أبشر الماحي الصائم

البشير في عطبرة


عند ظهور هذا المقال يكون مرشح رئاسة الجمهورية المشير عمر البشير قد وصل إلى مدينة عطبرة.. وذلك في سياق حملاته الماراثونية التي شملت معظم ولايات السودان.. يتساءل الكثيرون لماذا يرهق المؤتمر الوطني خيله وينفق الساعات الطوال في الأسفار والتجوال، والأمر شبه محسوم لمرشحه وسط غياب منافس حقيقي.. فضلا عن حالة الانتشاء التي يعيشها المؤتمر وجهازه التنفيذي بعد عملية (عاصفة الحزم) التي أحدثت ما يشبه الانقلاب في أوضاع البلاد.. بحيث يهبط البشير في عاصمة الحديد والنار مع هبوط العدو اللدود (الدولار الأمريكي) الذي أصابته العاصفة الدبلوماسية في مقتل.. أتصور أن في أدب تطواف الحزب المتصدر للمشهد بعض حياة وبعض تنشيط لذاكرة الشعب.. فهذه الجولات التي تشبه الفعاليات التمهيدية للمارثون الأكبر.. يستفيد منها أيضا الحزب في تقوية بنياته القاعدية وسط خمول شبه كامل يصيب الوسط الحزبي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. فحتى الأحزاب السياسية التي كانت تشترط إطلاق الحريات لممارسة فعالياتها.. لم تستطع أن تصمد طويلا في الميادين.. فبعض أحزابنا قد عجزت بالكاد عن تحضير أدوات الندوات من الكراسي والساوندسستم والثلج، فضلا عن الاحتشاد الجماهيري و.. و..

لكن إذا تجاوزنا ذلك كله لم يكن بمقدورنا أن نتجاوز الولاية صاحبة الأرض والزيارة الجمهور.. ولاية نهر النيل.. التي يحل بها المرشح الرئاسي عمر حسن البشير.. في رواية أخرى ولاية الذهب والتاريخ والبستنة.. هذه الولاية بفضل الله ثم ثورة الخدمات التي تحتدم في أرجائها من طرق وكهرباء.. أصبحت جاهزة لوال يمتلك بعض إرادة وعبقرية لأخذها إلى عصر الإنتاج والكفاية والتصدير.. فهي الولاية الأكثر أمنا.. الولاية التي تتوسط العاصمة القومية والميناء السوداني على البحر الأحمر.. الأقرب إلى عمق الولاية الشمالية عبر طريق عطبرة مروي.. وغيرها من الميزات التفضيلية الأخرى.. مجموعة ولاة إنقاذيين مروا من هنا لم يتركوا وراءهم إلا بعض مكتسبات لا ترقى في مجملها لأشواق الجماهير في ولاية ذات وعي كبير.. فنحتاج هذه المرة إلى ما يشبه ثقافة النجار في أدب اختيار الوالي المرتقب.. قيل إن النجار يقيس سبع مرات ويقطع مرة واحدة.. فلئن كان النجار يفعل ذلك حتى لا يخسر قطعة خشبة.. فالأجدر بنا أن نقيس سبع مرات حتى لا نخسر التاريخ والمستقبل.. لأن خمس سنوات في عمر الشعوب والأجيال ليست بالشيء الهين الذي يمكن أن نهدره بخيار متسرع.

* وسبحان الله.. أنا أكتب هذا المقال من مدينة عطبرة بالقرب من مقر الميناء البري في طريق عودتي من واجب عزاء خالتنا (آمنة بت حويج ود البخاري) عليها الرحمة والرضوان.. وإذا بالوزير النشط الأموي وزير إعلام حكومة ولاية نهر النيل يهاتفنا لنشهد (حصاد حكومتهم لخمس سنوات).. الذي ينعقد بين يدي آخر اجتماع لمجلس الحكومة بالدامر.. والحق يقال.. فعلى أقل تقدير أن حكومة الفريق الهادي عبدالله قد احتملتنا كثيرا.. ونحن نسدد لها من النقد ونبذل لها من الملاذات غير الآمنة ما لا يحتمله الآخرون.. لكن كان احتمال هذا الجنرال كبيرا.. كبير جدا.. فلا غرو فهو ابن المؤسسة العسكرية السودانية التي بلغت عزتها الآن تلال الجزيرة العربية.. اختلفنا بعد ذلك أو اتفقنا على رصيد من المنجزات.. سيترك الرجل بعض صبر وثبات وعزيمة يمكن أن يبني عليها.. وللحديث بقية..