الطيب مصطفى

الميرغني واعتزال السياسة


تصريحان أدلى بهما الحسن بن السيد محمد عثمان الميرغني ليته سكت عنها فقد قال، لا فض فوه، إن الميرغني لم يعتزل السياسة، ثم قال في تصريح آخر (السكن في الفنادق خمس نجوم لا يحل قضايا البلاد).

في التصريح الثاني للحسيب النسيب الحسن الذي ورث الزعامة أباً عن جد ولم يوجف عليها خيلاً ولا ركابا قال في معرض تعليقه على الحوار الوطني الذي يرى أنه ينبغي أن ينعقد داخل الوطن لا خارجه ناسياً تاريخهم في التجمع الوطني الديمقراطي الذي شرعن فيه والده لجون قرنق كل أفعاله المنكرة في الشمال بما في ذلك احتلاله لهمشكوريب حاضنة القرآن الكريم الذي أطفأ ذلك المتمرد اللعين ناره بالرغم من أنها منطقة نفوذ الطائفة الختمية التي يتزعمها الميرغني، بل نسي الحسن وهو يتحدث عن حوار الداخل اتفاقية الميرغني قرنق التي أبرمها والده عام 1988م والتي يعتبرها إحدى أكبر إنجازاته بالرغم من أنها نصَّت على تعطيل الشريعة الإسلامية!

أقول للحسن وهو ينكر وينفي أن والده اعتزل العمل السياسي بعد أن فوضه بقيادة الحزب المملوك له ملكية عين بشهادة بحث سارية حتى يوم القيامة..أقول له : يا ليت والدك اعتزل السياسة، فقد والله لم يكسب السودان من ممارسته العمل السياسي بل لم يكسب من دخول جده حلبة السياسة مثقال ذرة إنما كانت ممارسته العمل السياسي وبالاً وشراً محضاً على السودان وشعبه منذ أن دخل الجد السودان مع جيش كتشنر وهو يغزو بلاده مستعمرًا لينهي الحكم الوطني.

لم تبشرنا أيها الحسن عندما أعلنتَ أن والدك لم يعتزل السياسة إنما أحزنتنا فقد كنا نعول عليك وأنت الشاب المتعلم أن تحدث تغييراً في حزبكم الطائفي المتكلِّس وتدخل عليه شيئاً مما تعلمته من دراستك في أمريكا فأنت بالقطع أفضل من والدك بالرغم مما رأيناه فيك من طغيان جعلك تفتك بمن صبروا على سياسات حزبكم البائسة وخدموا وأنفقوا وساندوا قبل أن تولد، ولكن للأسف فإنك أطفأت شمعة الأمل في نفوسنا فلا يزال السودان موعوداً بتنكب طريق النهضة والممارسة الديمقراطية الراشدة والتداول السلمي للسلطة ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه، كما أن مؤسسات الحكم الراشد التي يُفترض أن تقوم بفرض النظم الحزبية والممارسة السياسية الصحيحة مثل مجلس شؤون الأحزاب لا تزال تخضع لممارسات الاستبداد التي تعطل قوانينها وتكبح جماح الممارسة الديمقراطية.

أما قولك عن فنادق الخمس نجوم فقد أضحكني ذلك أن أول من ينبغي أن ينتصح بنصيحتك الغالية هو شقيقك ابن الأكرمين جعفر الذي يهوى ويعشق فنادق الخمس نجوم ليس في أديس أبابا إنما في عاصمة الضباب لندن التي يقيم فيها بالرغم من أنه يشغل منصباً دستورياً هو مساعد رئيس الجمهورية على حساب دافع الضرائب الغلبان، أما والدك الذي يحكم الحزب بالريموت كونترول ويقيم في لندن منذ أكثر من سنة ونصف فحدّث ولا حرج فالوطن الذي ينتظركم أيها السادة سيطول انتظاره وأنتم تبيعون ولاء القطعان من الأتباع والحيران حتى تتمرغوا في ديباج السلطة والثروة ولا عزاء للحزانى من أهل السودان.

عندما تنهار منظومة العدالة!

القاضي المستشار أحمد سعد نائب رئيس هيئة قضايا الدولة في مصر والذي كُلِّف من قبل الدولة للدفاع عنها في مواجهة دعوى قضائية مرفوعة ضد الدولة قام بتأييد الادعاء المرفوع ضد الدولة التي كلف بالدفاع عنها في سابقة عجيبة تنم عن مستنقع الظلم الذي تغرق فيه الحكومة المصرية.

أتدرون ماهية الأدعاء المرفوع ضد الدولة؟! أنه الادعاء الذي يطالبها باعتبار منظمة حماس منظمة إرهابية وبدلاً من أن يتصدى المستشار أحمد سعد لذلك الادعاء وقف أمام القاضي ليقول إن (الدولة توافق على طلب المدعي باعتبار حماس منظمة إرهابية) وبما أن الدولة لم تجد من يدافع عنها فقد حكمت المحكمة في 28/2/2015م باعتبار حماس منظمة إرهابية!

وهكذا تماهى المستشار أحمد سعد مع خصمه في سابقة فريدة يتجلى فيها انهيار منظومة العدالة وتسييس القضاء.

لربما كان المستشار أحمد ينتظر مكافأة من السيسي لكن المفاجأة كانت في أن يموت المستشار أحمد سعد بأزمة قلبية مفاجئة وقد كتب محمد اليقظان معلقاً ما يلي:

إن ما فعله هذا المستشار (أحمد سعد) هو مصداق لما رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/325) بإسناده إلى ميمون بن مهران قال: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه : أخبروني بأحمق الناس قالوا: رجل باع آخرته بدنياه. فقال عمر : ألا أنبئكم بأحمق منه؟ قالوا بلى. قال : (رجل باع آخرته بدنيا غيره).