تحقيقات وتقارير

الوقت من “دم” “أمن المملكة وأمن الحرمين الشريفين خط أحمر بالنسبة للسودان”


في خطوة جريئة أدارت الرؤوس الإقليمية والدولية، وجه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، ببدء عملية (عاصفة الحزم) ضد الحوثيين في اليمن منتصف ليلة (الخميس)، وأعلنت العملية أن أجواء اليمن منطقة محظورة، ويشارك في العملية عشر دول، من بينها دول الخليج. ورحبَّت السعودية بمشاركة المجتمع الدولي في العملية التي بدأت بتحقيق أهدافها بعد دقائق من انطلاقها. بدورها، رحبت مصر والأردن والمغرب وباكستان والسودان بالمشاركة في العملية. حول مشاركة السودان في العملية الحربية، يقول الخبير الأمني العميد، حسن بيومي لــ(اليوم التالي)، إن الخطوة تعتبر تحولا جذريا في سياسة السودان الخارجية تجاه الدول العربية، خاصة أن الشعب السوداني يقف موقفاً مؤيداً للمملكة العربية السعودية، في أعقاب وقوف الحوثيين على أعتاب باب المندب، ما يعد تهديداً مباشراً للسعودية وأمنها.
تحالف عربي
وسبق أن قال، المشير عمر البشير، رئيس الجمهورية، إن أمن المملكة العربية السعودية وأمن الحرمين الشريفين يمثل خطاً أحمر بالنسبة للسودان. وتبادل الرئيس البشير والملك سلمان، في المباحثات المشتركة بالعاصمة السعودية الرياض، (الأربعاء) الماضي، وجهات النظر حول الأوضاع العربية الراهنة، والمخاطر التي تحيط بالأمة العربية. وأعلن السودان، أمس (الخميس)، مشاركته في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لمواجهة الحوثيين في اليمن. وقال وزير الخارجية علي كرتي، إن قرار السودان يأتي من منطلق حرصه على أمن المنطقة والمملكة العربية السعودية، موضحاً أن السودان بقربه من السعودية ومن منطلق العلاقات التاريخية الوثيقة والخطر الذي يهدد المنطقة جميعها والسعودية على وجه التحديد اتخذ هذا القرار، وأوضح وزير الخارجية أن السودان يعلم تماماً أن مشاركته في هذه الحرب مشاركة للدفاع عن أمن السعودية وأمن السودان وأمن المنطقة عموماً. وقال كرتي إن التحالف الذي بدأ من دول الخليج بدا يرتفع تدريجياً، وأضاف أن هناك على مدار الساعة طائرات جديدة تدخل التحالف. ويؤكد حسن بيومي، في حديثه لــ(اليوم التالي)، أن السودان اتخذ موقفاً مؤيداً لمصالحه المباشرة، خاصة وأن مقتضيات الأمن القومي دعته للتدخل، وسبق أن تدخل في دولة ليبيا، حماية لأمنه الداخلي، مشيراً إلى أن الموقف يحسب للرئيس البشير ويصب في صالح النظام، وربما ينعكس إيجاباً على مناخ الانتخابات ونجاحها والإقبال عليها بفاعلية بصورة مباشرة من قبل المواطنين تأييداً للتدخل المباشر والوقوف مع السعودية لحسم فوضى الحوثيين في اليمن.
انطلاق الشرارة
اجتماع الملك سلمان بن عبد العزيز مع القيادات الخليجية في قصر العوجا، كان بمثابة انطلاقة (عاصفة الحزم) التي تشارك فيها عشر دول لإعادة الشرعية في اليمن. فمن قصر العوجا في الدرعية قرب الرياض، انطلقت شرارة (عاصفة الحزم). ودعا الملك سلمان، (السبت) الماضي، عدداً من قيادات الخليج إلى اجتماع، كان عنوانه خطر الحوثيين وبقية الجماعات الإرهابية في اليمن، وكان الاتفاق بمنح الحلول السلمية الفرصة الأخيرة. في المقابل، أبقى الحوثيون وحلفاؤهم على رفض الحوار وواصلوا التمدد المسلح، لتوجه السعودية إنذارها الأخير، إنذار أطلقه وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس المخلوع، الذي يسعى إلى تبوؤ مقعد الرئاسة، وجاء نص التحذير بلغة مباشرة بعدم الهجوم على عدن، غير أن صباح (الأربعاء) شهد تحرك الحوثي وحلفائه إلى عاصمة الجنوب، فجاء الرد السعودي في المساء. والتحذيرات السعودية كانت حاضرة في الأيام الأخيرة، فوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل لوح باتخاذ إجراءات لإيقاف الخطر الحوثي. (عاصفة الحزم) الضارية قُدحت شرارتها الأولى من قصر العوجا، الاسم الذي ارتبط بذاكرة السعوديين بـ(أهل العوجا) عندما كانوا يقومون بعرضتهم إثر انتصارهم في المعارك الفاصلة، تلك التي دافعت فيها الدولة السعودية منذ قيامها عن حدودها وحدود جيرانها كما فعلت في الماضي وتفعل اليوم.
مقتل الحوثيين
القوات الجوية السعودية قصفت خلال عمليتها، مواقع الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، في الساعات الأولى من صباح (الخميس)، وسرت أنباء أن ذلك القصف أسفر عن مقتل قيادات ميليشيات حوثية، وهم عبدالخالق الحوثي، يوسف المداني والفيشي وإصابة رئيس اللجنة الثورية للحوثيين محمد علي الحوثي. وتأتي العملية في ظل وصول (30) مقاتلة إماراتية إلى السعودية للمشاركة في (عاصفة الحزم)، وتشارك قطر بعشر طائرات مقاتلة، والكويت بـــ(15) مقاتلة، والبحرين بـــ(15) مقاتلة، والأردن بــست مقاتلات، ومصر وباكستان ستشاركان بسفن وطائرات، وست مقاتلات من المغرب، وثلاث مقاتلات من السودان، بحسب مصادر قناة (العربية). وأفادت المصادر بأن القوات السعودية قامت بتدمير معظم الدفاعات الجوية الحوثية، وأكدت أن الأجواء اليمنية تحت سيطرة القوات السعودية، وتمكنت من تدمير قاعدة الديلمي الحوثية، و(4) طائرات حوثية، وجميع بطاريات صواريخ سام. بينما حذرت القيادة المركزية لـ(عاصفة الحزم) من الاقتراب من موانئ اليمن، ولا تزال المقاتلات السعودية تواصل دك مواقع عسكرية حوثية في أنحاء عديدة من اليمن، إذ تم تدمير غرفة العمليات المشتركة للحوثيين في صنعاء، وانهيار ميليشيات الحوثيين وحلفائهم في العند أثناء انسحابهم.
دوي انفجارات
مديرية مران في صعدة معقل ميليشيات الحوثيين شهدت دوي انفجارات، وتم تدمير مخازن أسلحة وقواعد عسكرية وجوية في صنعاء. ويقول المحلل السياسي، علي التواتي، في مقابلة مع قناة (العربية) بمعلومات أولية عن قصف القوات السعودية لبعض المواقع في صعدة، مؤكداً أن الغارات الأولية تمكنت من تحقيق أهدافها بشكل هائل، وأسفرت الضربات الأولى عن تحقيق خسائر كبيرة بين صفوف الميليشيات الحوثية، إذ تم تدمير معظم الدفاعات الجوية الحوثية، وتدمير قاعدة الديلمي الحوثية، و(4) طائرات حوثية، وجميع بطاريات صواريخ سام، وشهدت مديرية مران في صعدة معقل ميليشيات الحوثيين دوي انفجارات، وتم تدمير مخازن أسلحة وقواعد عسكرية وجوية في صنعاء. وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، وصل إلى مركز عمليات القوات الجوية لقيادة عملية عاصفة الحزم التي انطلقت عملياتها بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية في تمام الساعة (12) من منتصف ليل (الخميس)، وأشرف على الضربة الجوية الأولى على معاقل الحوثيين في اليمن، التي نتج عنها تدمير الدفاعات الجوية الحوثية بالكامل وقاعدة الديلمي وبطاريات صواريخ سام وأربع طائرات حربية، دون أية خسائر في القوات الجوية السعودية.
إقناع واشنطن
وقام ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، بدور فاعل في إقناع واشنطن بدعم العملية، وبذل جهوداً من أجل إقناع واشنطن بدعم التحالف الخليجي في اليمن. وكان السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير، قد أكد التنسيق مع الحلفاء والأصدقاء وبالذات الولايات المتحدة الأميركية، دون أن يتطرق إلى التفاصيل. وأعلنت الولايات المتحدة أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أقرّ تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباري دعماً للعملية التي تقوم بها قوات مجلس التعاون الخليجي. وسبق انطلاق العملية العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، تحذير من وزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى نجل الرئيس اليمني السابق أحمد علي صالح من التقدم إلى عدن. وكان الأمير محمد بن سلمان قد أجرى جولة تفقدية قبل أيام على تجهيزات قوات وزارة الدفاع في منطقة جازان الحدودية مع اليمن.
طلعات جوية
وبدأت العمليات العسكرية طلعات جوية نفذتها مقاتلات سعودية ضد مواقع للحوثيين في مناطق مختلفة من صنعاء ومدن يمنية أخرى ضمن تحالف يضم عشر دول، وذلك عقب إعلان السفير السعودي بواشنطن بدء هذه العمليات، وبالتزامن مع بيان خليجي يعلن استجابته لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتدخل. وقال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير في مؤتمر صحفي إن العملية العسكرية في اليمن تشمل ضربات جوية وفق ميثاق الأمم المتحدة. وأضاف الجبير أن الحوثيين اختاروا مسار القوة والعنف ورفضوا كل المحاولات السلمية لحل الأزمة في البلاد. وأضاف السفير السعودي أن تحالفاً من عشر دول يشارك في الحملة العسكرية في محاولة لحماية الحكومة الشرعية للرئيس اليمني والدفاع عنها. وأوضح أن السعودية تشاورت مع الولايات المتحدة، لكن واشنطن لا تشارك في العملية العسكرية. ونقلت وكالة (رويترز)عن مسؤول أمريكي – اشترط عدم نشر اسمه- قوله إن السعودية نسقت مع الولايات المتحدة قبل العملية التي أطلق عليها (عاصفة الحزم). وتزامن الإعلان السعودي مع بيان لدول الخليج – باستثناء سلطنة عمان- تعلن فيه استجابتها لطلب الرئيس هادي بالتدخل العسكري لصد الحوثيين.
أمن عدن
وكان وزير الخارجية اليمني رياض يس حذر من أن سقوط عدن بيد المتمردين سيشكل بداية حرب أهلية في الوقت الذي أصبح فيه الحوثيون وحلفاؤهم على مشارف عدن. وتعليقاً على العمليات العسكرية، أعرب محمد مارم مدير مكتب الرئيس اليمني عن شكره لدول الخليج، ولكنه شدَد على حاجة قواته إلى العتاد. وكان مارم قال إن الرئيس هادي موجود في عدن ويتواصل مع اللجان الشعبية، وأضاف أن أمن عدن والبحر الأحمر وبقية المحافظات اليمنية هو من أمن المملكة العربية ودول الخليج وكنا نتوقع منها المساعدة. من جانبه، قال وزير الخارجية اليمني المكلف رياض يس إن الضربات الجوية تستهدف منصات الصواريخ الموجهة نحو مناطق الجنوب، وأضاف في مكالمة هاتفية للجزيرة أنه يعتقد أن مصر والأردن من بين الدول التي تشارك في الضربات الجوية. وعبر يس عن سعادته، وقال إنه يشكر دول الخليج كثيرا على هذا الجهد الذي سيعيد التوازن إلى المنطقة، وفق تعبيره. أما عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثيين محمد البخيتي فقال إن بيان السعودية والدول الخليجية إعلان حرب. وحذر البخيتي في مقابلة مع الجزيرة من أن هذه الحرب ستجر المنطقة إلى حرب واسعة

اليوم التالي