جمال علي حسن

الوديعة السعودية والدولار.. رعشة أم انهيار


هبط سعر الدولار في السوق الموازي قبل أن تكتمل عملية الحقن الوريدي للاقتصاد السوداني بل حدث ذلك الهبوط بمجرد تداول معلومات حول توجيهات خادم الحرمين بوضع وديعة سعودية تقدر بحوالي 4 مليارات دولار في البنك المركزي السوداني.

وعلى الرغم من أن الوديعة السعودية ستكون ذات تأثير إيجابي حقيقي على الأوضاع الاقتصادية في البلاد بتغطيتها لجزء مقدر من الفجوة الحادثة في موارد النقد الأجنبي إلا أن فعاليتها لن تدوم طويلا إذا لم يتم تدبير فرصتها – النادرة – في إنجاح البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي بالمستوى المخطط له نظرياً لرفع مستوى الإنتاج وزيادة حجم الصادرات والاعتماد على التصنيع وتصدير سلع مصنعة جاهزة للاستهلاك وليست فقط موادا خاما كما يحدث الآن.

طموحات البرنامج الخماسي كبيرة لكنها صعبة التحقيق في ظل الواقع المأزوم للقطاع الصناعي والزراعي الذي شهد مؤخراً حراكاً محدوداً في عملية الإنتاج الزراعي لكنها لا تزال أقل بكثير من الطموح في تحقيق نهضة زراعية حقيقية وشاملة تستفيد من مزايا الأرض الخصبة المنبسطة والمناخ المتنوع والموارد المائية في السودان. نهضة

لو لم تجد خطة الإصلاح الاقتصادي الخماسية تلك العقول والطاقات والقوانين والإدارة الصحيحة فستلحق بسابقاتها من الخطط والبرامج الهالكة التي ظل وزراء المالية والاقتصاد يحدثوننا عنها بإسهاب قبل أن يعودوا محبطين في كل مرة ليحدثوننا عن فشلهم في إنجازها..

جسد الاقتصاد المعتل يمكن أن يبتلع هذه الوديعة السعودية دون أن يحرك جفنه.. يبتلعها ويعود لأنينه وشكواه بعد وقت قصير تماماً مثلما ابتلع سابقتها الوديعة القطرية..

أما انخفاض سعر صرف الدولار قبل أن تدخل الوديعة إلى (الخدمة كما يقولون).. فإنه مؤشر سيء وليست بشارة خير.. هو مؤشر لمدى هشاشة الاقتصاد السوداني وتحكم الشائعات والأخبار السياسية في حركة النقد الأجنبي.. هو مؤشر لمدى تحكم مافيا الاقتصاد في سوق النقد الأجنبي..

اقتصاد يرتعش ويحرك سكونه تحت تأثير الأخبار والتسريبات والشائعات فإن ذلك يعني أن علته كبيرة وخطيرة أيضاً.. وأن ذلك الحراك قد يكون مجرد ارتعاش عابر والرعشة لا تعني الحركة الواعية المنتظمة أو الانطلاق بل هي مجرد استجابة محدودة تحدث في اللا وعي نتيجة صدمة أو صعقة مفاجئة.. والدليل على ذلك أن الوديعة القطرية كانت أيضاً قد تسببت في خفض أسعار الدولار لفترة وجيزة عاد بعدها السيد (أبو الجورج) – كما يسمونه – لحالته الأولى وبزيادة متنامية.

هي فرصة أخرى في زمانٍ صارت تتمنع علينا فيه الفرص والسوانح ونرجو أن لا تضيع هباءً.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.