطلاق، بل استلمنا إشادة أخرى من ديوان الحسابات.. وبعض الذين يودون تشويه سمعة السلطة وهم واهمون على أنهم يمكن عبر هذا أن يصلوا إلى مواقع رئاسة السلطة عبر اتهام السلطة بهذا الأمر، ولكن نحن لا يمكن أن نعير هذا الأمر أي اهتمام، وسنهتم إذا ذكر المراجع العام أن هناك فسادا في السلطة الإقليمية.. وبالمناسبة نحن من يطلب المراجع العام ليأتي ويراجع حسابات السلطة الإقليمية.. بل أكثر من ذلك؛ طالب مجلس السلطة الإقليمية من المراجع العام أن يأتي ويقدم تقريرا له عن حسابات السلطة، وجاء المراجع العام، وقدم تقريرا لمجلس السلطة، وكانت فيه إشادة بأداء السلطة.. ومن السهل أن ترمي الناس بالاتهامات.
* تود القول إن هذا الحديث عن الفساد يأتي في إطار المكايدات السياسية؟
– طبعا كل هذا الحديث يأتي في إطار المكايدات السياسية.. لكنني أستغرب عندما يأتي هذا الحديث من أشخاص لهم علاقة بالسلطة الإقليمية، ولكن يأتي في إطار المكايدات ليس أكثر ولا أقل.. والدولة تعرف إن كان هناك فساد مالي في السلطة الإقليمية أو لا يوجد.. الدولة تعلم تماما.. لماذا نستبق هذا الأمر ونتناول هذا الحديث في الصحف وفي الإعلام؟ ولكن هم لا يدركون أن في ذلك ليس إشانة سمعة للذين يقودون السلطة الإقليمية، ولكن أيضا فيه إشانة سمعة لكل السلطة الإقليمية، بل ولكل أهل دارفور ومكتسباتهم.. وأكثر من ذلك يضعفون مكتسبات أهل دارفور داخليا وقوميا وإقليميا ودولياً.
* السلطة الإقليمية لدارفور وليد شرعي لاتفاقية الدوحة لكن هناك بعض مواطني دارفور ناقمون عنها.. وهناك حديث عن محسوبية ومحاباة في التوظيف في السلطة الإقليمية كيف ترد على هذا الحديث؟
– طبعا أنا أقدر هذا الأمر لأن وظائف السلطة محدودة وهي تقريبا عبارة عن (1000) وظيفة ويزيد بقليل ولكن المطلوب تشغيلهم في دارفور عشرات الآلاف وليس بإمكان السلطة أن تستوعب كل هذه المجموعات وبالتالي الذين لم يحظوا بتوظيف في السلطة أمر طبيعي، لأن المتاح فرص محدودة.. وطبيعي أن نجد أن بعض الذين تقدموا للسلطة ناقمون من السلطة لعدم توظيفهم، ولكن هذه في حد ذاتها ظاهرة غير صحية؛ أن أتقدم في وظيفة لجهة ما ولم أحظ بها وأقوم بالتشفي والانتقام من هذه الجهة.. وهذا أمر غير طبيعي.. ونحن نعلم أن الوظائف محدودة ويتم التقديم لها بواسطة لجان ويتم استيعاب الأفراد طبقا لمؤهلاتهم الأكاديمية وطبقا لخبراتهم.
* العودة الطوعية للنازحين واللاجئين لم تر النور حتى الآن.. برأيك ما هو السبب الموضوعي في ذلك الأمر؟
– طبعا تحققت عودة لكنها ليست العودة التي نحن نتمناها.. بخصوص العودة الطوعية نحن لا نشجع الناس أن يعودوا إلا بعد أن تتوفر الشروط الأربعة.. ولم نذهب كي نجد قرية وكانت فاضية ونقدم فيها خدمات.. نحن نقدم الخدمات في المناطق التي تحققت فيها عودة طوعية نسبية وفلعنا ذلك.. وهنالك (176) منطقة تحققت فيها عودة طوعية نسبية وبدأنا نقدم لها الخدمات وهنالك بعض المناطق حققت نسب من العودة الطوعية أنا أعتقد أنها مرضية وهنالك بعض المناطق لم تحقق نسب مقبولة للعودة الطوعية.. ولكن أقول: لكي تتحقق العودة الطوعية نحن أيضا ينبغي علينا أن نقدم حزمة من (الخدمات الصحية والتعليمية والمياه والتأمين) وهنالك بعض النازحين الذين لا يريدون أن يعودوا إلى مناطقهم الأصلية بل يريدون أن يبقوا في المدن، ولذلك اتفقنا حتى مع السلطات الولائية على منح هؤلاء قطعا سكنية وبدأنا في تجربة في نيالا والتزمت السلطة الإقليمية بأن تقدم لهم الخدمات في الحضر ولكن هذه المسألة تسير ببطء شديد جدا بصراحة، ونحن نعتقد أنه حتى النازحين الراغبين في أن يعيشوا ويستمروا في المدن عليهم وعلى السلطات أن تمنحهم قطع سكنية وهذا لم يحدث بالشكل الذي يؤدي إلى إعادة تخطيط هذه المعسكرات.. ومن جانبنا نحن قدمنا خدمات لهذه المعسكرات الآن وتذهب أي معسكر في دارفور الآن تجدنا قدمنا فيه خدمات لمدارس معسكرات النازحين وقدمنا إجلاس ودعم للإيواء وغذاء في نفس الوقت.. ولكن أيضا كان يمكن أن تزداد وتيرة العودة الطوعية إذا تحقق شيء واحد وهو تعيين أبناء النازحين في الشرطة المجتمعية وحقيقة هذا الأمر لم يتم إلا في هذا العام والذي تم دون طموحنا وهناك عدد (1000) مجند تم توزيعهم على ولايات دارفور وهذا العدد لا يكفي.. والنازحون ينادون بالتأمين والذي لا يكفي في أن ندفع بقوات مسلحة وقوات شرطة لكن النازحين يريدون أن ينظروا أبناءهم يشاركون جنبا إلى جنب مع القوات الأخرى في حماية مناطق العودة.. والفرص المتاحة الآن للشرطة المجتمعية هي قليلة جدا ونحن كنا نتوقع أن يتم تجنيد حوالي (4500) من أبناء النازحين في الشرطة المجتمعية حتى يتمكنوا من حماية مناطقهم وهذه إذا تمت فستزداد وتيرة العودة الطوعية.. وهناك عامل عدم ثقة الآن عند النازحين وتخوف كبير جدا.
* الواقع الماثل يؤكد أن هناك مستوطنين جددا في بعض مناطق العودة الطوعية.. كيف تتعاملون مع هذه المعضلة الحقيقية ومعالجتها؟
– حقيقة هذه القضية الحكومة الولائية أولتها اهتمام كبير جدا وهؤلاء كما تم الاتفاق هم نازحون وليسوا مواطنين والمناطق التي يوجدون فيها الآن هي ليست مناطقهم وإنما نزحوا من مناطق أخرى.. والمطلوب الآن من السلطة أن تقدم خدمات لمناطقهم الأصلية ليتمكن هؤلاء من العودة إلى مناطقهم وهذا ما تم الاتفاق عليه بينهم وبين السلطات الولائية.
* حسنا: أتريد أن تقول إن هؤلاء نازحين وليسوا مستوطنين جددا؟
– هم نازحون وكلمة مستوطنين غير صحيحة.. هم نازحون كما تم الاتفاق واتفقوا مع الولاية على أنهم نازحون وسيعودون إلى مناطقهم متى ما تم تقديم هذه الخدمات أو متى ما توفرت الظروف الملائمة.
* بند التعويضات من البنود الأساسية في وثيقة الدوحة ولكنه لم ير النور رغم أن هناك نازحين عادوا طوعيا لمناطقهم لكنهم لم يعوضوا حتى الآن؟
– التعويضات عملية تتم والآن بدأت المفوضية في إعداد كل الوثائق والأرانيك الخاصة بالعملية وتم عقد ورش لكل النازحين في كل الولايات لتبصيرهم بمسألة التعويضات التي هي عملية قانونية وسيتم تشكيل لجان قانونية لدراسة هذه التعويضات.. وهناك فهم خاطئ عند البعض ويعتقدون أن التعويضات أن تأتي لتوزع لهم وطبعا هذا غير صحيح وأنت نازح تأتي إلى اللجنة وتقدم لها قائمة بالضرر الذي أصابك وتقوم هذه اللجنة بدراسة هذا الأمر وهي لجنة قانونية ثم بعد ذلك يتم اتخاذ قرار وتتم إجراءات التعويض.. وأنا أعتقد أن النازح أفضل له أن يعود لمنطقته كي تبدأ عمليات التعويض والذي لا يسلم نقدا وإنما يتم تسليمهم حزمة عودة طوعية وستشاهد ما قمنا به في بعض المناطق من تقديم خيام ومعدات وتقاوى وبعض الإمكانيات المادية للأسر التي عادت إلى هذه المناطق والآن هم عادوا وزرعوا ومكتفون اكتفاء ذاتيا.
* مسألة العدالة التي تحدثت عنها وثيقة الدوحة لسلام دارفور لازالت حبرا على ورق ولم ير المتضررون شيئا على أرض الواقع، برأيك ما هو السبب في ذلك؟
– العدالة بالنسبة لنا مهمة ولدينا مفوضية العدالة وقمنا بتكوين لجنتين لجنة للعدالة ولجنة للمصالحات وهذه اللجان اجتمعت ووضعت لوائحها والآن هنالك بعض البرامج التي قامت مفوضية العدالة والمصالحات بوضعها لهذه اللجان لتتحرك في هذا الإطار.. العدالة ثم المصالحة وهي عدالة انتقالية على شاكلة ما تم في جنوب أفريقيا

اليوم التالي