محمود الدنعو

على وقع هجمات بوكو حرام


على وقع هجمات دامية جديدة لجماعة بوكو حرام، أقبل الناخبون النيجيرون على التصويت بكثافة في الانتخابات التي تعد الأكثر تنافسية بين الرئيس جودلاك جوناثان والحاكم العسكري السابق محمد بخاري في بلد ينقسم فيه الناخبون عادة على أسس عرقية وإقليمية جهوية في بعض الحالات طائفية، خلف المرشحين اللذين يمثلان الشمال والجنوب، وما أدراك ما الشمال والجنوب في نيجيريا، فهما ليسا فقط مجرد اتجاهين جغرافيين، بل يشغل كل منهما بالتساوي المسلمين والمسيحيين.

ولما كانت هذه هي طبيعة التنافس بين المرشحين، فإن أعمال العنف المصاحبة للعملية الانتخابية تبدو فرصها حاضرة دوما، والدليل على ذلك آخر انتخابات رئاسية جرت في العام2011، وتنافس خلالها نفس المرشحين، ولكن بعد إعلان فوز جوناثان وخسارة بخاري، اندلعت أعمال عنف راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، وهذا ما يخشى النيجيريون تكراره.

ولكن التهديد هذه المرة يختلف، فهو تهديد سابق للانتخابات وليس اختلافا على نتائجها بل تهديد من جماعة بوكو حرام بعرقلة إقامتها وتخويف الناخبين من الذهاب إلى مراكز الاقتراع، ورغم أنها نفذت عدة هجمات في اليوم الأول للانتخابات أسفرت عن مقتل 15 شخصا أمام مراكز الاقتراع في شمال شرق نيجيريا، إلا أن الإقبال على الانتخابات من قبل المواطنين كان ردا على هذه الجماعة التي بايعت مؤخرا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام.

ورفضت الجماعة العملية الديمقراطية، وهدَّد زعيمها أبو بكر شيكو بقتل النيجيريين الذين سيشاركون في الانتخابات، ولكن الجماعة لم تعد بذات القوة التي تمكنها من تنفيذ هذا التهديد، حيث شلت الحملات العسكرية التي شنتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر على معاقل الحركة قوتها.

ويقبل النيجيريون على صناديق الاقتراع رغم التهديدات من قبل بوكو حرام، طمعا في إجراء انتخابات نزيهة وموثوق بها وسلمية تشكل فصلا جديدا في تاريخ نيجيريا السياسي المضطرب، الذي غالبا يشوبه الفساد والحركات الانفصالية والانقلابات العسكرية، ولكن بجانب التهديدات الأمنية المتمثلة في بوكو حرام، فإن الكثير من المسائل الإجرائية والتقنية تعجل حلم النيجيريين والأفارقة عموما بانتخابات نموذجبة في واحد من أكثر البلدان الأفريقية كثافة بالسكان تجعل ذلك الحلم بعيد المنال.

حيث شهدت عمليات التصويت في 120 ألف مركز اقتراع بسائر أنحاء البلاد عدة مشكلات، حيث حضر مسؤولو الانتخابات متأخرا فيما تعطلت أجهزة قراءة بطاقات الهوية التي تم الاستعانة بها لمنع التزوير الذي شاب انتخابات سابقة. وعانى جوناثان نفسه من تأخير التصويت لمدة 40 دقيقة.

اصطفاف النيجيريين لساعات طويلة للإدلاء بأصواتهم متحديين هجمات بوكو حرام مؤشر جيد لصالح ترسيخ الحكم الديمقراطي، ولكن الأهم القبول بالنتائج النهائية وتجنب أعمال العنف.