عثمان ميرغني

من يقنع الديك؟!!


في مطلع التسعينيات.. بعد حرب الخليج الثانية.. التي انتهت الحرب بهزيمة ماحقة لصدام حسين.. سافر وفد حكومي سوداني إلى بغداد لتهنئة صدام حسين (بالنصر!!)..
حكى لي أحد أعضاء الوفد تفاصيل اللقاء مع صدام.. قال لي إن الوفد كان برئاسة وزير الإعلام السوداني.. وعندما جلسوا جميعاً قبالة صدام حسين.. أطبق على المكان صمت رهيب.. فأراد وزير الإعلام السوداني كسر الصمت.. فقال لصدام حسين.. (يا فخامة الرئيس.. هل سمعت آخر نكتة في السودان؟) صدام أومأ برأسه أن (احكي لنا النكتة).
روى وزير الإعلام السوداني لصدام حسين النكتة فقال: (العرب يقولون الرئيس صدام حسين اقتنع أن حرب الخليج انتهت.. لكن من يقنع شعب السودان أن الحرب انتهت؟؟).
قال لي الراوي إن صدام انفجر بالضحك واستمر يضحك بصوتٍ عالٍ حتى اهتز المقعد الذي كان يجلس عليه، ثم التفت إلى وزير الإعلام السوداني وقال له.. (اعد النكتة..) وأعاد الوزير النكتة.. وأعاد صدام ضحكته مرة ثانية..
الآن مع اختلاف الموقف.. تبدو النكتة شاخصة بطرافة أكثر.. حزب المؤتمر الوطني ربط كل شئ بالانتخابات.. وخاض أشد المعارك وشتم المعارضة من أجل الانتخابات.. وبث أعتى التصريحات من أجل الانتخابات.. وإنها استحقاق وحق لابد أن يحق..
ولكن الصورة محيرة الآن.. مضى الزمن وتبقى حوالي أسبوع واحد تقريباً لنهاية الحملة الانتخابية.. ولم أرَ في الصحف أو في الشوارع دعاية انتخابية لأي مرشح لحزب المؤتمر الوطني (صاحب الانتخابات نفسها).
ربما بقية الأحزاب معذورة فهي دخلت الانتخابات لتكسب المال لا لتخسره في دعاية انتخابية لا داعي لها طالما أن مقاعدها مضمونة.. لكن حزب المؤتمر الوطني (شخصياً).. وبكل ما يملك من المال.. لم أرَ في أي صحيفة صورة مرشح واحد “نيابي طبعاً”.. يعلن عن برنامجه أو يبشر ناخبيه..
تصبح نكتة صدام حسين هنا بارزة للعيان.. لكن بالمعكوس (الشعب السوداني اقتنع بالانتخابات.. لكن من يقنع مرشحي المؤتمر الوطني أن هناك انتخابات..)
فإما أن مرشحي حزب المؤتمر الوطني يخشون أن يصدر قرار –فجأة- بتأجيل أو إلغاء الانتخابات.. حتى لا (يدفقوا الموية على الرهاب) أو أنهم يضمنون فوزهم لدرجة عدم الحاجة لبذل أي مجهود أو مال في الحملة الانتخابية..
لكن المثل الشعبي السوداني يقول: (البكا بيحرروه أهلو..) فإذا كان أهل المؤتمر الوطني.. وهم أهل الانتخابات لا يرغبون في (تسخينها).. فمن سيتطوع بهذه المهمة الصعبة..
على كل حال.. فوز المؤتمر الوطني بالانتخابات لن يكون مفاجأة.. لكن المفاجأة الكبرى أن يجد (عدد أصوات) يرفع الحرج.. (بضع صويتات يقمن صلبه)..
فبعض الفوز أمرَّ منه الهزيمة..