محمود الدنعو

غودلاك.. هاردلك


في سابقة هي الأولى بأفريقيا بادر الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان بتهنئة مرشح المعارضة الجنرال محمد بخاري بالفوز في الانتخابات الرئاسية حتى قبل اكتمال إعلان النتائج النهائية، بعد تبين الفارق الكبير في الأصوات التي حصل عليها المتنافسون. وقال الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان إنه وفي بوعده حيال تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، ودعا الغاضبين من الانتخابات إلى الاحتجاج بالطرق الشرعية. وأشار إلى أن “الوحدة والاستقرار وتقدم بلدنا الغالي هو أهم من كل الباقي”.

لا يحق للنيجيريين أن يفرحوا بنجاح المعارضة لأول مرة في الفوز على رئيس في السلطة، بل يحق لهم أن يفرحوا برئيس سابق أوفى بوعده وأرسى سلوكاً ديمقراطياً فريداً في أفريقيا، وهو الإقرار بالهزيمة، وتهنئة الفائز في الانتخابات، وهو الذي كان غائباً عن الانتخابات الكينية في العام 2007 التي أعقبتها أعمال عنف راح ضحيتها الآلاف أو حتى في نيجيريا نفسها في الانتخابات الماضية عندما فاز غودلاك على بخاري، فاندلعت أعمال عنف راح ضحيتها نحو 800 من أنصار الفريقين.

فوز بخاري سيفتح عهداً جديداً في نيجيريا، فالجنرال السابق الذي حكم نيجيريا قبل ثلاثة عقود عسكرياً، ولكنه خلف البزة العسكرية ودخل معترك السياسية المدني وخاض الانتخابات الرئاسية ثلاث مرات وخسرها، ولكن الرابعة فاز فيها، ليكتب فوزه تاريخياً جديداً في الدولة الأفريقية الأكبر من حيث عدد السكان، التي عرفت عبر تاريخها العديد من الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية، ويعطي هذا الفوز مؤشراً جيداً على أن النيجيريين تركوا إرث الانقلابات العسكرية وراء ظهورهم، فهي المرة الأولى التي تتم فيها إزاحة رئيس من السلطة عبر الانتخابات في هذا البلد الذي ارتبط فيه انتقال السلطة بالانقلابات، والجنرال بخاري نفسه وصل إلى السلطة في ديسمبر من العام 1983 عبر انقلاب عسكري أطاح بالرئيس شيخو شقاري، وبعد عامين أُطيح به في أغسطس من العام 1985 في انقلاب قاده الجنرال إبراهيم بابنجيدا.

وبعد عودة نيجيريا إلى النظام الديمقراطي مجدداً في العام 1999 عاد الجنرال بخاري لمعترك السياسة، ونجح في تقديم نفسه رجل حكم نزيه في بلد ضرب فيه الفساد أطنابه، وشل أكبر اقتصاديات القارة الأفريقية وملف محاربة الفساد، بجانب التطرف والإرهاب الذي تشكله بوكو حرام هي أولويات الجنرال بخاري في المرحلة المقبلة، ومن أجل حسمها منحه الشعب النيجيري الأصوات والثقة خصوصاً ملف بوكو حرام الذي بات يشكل تهديداً قوياً لنيجيريا والجنرال بخاري بخلفيته العسكرية والصرامة والانضابط التي كان يعرف بها يمكنه أن يواجه هذه الحركة بالكثير من الحزم، كما أن وصوله إلى سدة الحكم رئيساً مسلماً من الفولاني سيبعثر الكثير من أوراق الحركة التي كانت تعزف على نغمة التهميش.