تحقيقات وتقارير

حلقة مفرغة .. تباينات في صفوف الكتلة المعارضية وتصورها البديل


“طريق الجحيم هو أن تختار طريقاً لا تريده الجماهير”.. تُنسب المقولة لشاعر الشعب الراحل محجوب شريف، وبحلول الذكرى الأولى لرحيله في أبريل يحمل البعض مقولة (الملتزم) بخيارات شعبه وقناعاته وحقه في الحياة الكريمة ليضعونها في محاولة تحليلهم لواقع المعارضة، عقب احتضار المؤتمر التحضيري في أديس، رغم القول بأن الآلية ستقيمه بمن حضر. ومع تسارع الأيام لوصول الصناديق الانتخابية دوائر الاقتراع يقول البعض إن الخطوات الذكية للحكومة في سبيل تغيير تحالفاتها ومساهمتها بما يقرأ مع أنه إيجابي تجاه القوى المؤثرة إقليمياً أربك استراتيجيات المعارضة وجعلها تدور في حلقة مفرغة، وإن كانت بعض مقومات المعارضة نفسها ترى أن الدوران في حلقة الفراغ لم يكن ناتجا لعاصفة الحزم وإنما بدا وكأنه قدر المعارضة في مقاومتها للسلطة.

ويقول ناشطون شباب محسوبون على التيارات المعارضة إن الأخيرة تمضي إلى جحيمها وهي تختار المضي عكس اتجاه رغبة الشعب السوداني، فتتلاحق خطواتها من أجل التوقيع على تسوية سياسية تضمن بقاء الوضع على ما هو عليه، وفي سبيل ذلك تتهافت على موائد الاتفاقيات الخارجية. ولا يخفي أصحاب هذا الاتجاه شماتتهم من الموقف الأخير الذي وضعت فيه المعارضة نفسها وهي تمارس انتظار الحكومة التي لم تذهب إلى أديس، فيدفع أحدهم بالقول: “هسة في داعي لإحراج (أديس أبابا) دا؟”. ولا يغفل الشاب في غضبته أن يضع ما اعتبره الحل الناجز للإشكاليات المتعلقة بالمعارضة: “أها كان بنود الوثائق والنداءات البتتكلم عن الثورة الشعبية والنزول للشارع فعلا بنود جادة.. حقو المرة دي يعوا الدرس رقم مليون وواحد دا، وعافين ليهم المليون القبلو.. ويمرقوا بي (ارحل) من دور الأحزاب والندوات على الشارع.. الشارع وبس”.

ويلحق بالضرورة بعبارة الشارع ومكملاتها -المتعلقة بضرورة العمل على إسقاط النظام- سؤال الكيفية التي تمكن المعارضة من تحقيق هدفها المعلن منذ ربع قرن.

وكانت قوى معارضة قد شنت الأسبوع الماضي هجوماً نادراً على استراتيجياتها بغية الوصول إلى الحلول، ويعتبر القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي محمد ضياء الدين أن عليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم في وزر تراجع الواقع الاقتصادي والسياسي والأمني بالبلاد مناصفة مع النظام الحاكم الذي عجزوا عن مواجهته وتغييره واكتفوا بنظرية التهافت على الخارج وانتظار الحلول المعلبة.

وتحمل الصحف الصادرة بالخرطوم للقيادي بالحزب الذي يرفع شعار الانتفاضة الشعبية إدانته لاستراتيجيات الحركة الشعبية في أسلوب استمرار الحرب، وهو موقف يقرأه البعض في إطار أنه يدعم استراتيجيات الحزب الحاكم بالخرطوم، بينما قراءته الأخرى تمضي في اتجاه آخر يتعلق بوجود حالة من التباينات في صفوف المعارضة ومواقفها ورؤيتها للحل، وتصورها البديل، الذي يمكنه أن ينقذ البلاد من التهلكة.

ويقول البعض إن المعارضة في صورتها الراهنة تمضي عكس اتجاه رؤيتها هي نفسها، ويضعون السؤال في مواجهتها وهو استفهام يتعلق بالتأخر في عملية توحيد صفوفها من أجل ممارسة الضغط لتحقيق أهدافها، فكل هذه القوى تجتمع على كلمة رفض الانتخابات، وهو أمر كان من الممكن أن يساهم في نجاح مبادرة (ارحل) وحشد الداعمين لها، لكنه أمر لم يتم تنفيذه بالصورة المثلى، وبالتالي ساهم بشكل كبير في استمرار الأوضاع على ما هي عليه، وتحويل المعارضة إلى خط انتظار ردود الأفعال، بعد أن أضاعت على نفسها فرصة صناعة الفعل كما يقول شبابها وهم ينتظرون خطوة مغايرة قبل أن يمضوا في سبيل فض أياديهم عن العمل القديم وتدشين خطوات جديدة في الفعل السياسي كما يفعل بعض الشباب الآن وهم يوضحون رؤيتهم في الانتخابات ويعلنون احتجاجهم على تجاهلهم من قبل وسائل الإعلام، معتبرين أن (ارحل) هي صوت شبابي قبل أن تكون وثيقة يتم التوقيع عليها في الخارج.

وتعد المعارضة المؤتمر الوطني بنتائج كارثية بعد قراره الأخير المتعلق بمقاطعة تحضيري أديس أبابا، وهو أمر ربما يضعه في مواجهة مع المجتمع الدولي أو جعله في موضع المحرج من سياساته في التجاوز، بينما تمضي بعض قياداتها المنضوية تحت لواء قوى الإجماع الوطني وتحت راية تحالف نداء السودان والحركة الوطنية للتغيير في مشوارها نحو أديس أبابا، معلنة أن التحضيري بمن حضر في وقت يمضي فيه الوطني إلى انتخاباته مستقوياً بشرعية تتسارع أيامها ومدعوماً ببعض قوى آلية الحوار الوطني في رفضه لخطوة الاجتماع، وقبل كل ذلك قافزاً في سفينته وواثقاً أن أصوات التهديد لن تخرقها في ظل التغييرات الجديدة. وربما يضع سؤاله في صالة المغادرة وهو يردد أنتم تريدون المضي في نداء السودان، لكن الواقع يقول إن نداء المعتقلين على ذمته أولى بسماعه أو كما قال الدكتور حيدر إبراهيم في المعارضة السودانية بين الحقيقة والخرافة.

صحيفة اليوم التالي

الخرطوم- الزين عثمان


تعليق واحد

  1. وجوه النصب والاحتيال واكلوا السحت .
    يا سبحان الله تعرفهم بسيماهم ,هم الغم والنكد والفساد والافساد واااااااااااااااااااااوالبلاوى التى يعانى منها السودان والسودانيون .نسال الله ان يطهر السودان منهم وممن والاهم وممن لم يقل امين