فدوى موسى

ابوفاطمة السمحة


كنت في حالة وهن أرقدتني عن الحراك لعملي ومعاشي.. ظللت ذلك اليوم انكفي على نفسي لأجل قسط من الراحة، الذي ربما أعاد اليّ توازني النفسي، وفك عني أسري الداخلي.. (بنتي) بجانبي تمارس عليّ بعض الحنان وإجابة الطلبات.. أسعفتني يدي بمراجعة موقع مجموعة الجريدة على شبكة التواصل.. ووقعت عيني على خبر رحيل الكاتب الصحفي الكبير (عبد الرحمن أحمدون)- له الرحمة والمغفرة- فوجدت نفسي أصيح على صغيرتي (ماشفتي فاطمة بتو بتريدو كيف وظللت أردد ذلك في حالة أقرب للاوعي- رحمه الله- وحقيقة كنت أتابع كتابات الراحل وأعلق على وضوحها الزائد ومباشرتها، بل حادثت فاطمة ذات مرة معلقة فكان ردها أنها كانت تحادثه أن يخفف عن هذه المباشرة.. رحل الصحفي التربوي (عبد الرحمن أحمدون) وقد ترك مدرسته الصحفية منهاجاً للكثيرين، وترك لنا هذه الشابة الصحفية النابهة (فاطمة السمحة)، التي نتمنى لها التوفيق أن تحفظ اسم أبيها خالداً في عالم الكتابة بعد انقطاع المورد بالموت، إلا من عمل وصدقة جارية، وابن صالح يدعو له، وكلنا نظن فاطمة هي ذلك الابن الصالح مع اخوتها وأخوانها للدعاء… رحم الله الراحل ووسع مداخله في العالم الذي عبر إليه.

الموت ارتالاً

لا أحب كثيراً صوت وصورة البنادق والبارود.. وأهاب التطور في عالم الأسلحة لأنه يجلي حقيقة أن هناك تربص دائماً على السلام والإنسانية.. وكلما انطلق دوي وأُعلنت حرب انقبض ولم يغير ذلك من حقيقة أن الحرب هي الواقع المعاش في عالم اليوم.. لا أفهم كثيراً في دنيا التحارب هذه إلا أنها تسلب الأرواح، وتسيل الدماء، وتخلق وتورث اليتم والحزن والألم.. هاهي طاقات الحرب تنفتح في كل الاتجاهات من حولنا، وتخرج دول من حالة الاستقرار وتفرض على أهلها العاطي مع رائحة البارود وطعم الألم.. نعم الحرب هي وسيلة دفاع ووسيلة محافظة على المقدرات، ولكنها تقر مبدأ أن هذه الإنسانية كثيراً ما تنعدم عندها الرؤية وتحتدم في زوايا ضيقة، تتحلى بها لحوم وعصب بعضها البعض.. صرت أخاف أن أنظر نشرات الأخبار في التلفاز حتى لا أعتاد هذه المآسي.. هؤلاء (المجانين).. الذين يحيلون نهار العالم ليل.. هؤلاء المعتوهون يضعون السلاح يطورون الجرائم ينشرون لأنفسهم أكثر من قبح وحنق على الناس.. ثم يصيبني انكسار وانهزام داخلي أنني بعيدة عن استيعاب الواقع.. فقد بات (حسن ساتي يقول الموت سنبلة..) إذن هذا الموت بسيط وسهل من منظور تلك الآلة الهدامة التي لا تعرف الفواصل في استهدافها ما بين المجرم الحقيقي والمدني البرئ.. عالم من المجانين يخلد نفسه فينا بهذه الاختراعات المدمرة ونحن كل يوم نضمحل بسبب توسع وتوغل المجرمين على حدود الأبرياء الذين لا يجدون لدمهم ثمناً ولا تقديرا.. أنه موت الضأن لهذا العالم المجنون..

آخر الكلام:

أمانينا لا تنفصل عن ذهاب وعبور حسن الخاتمة.. ففي بلادنا تكريم الموتى ودفنهم في تلك المواكب والدعوات والصلوات والدنيا تحفها حالات الرحيل الجماعية.. فوداعاً للذاهبين لعالم الخلود في فردانية أو جماعية.. إنه الموت الحقيقة الصف للحياة.. فالآلة الحدباء تحملنا بلا موعد مسبق المعرفة.. اللهم تقبلهم جميعاً وترفق بهم إذا ما صاروا اليك.

مع محبتي للجميع