تحقيقات وتقارير

الملهم الثوري: أخرج المفردة من الخدر العاطفي لملامسة القضايا الوطنية وطوع الشعر كأداة فاعلة بين يدي المستضعفين


في ذات اليوم والتاريخ من العام الماضي.. يهرع الكل وهم مذهولون صوب منزله؛ بين الشك واليقين كان الكل يكذب الخبر، وفي بضع دقائق تعج الباحة أمام منزله بالآلاف، أتوا من كل حدب وصوب يعزون أنفسهم في المفتتح.. يتقالدون في نواح شق عنان أم درمان التي شهدت ميلاده وحياته بكل تفاصيلها حتى موارته الثرى.

عام يمر على رحيل شاعر الشعب والملهم الثوري.. الغصة تطعن في الحلق والكل يسل قلمه ليكتب عنه مقالات وأعمدة يشكر فيها صاحب السمو الأخلاقي، والكلمة الرفيعة.. يقول الشاعر أزهري محمد علي عن علاقته بالراحل محجوب شريف: على المستوى الشخصي علاقتي بالراحل كانت قوية فهو صديقي وصديق كل الناس محب للجمال والحرية والخير. أما على الصعيد الإنساني فمحجوب كان يتميز بالوفاء لأصدقائه، يصل كل الناس في مناسباتهم، وبرحيله افتقده الكل. ويضيف أزهري: الساحه حتما افتقدت شاعر الحداثة، فمحجوب شاعر عظيم، كتب للحرية والنضال والإنسانية، ومجد المرأة وأعطاها حقها، وهو مدرسة كما عمر الطيب الدوش وهاشم صديق وآخرين. ومحجوب بالنسبة لأزهري خلق نقلات في الشعر الغنائي مستخدما كل أدواته؛ الكتابة والإحساس الحق بمن حوله، فأثار بالشعر حركة التعامل بين المستضعفين؛ النساء والرجال، كما قام بجهد إنساني كبير من خلال (منظمة رد الجميل)، وإصدارة الهبابة، وهي سلسلة كشكول المواصلات العامة، والتي تم عبرها استقطاب الدعم الشعبي لدعم ملازمات المرضى بمستشفى أم درمان، كخطوة أولى، ودعمه لبرنامج (عديل المدارس) (حق العيش) واستطاع أن يحول الشعر إلى حركة ثقافية، فمشروع محجوب شريف مسؤولية على رقبة كل الشعراء يجب علينا الحفاظ عليه.

ويقول أزهري إن الراحل لفت انتباه الناس حيث أخرج المفردة من الخدر العاطفي لملامسة القضايا الوطنية، مناصراً للضعفاء، فأوصل رسالته بكل حب، ووجدت مكانها بين ذاكرة وقلوب محبيه، رغم أنه ابتعد عنهم جسدياً لفترات، لكنه ظل بين ألسنتهم يتذكرونه، فعلينا أن نمد مداد الكتابة، ليس من أجل المقاومة بل للارتقاء بالشعر، داعيا الشعراء بتطوير مفرداتهم ومواهبهم وقدراتهم الشعرية، من اجل انماء الوعي العام واستخدام الكتابة كحركة ووسيله للتنوير وإحياء الثقافة.
وفي ذكرى الاحتفاء به حيا أزهري قيمة الفضيلة، والتى ظل محجوب يعمل من أجلها حتى اللحظات الأخيرة من مرضة، قبل أن يوجه الدعوة لفاعلية تأبين شاعر الشعب اليوم وغدا بمركز شباب السجانة.

درية منير
صحيفة اليوم التالي