عبد الباقي الظافر

الفخ الذي لا يراه الوطني..!!


أمس كانت يد السيد مدير شركة (بي بال) ترتجف والقلم بين أصابعه.. المسؤول الأرفع كان يوقع على تسوية يدفع بموجبها نحو سبعة مليارات وسبعمائة ألف دولار للإدارة الأمريكية.. الغرامة الباهظة كانت بسبب تعاملات مالية مع دول مدرجة في القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب مثل السودان وإيران وكوبا.. وقبل نحو أسبوعين كان بنك (كومرز) الألماني يوافق على تسوية بنحو مليار ونصف المليار دولار لارتكابه ذات المخالفة.. فيما كان نصيب بنك (بي آند بي باريبا) الفرنسي من الغضب الأمريكي غرامة نحو تسعة مليارات دولار.. هكذا تتعامل أمريكا بغضب مع دول حليفة في مقام فرنسا وألمانيا حينما يتعلق الأمر بانتهاك القوانين الأمريكية.
أمس أنهى الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم -على عجل- مؤتمراً صحفياً ليلحق برحلة عاجلة إلى دولة الإمارات.. الدكتور مصطفى نقل إلى الصحفيين أن حزبه قرر مقاطعة ملتقى أديس أبابا التشاوري الذي دعى له الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي.. الخرطوم تحت تأثير الانتشاء الذي خلفته عاصفة الحزم العربية رأت أنها ليست في حاجة لتقديم أي تنازلات.. مصطفى عثمان وصف الملتقى الذي كان من المقرر أن يجمع الحكومة ومعارضيها في المعارضة المسلحة والمدنية بأنه مجرد فخ.
ربما تخطئ الحكومة أن ظنت أن البوابة العربية وحدها كفيلة بفك العزلة المضروبة على بلدنا.. الدول العربية تريد من الخرطوم أن تفك ارتباطها مع طهران في المقام الأول.. ثم ثانيا ألا تدعم الخرطوم -بشكل مباشر أو غير مباشر- أي جماعة تهدد العروش التقليدية في المنطقة.. تفكيك العبارة يعني تغيير جلد النظام الإخواني في السودان بآخر يعلي المصالح على المبادئ.. ثم بدرجة أقل يطلب من الخرطوم أن تعيينه في الحرب على الارهاب.
ما يطلبه الغرب من الخرطوم أمر مختلف.. أمريكا والدول الأوروبية معنية بقضية حقوق الإنسان وتحقيق السلام.. ثم بدرجة أكبر موقف واضح من الارهاب.. الملفات العالقة بين الغرب والسودان تتفرع إلى مواضيع أخرى مثل الحريات والانتخابات الشفافة وحرية انسياب الإغاثة للمحتاجين.. ثم إن العلاقة في بعدها الكلي تخضع لتقديرات جماعات الضغط السياسي.. بمعنى أن القرار الغربي تجاه السودان ليس حكوميا بل يتحسس اتجاهات الرأي العام والتي للأسف في غالبها الأعم تنظر إلى بلدنا بشكل سالب.
أما الأفارقة الذين يحاول حزب مصطفى عثمان أن يدير ظهره إليهم ويفضل أبو ظبي على أديس أبابا فسيكتشف الحزب الحاكم أنه أضاع عصفورا من بين يديه في تطلعه نحو السماء العربية الملبدة بالمفاجآت.. الأفارقة هم أول من تمرد على المحكمة الجنائية وفتحوا قلوبهم وفضاءاتهم لقادة السودان.
بعد أن تصفو السماء من كدرتها ويعود الرئيس عبد ربه منصور إلى قصر الرئاسة في صنعاء سيجد الحزب الحاكم أن الأجندة الغربية لم تتغير وأن الأفارقة قد مالوا ميلة واحدة نحو خصوم الخرطوم.. ذاك الفخ الذي لا يراه الحزب الحاكم.