عبد الباقي الظافر

الانقلابيون يتعلمون..!!


أمس تجولت مع مجموعة من الصحفيين في أرجاء ولاية الخرطوم.. شد انتباهي صور الرئيس البشير، المنتشرة في موسم الانتخابات.. أغلب الصور تحرص على إبراز المرشح البشير في الزي العسكري.. أحيانا بملابس القوات المسلحة وفي مرات في رداء الشرطة الذي لا يرتديه الرئيس إلا في المناسبات الخاصة بقوات الشرطة.
المعلوم أن الرئيس البشير، تقاعد عن الخدمة العسكرية قبيل انتخابات العام ٢٠١٠ بشكل طوعي وفي خطوة اتسمت وقتها بالذكاء.. لهذا يصبح السؤال لماذا الإصرار على تذكير الناس بالخلفية العسكرية لمرشح ينشد الوسائل الديمقراطية في إصابة السُلطة.. ربما يستشعر قادة المؤتمر الوطني، أن التأييد الذي يجده البشير ناتج عن تلك الخلفية.. ولكن يمكن الاستثمار في ذلك بصورة غير مباشرة.. الزي العسكري ليس مناسباً لأداء مباراة ديمقراطية بل يشبه من يحاول التزحلق على الجليد بملابس البحر.
متلازمة الإنقاذ هي الوجه الآخر في تعامل المؤتمر الوطني مع الشأن السياسي.. مفردة الإنقاذ دائماً تشير إلى حدث طارئ ينتهي أثره بوصول الحدث لمرحلة الاستقرار.. لا يمكن لبلد معين أن يعيش في حالة إنقاذ لثلاثة عقود.. وإن حدث ذلك فالأجدر تغيير الطاقم الإنقاذي.. الحسابات السياسية مرحلة الإنقاذ انتهت سياسيا بتسريح أعضاء مجلس قيادة الثورة وتكوين المؤتمر الوطني كحزب مهيمن على الساحة.
حتى اقرِّب المسألة تعالوا ننظر للانتخابات النيجيرية التي انتهت البارحة بفوز مرشح المعارضة الجنرال محمد بخاري.. الرئيس الفائز قام بانقلاب عسكري ضد شيخو شقاري وهو أول رئيس مدني لنيجيريا.. لم يهنأ الجنرال بخاري بالسلطة فتقاصرت ولايته عن العامين بانقلاب آخر قاده الجنرال إبراهيم بابا نجيدا في أغسطس ١٩٨٥.
الجنرال بخاري خاض الانتخابات لنحو ثلاث مرات كان آخرها انتخابات العام ٢٠١١.. في كل الجولات السابقة كان الجنرال بخاري يخسر ويحتج على نزاهة الانتخابات، ولكنه يقول موعدنا الدورة القادمة.. في دعايته الانتخابية لم يرتدِ الجنرال المتقاعد البزة العسكرية ولكنه كان يشير لخبرته العسكرية التي تحتاجها نيجيريا اليوم لمحاربة الفساد وضعف السلطة المركزية أمام الحركات المتطرفة.. بهذا الخطاب الذكي واللماح استطاع الجنرال العجوز أن يضاعف قاعدة الذين صوتوا له مقارنة بالانتخابات الماضية.
في مصر أخت بلادي وصل المشير السيسي إلى السُلطة في انقلاب أبيض.. كل شعبية المشير السيسي بنيت على أنه قائد الجيش.. من يوم انتخابه رئيساً لمصر، طبَّق المشير بزته العسكرية التي صنعت له كل الأمجاد، وبات يظهر في كل المناسبات بلباس مدني يليق بمدنية الحكم.. لا أحد في مصر الآن يشير إلى ٣٠يونيو ولا ما بعدها من تواريخ أنهت حكم الرئيس مُرسي.
بصراحة.. لا يجب أن يقترن اسم الرئيس البشير برتبته العسكرية.. تلك مرحلة قد مضت برموزها وشخوصها وبرنامجها.