الصادق الرزيقي

نعمة على الحكومة ونقمة على المعارضة


> اقتربت ساعة الانتخابات وبدأ العد التنازلي لموعد الاقتراع، ولا تبدو الساحة السياسية في حاجة الى مفاجأة تعيد توزيع أوراق اللعبة السياسية، فالمؤتمر الوطني وثلاثة وأربعون حزباً ماضون في العملية الانتخابية، ووفود المراقبين من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية والمنظمات والمراكز المختلفة بدأت أو تكاد تتوافد على الخرطوم، والاستعدادات على اشدها، ومجسات الرصد والمتابعة الاقليمية والدولية تستعد وتحشد كل طاقاتها للتفاصيل الدقيقة ومعرفة النتائج وما يتمخض عن هذه العملية، فالظروف المعقدة في البلاد تكاد تلامس العصب الحي لما يجري، والأفق الجديد المنتظر كله في رحم الغيب حتى اشعار آخر، ولا يستطيع احد التكهن بما يمكن حدوثه عقب اعلان نتائج الانتخابات التي يتوقع بنسبة شبه محسومة ان يحصدها الحزب الحاكم وحلفاؤه.
> من السابق لأوانه الحديث عن ترتيبات ما بعد الانتخابات، لكن ملامح المرحلة المقبلة تبدو جلية وواضحة، فلا يتوقعن كائن من كان حدوث تغييرات اساسية وعميقة قي هياكل السلطة ووجوهها وتحالفاتها، ففي حال فاز المؤتمر الوطني، فليس هناك تغيير كبير سيطرأ، لأن تجربة التغيير والاصلاح السابقة التي اعتمدها ونفذها لم تؤت اكلها ولم تكن تعبر عن حجم التطلعات المرجوة، فتغيير الوجوه في كثير من جوانبه قد تم، لكن تغيير المنهج والبرامج والسياسات وكيفية ادارة البلاد لم تتغير بعد، ولم يبد المؤتمر الوطني ادنى اشارة الي ان التغيير المنشود هو احد اولوياته لا في الحاضر الراهن ولا الغد المنتظر.
> ثم ان البرامج الانتخابية للاحزاب المشاركة فيها لا تؤكد حتمية وقوع اي تغيير اصلاحي حقيقي في نهج الحكم ومساراته، فكأن الانتخابات مطلوبة لذاتها، لتأكيد البقاء على سطح الحياة السياسية بغرض الاستحواذ على السلطة والتمرغ في ترابها، دون ابداء اية رغبة جامحة في التغيير، ومن يلحظ هذه البرامج الانتخابية المطروحة على الناخبين لا يجد فيها مدعاة لتحولات جذرية رئيسة، وكأنها صممت للاستمرار والتكرار، وهذا امر مؤسف للغاية، فعامة الناس يتطلعون الى الجديد ويطمحون في رؤية افكار ورؤى جديدة، وكانت فرصة الانتخابات مواتية وسانحة لتجديد الأمل وفتح صفحات جديدة وطرح شعارات ذات قدرة فائقة في تحفيز الناخبين وشحذ عزيمتهم لمرحلة مقبلة مليئة بالعطاء والانتاج والعمل.
> لقد اوفت الجماهير في كل الولايات بوعدها وجاءت في مواعيدها، ومدت اياديها لمرشح المؤتمر الوطني لمنصب الرئيس، ولم تبخل عليه بالتأييد على الاطلاق، وينبغي ان تكافأ على ذلك بنهج حكم قويم وانجازات ضخمة ووفاق وطني يحفظ البلاد من التشرذم والفرقة والشتات السياسي والتمزقات الحربية، فهناك باقات من التحديات تواجه السودان، برغم ان الظروف الاقليمية المحيطة والدولية المحدقة ستشهد انفراجات كبيرة خاصة في الاقتصاد، وعلينا ألا ننكفئ علي انفسنا وننظر تحت اقدامنا ونغرق في لجاجات الصراع السياسي الداخلي ومماحكات الاحزاب المعارضة والحركات المسلحة، فالمستقبل المفتوح امامنا فيه الكثير من المخاطر والاختبارات القاسية، فاذا كانت مشاركة السودان في عاصفة الحزم قد وجدت قبولاً كاسحاً وفتحت الابواب امام التعاون والتقارب الحميم مع دول عربية ومجالات دولية ذات تأثير كبير، فإنه يتوجب العمل بقوة ونشاط وهمة لحصاد ثمار هذا الموقف ولعب أدوار اكبر تعود فائدتها على عامة الشعب المتطلع لتغيير حياته وانماطها في مختلف المجالات.
> ومع دنو موعد الانتخابات، لا يوجد اي خيار آخر للأحزاب المعارضة والمقاطعة غير التعامل الواقعي معها، فلا يفيد التمترس في خندق معارضتها ورفض نتائجها والعمل ضدها وحشد الصف المعارض سياسياً وعسكرياً في مواجهة تمخضاتها، فهي واقع وحقيقة لا تستطيع اية جهة القفز فوقها، وستزيد الحكم الحالي مشروعية جديدة مهما كان درجة قبول النتائج والاعتراف بها، وستكون هناك حملة قوية للاعتراف بها في ظل الظروف الحالية عربياً وافريقياً ودولياً، وقد استطاعت الحكومة اللعب بأوراق عديدة وحولتها لصالحها، خاصة بعد الحرب على الحوثيين في اليمن، وعزلت المعارضة السياسية والمسلحة نفسها وباتت الحكومة في موقف متقدم ويجد تأييداً من نفس القوى الإقليمية والدولية التي راهنت عليها قوى المعارضة .


تعليق واحد