تحقيقات وتقارير

“اللاءات” الثلاثة: رغم أن المعطيات كانت تشير إلى أن التحضيري لن ينعقد إلا أن الشكوك كانت تراود البعض حول إمكانية مشاركة الحزب الحاكم في أديس أبابا.. مصطفى عثمان يشرح: كيف تجنبنا الفخ


بلا تردد وضع المؤتمر الوطني حدا للتساؤلات بشأن حضوره ملتقى أديس أبابا التحضيري، الذي كان من المزمع انعقاده أمس (الأحد) وفقا لدعوة الآلية الأفريقية في الأسابيع الماضية.. ثلاثة لاءات أطلقها مصطفى عثمان إسماعيل رئيس القطاع السياسي للوطني للتعبير عن موقف الحزب الحاكم وشركائه تجاه دعوة الحوار.. قال الرجل: “لا الحكومة، ولا المؤتمر الوطني ولا آلية 7+7 سيشاركون في اجتماع أديس أبابا”..

ورغم أن المعطيات العامة كانت كلها تشير إلى أن ملتقى أديس قد لا ينعقد وأن الحكومة ومناصريها لا يشاركون فيه إلا أن ثمة شكوكا كانت تزاول البعض حول إمكانية مشاركة الحزب الحاكم.. لم يأت ذلك من فراغ وإنما الكثير من الدلائل الصادرة من (الوطني) خلال الأسبوع الذي تلى الدعوة تؤكد بأنه سيذهب، أولها بيان للقطاع السياسي صدر في الرابع عشر من مارس الجاري يرحب فيه بمخرجات مؤتمر برلين لجهة أنه يرحب بأي لقاءات أو تفاهمات تؤدي إلى مشاركة الجميع فى الحوار الوطني، مثلما حدث من قبل فى أديس أبابا، شريطة أن لا تكون هذه اللقاءات بشروط مسبقة وأن يتم التحضير الجيد لها.. ورغم لهجة الترحيب تلك إلا أن الحزب الحاكم لم يعلن صراحة أنه سيذهب إلى أديس استجابة لدعوة الآلية، حتى حديث نافع على نافع عضو المكتب القيادي للوطني لـ(اليوم التالي) الذي قال فيه إن (الوطني) سيذهب إلى أديس أبابا للتشاور حول الحوار.
ولكن بينما كانت خطوات الموعد المضروب من قبل الآلية الذي صادف التاسع والعشرين من مارس تقترب، قررت آلية الحوار (7+7) رفض المشاركة في الملتقى، المبرر الذي ساقته تلك الأحزاب هو أن الاتحاد الأفريقي تجاوز المتفق عليه وشرع في حوار من خلال أجندته يؤكد أنه بديل للحوار المطروح في الداخل..

ومع أن المؤتمر الوطني جزء من تلك الأحزاب فيما يعرف بآلية الحوار إلا أن التعبير الواضح عن موقفه يمثل أمرا مهما للرأي العام لكونه يعطي إجابات مقنعة يمكن البناء عليها، وهو ما دعا مصطفى عثمان إسماعيل إلى الدعوة لمؤتمر صحفي بمقر الحزب أمس، حدد الرجل في مستهل حديثه ثلاث قضايا قال إنه سيتحدث عنها حصرها في “ملتقى أديس أبابا، عاصفة الحزم ومشاركة الحكومة فيها والانتخابات ومسارها”، لكن تركيز الإعلام والأسئلة جله انبنى على القضية الأولى، لعدة اعتبارات من بينها ربما أن القضية الثانية لديها قنوات أكثر اختصاصا للتعبير عنها فيما بدت الأخيرة وكأنها تجاوزها الزمن من فرط الحديث عنها المصحوب بالفعل.

لدواعي وضوح الرؤية، سكب مصطفى جهدا في سرد القصة بصورة أكثر تفصيلا، بدأها بالرسالة التي وصلت إلى (الوطني) في الثالث والعشرين من مارس من قبل كبير موظفي الاتحاد الأفريقي معنونة إلى رئيس القطاع السياسي، كان موضوعها الدعوة إلى مشاورات حول الإجراءات والأمور المتعلقة بالحوار، وبحسب الرسالة فإن الغرض من الاجتماع دعوة المعنيين لمناقشة إجراءات الحوار بناء على مسودة جدول أعمال الملتقى وفقا لعدد من المرجعيات اولها خارطة طريق الحوار، اتفاقية 5 ديسمبر حول الحوار وبيان مجلس السلم رقم (456)، وأضافت الرسالة التي تلاها مصطفى: “وبهذا الخصوص تقترح الآلية أن يكون الوفد مكونا من سبعة أعضاء يتكفل الاتحاد الأفريقي بإعاشتهم وسكنهم على أن لا يتخطى ذلك 24 مارس الجاري”.

ملاحظات وضع المؤتمر الوطني وحلفاؤه تحتها الخط الأحمر، لكونها في حاجة إلى مزيد من التوضيح، يقول مصطفى إن الملاحظة الأولى “أن الخطاب موجه إلى رئيس القطاع السياسي، الثانية أن الخطاب لم يوضح من هم المعنيون الذين سيشاركون في هذا الملتقى والثالثة أن الزمن نفسه ليس كافيا لفعل ذلك”، توضيحا لذلك ينوه مصطفى إلى أن الآلية الأفريقية نفسها أقرت بأن آلية سبعة زائد سبعة هي الجهة التي آل إليها أمر التفاوض بالتالي يجب أن توجه آلية امبيكي الدعوة لها وليس للمؤتمر الوطني، هذا يدعمه ثلاثة اجتماعات سابقة مع أمبيكي الذي أمن على ذلك، على ضوء الملاحظات الواردة دعا (الوطني) الأحزاب المشاركة في آلية السبعة للتفاكر حول الدعوة الأفريقية، ويضيف مصطفى: “اتفقنا معهم على أن الآلية هي المسؤولة عن أمر الحوار ولكن التفاوض مع حملة السلاح هو مسؤولية الحكومة”، ولكن الآلية الأفريقية وفقا لمصطفى لم توضح حتى اللحظة ما هي الجهات المشاركة في الدعوة.
ما صدر من أحزاب المعارضة بهذا الشأن حتى الآن حول شكوك الحكومة وحلفائها إلى يقين، فالمعارضة التي كلفت الصادق المهدي زعيم حزب الأمة ومالك عقار رئيس الجبهة الثورية بالحضور نيابة عنها، وضعت عددا من الشروط قالت إن الرجلين مكلفان بتقديمها إلى الآلية الأفريقية تمثلت في إلغاء الانتخابات وإطلاق سراح المعتقلين فضلا عن تشكيل حكومة انتقالية، يقول مصطفى: “إن بيانات المعارضة توضح أن الملتقى ماشي إلى فخ”، وأضاف: “إذا كانت الجبهة الثورية تفتكر أن بعملياتها العسكرية ستضغط على الحكومة بالذهاب إلى أديس فإنها ستكون واهمة”، لكن الخلاصة التي تريدها الحكومة فيما يبدو ووضعتها ضمن استراتيجيها قالها مصطفى صراحة بالأمس: “لن نذهب إلى أي اجتماع تحضيري في أديس أبابا قبل الفراغ من الانتخابات لأن موقفنا هو أننا لن ننشغل بأي إجراءات في الخارج تصرفنا عن الانتخابات”.

آدم محمد أحمد
صحيفة اليوم التالي