رأي ومقالات

د. ربـيع عبـد الـعـاطـي عبيد: رسائل الأسبوع 4-3


إلى الأحزاب التي ستشكل منها الحكومة القادمة
ينظر إلينا العالم نظرة متفائلة من حيث قدرة السودان على إحداث الأنموذج، لذلك فإن هؤلاء المتفائلين لا يتوقعون أن ينهض السودان بقدراته ومؤهلات بنيه، ليصبح هذا الأنموذج واقعاً ، ذلك لأن مبعث التفاؤل لديهم لا تقوم أسسه على نيه صادقة، بل هو تفاؤل بما يعلمون من ثروات وإمكانيات، لذلك قد تكون مصالحهم تسير عكساً لمعطيات الواقع، فلا يريدون أن يصبح الحق حقاً وبالتالي يعملون بكل قواهم لئلا يتحول ما تفاءلوا به إلى وضع يجعل من هذا البلد منافساً لهم، والتفاؤل لديهم في هذه الحالة هو توقعٌ وإحساس بتحقق نجاحٍ لايرغبون فيه، ووسيلتهم الوحيدة هي ألا يلتفت أبناء السودان إلى كنوزهم، وأن يولوا عليها شرارهم، وأن يتحكم في مواردهم وقراراتهم رجالٌ أو نساءٌ يجهلون ولا يعلمون، ويدمرون ولا يعمرون، ويطيش سهمهم ولا يستطيعون القدرة على التصويب والتسديد.  فيا أيها الأحزاب التي ستتولى مهمة الحكم في بلادنا لمقبل الأيام، عليكم أن تتحروا الدقة لاختيار من تسبقه كفاءته، وتطغى على الرأي العام سيرته، ولا تأتوا إلينا بنطيحة، أو موقوذة، فيأكل السبع من تحت أقدامنا نتيجة كانت سبباً وراء تفاؤله، فيحيله إلى ثمرة ينفرد بأكلها، ولا ينال أهلها منها أقل قدرٍ من النصيب.
إلى الذين يسعون لتدويل قضايا السودان
إن الذين يعملون ليل نهار ليفقد السودان قراره، وتنتهك سيادته ويذل على رؤوس الأشهاد شعبه، لم يجدوا موطئاً في الداخل لنيل أغراضهم، وفشلوا في مساعيهم بالرغم من استخدامهم لكل الوسائل سلاحاً كان أو مؤامرات، كلها من قبيل الخبث والمكر والدهاء، ولم يبق لهؤلاء إلا ما نراه من تسويق دولي في شكل تسول على الموائد الأجنبية، وارتماءٍ في أحضان الذين لا يراعون إلاً ولا ذمة، لتأتي المنظمات المشبوهة، وتصدر القرارات الظالمة، وتنهمر علينا السهام المسمومة، فيجد الذين حارت بهم السبل في الداخل ما يروي ظمأهم، ويشفي صدورهم من الغل الذي أصابهم بمساعدة كيانات وهيئات لا تريد بنا خيراً، وإنما هو الهدف الرامي إلى سلب إرادة شعب، ونهب مقدراته، وتلطيخ سمعته التاريخية بالطين اللازب، والفعل القبيح، والإجراء المقيت.
إلى الذين يخلطون بين سيادة حكم القانون والسياسة
القانونيون هم الذين يدركون بأن العدالة لا تجري مجراها والظلم لا يرفع من المظلوم، إلا بتطبيق سيادة حكم القانون.
والكثيرون يخلطون بين الآراء السياسية التي تقال ، وبين الرأي الذي يتخذه صاحبه بغض النظر عن صوابه أو خطئه، فينزله على النّاس فعلاً إما عن طريق اليد، أو السلاح، أو استغلال آليات أخرى يشتريها، أو يتأمر مع آخرين بمقابل، أو بغير مقابل لإحداث ضررٍ يحسبه من قبيل الفعل السياسي.  وتكفي الإشارة هنا إلى ما وقعه تحالف قوى الإجماع الوطني بالتضامن مع ما يسمى مبادرة المجتمع المدني، لما عرف بإعلان «نداء السودان».
فهم يقولون إنه إعلانٌ سياسي علماً بأنهم جميعاً يتواثقون على أساليب يقوم بها طرف من الأطراف، لا يمكن تكييفها بأنها سياسة لكنه جرم بحق مواطنين انتهكت أعراضهم، ونهبت أموالهم، وشرد أطفالهم، ونزحت أسرهم، وأكل الفقر والفاقة شغاف قلوبهم حتى لبسوا الأسمال، وحفيت لهم الأقدام.
وعلى الذين تختلط عليهم آراء السياسة بأفعال لا علاقة لها بالسياسة، ولا يتورعون من تضمينها في مواثيقهم، أن يعلموا بأن البون شاسع بين الرأي الحر،  والفعل الذي يقع ضرره على الأبرياء، فتزهق الأرواح، وينشر الرعب، إذ أن السياسة في أصولها لا علاقة لها بمثل هذا السلوك، لا من قريب، ولا من بعيد.
وعلى الذين يعتقدون بمثل هكذا اعتقاد أن يعلموا بأنهم بمثل من عبثت بعقله تأثيرات مختلف أنواع المسكرات والخمور، لكننا لا نؤاخذ السكارى بما يقولون.

صحيفة الإنتباهة