عبد الباقي الظافر

العنوان الخطأ..!!


رمت ليلى بحقيبتها على طرف الفراش الوثير.. جذبت نفسا عميقا قبل أن تلقي بجسدها على ذات الفراش.. هرع نحوها إبراهيم محاولا أن يبثها بعض شوقه المكبوت.. سألته -وهي في أحضانه- إن كان الباب محكم الإغلاق.. القلق انتقل إلى الرجل العاشق، فقفز نحو الباب ليتأكد من إحكام وسائل التأمين.. عاد إبراهيم إلى أحضان محبوبته التي كانت في حالة من التوجس والإحساس بالخطر.
ما بين الرغبة والخوف بدأت ليلى تسرد حكاية غريبة “بينما كنت استعدل عربتي أمام البيت، رأيت في المرآة الخلفية المرحوم كمال”.. اتسعت عينا إبراهيم، وظن أن شيئا غريبا قد لحق بحبيبته.. واصلت ليلى “ارتبكت، ووقع هاتفي من يدي.. تركت العربة مدورة، وهرعت إلى نهاية الشارع حيث كان يقف.. لم أجده.. سألت صبيا، أكد لي أن رجلا أصلعا يرتدي جلبابا رماديا قد مر من هنا”.. ردد إبراهيم كلمة (بسم الله) ثلاث مرات ثم ختم “يخلق من الشبه أربعين”.
بدأ إبراهيم يعد في المسرح.. أوقد بخورا بعد أن أغلق النوافذ وأطفأ الأنوار.. تذكر مكيف (الفريون) الذي لا يدخل الخدمة إلا في الظروف الخاصة جدا.. تحول النهار الساخن إلى ليل رطب.. الأجواء المغرية سربت أحاسيس الحيوية في دواخل السيدة الأربعينية، لتكتسب مزيدا من النشاط، ولجت الحمام.. جعلت ماءً دافئا يتدفق على جسدها.. باتت تراجع مواضع أنوثتها.. ما زال الشعر الأسود الطويل يقاوم حرب الزمن.. تقادم الأيام ترك أثره على ذاك الصدر الذي كان حديث الناس.. حمدت الله أن إبراهيم ما زال يراها صبية جميلة وجذابة.. فكرت أن تخرج من الحمام عارية كما ولدتها أمها.. تراجعت عن الفكرة المجنونة.. هذه الملابس تخفي عيوبا، وتضيف جاذبية تم اختيارها بعناية.. ارتدت فستانا أحمر قصير.. وضعت ما تيسر من عطر في أماكن متفرقة ومختارة بعناية.
قبل أن تخرج ليلى من خلوتها سمعت صوت جلبة في صالة الشقة الصغيرة.. ظنت أن (دليفري) الطعام الذي طلبه إبراهيم قد وصل.. تعالت الأصوات.. جاءها إحساس أن الشبح الذي يطاردها قد ولج الشقة السرية.. دون تردد فتحت أبواب الحمام.. فوجئت بابنها طارق يحمل مدية طويلة.. كان قد أجهز –لتو- على عشيقها إبراهيم.. اندفع الابن -الذي يشبه والده الراحل- ليثأر من شرف أبيه.. قبل أن يصل إليها صرخت فيه “قتلت زوجي”.. بدأت تردد العبارة بشكل هستيري.. فيما الابن الغاضب مندفع نحوها بسلاحه الذي بات أحمر.. حينما وصل إلى حيث أمه، ارتخت قبضته على المدية فوقعت على الأرض.
بعد دقائق وصلت عربة الشرطة.. لُفَّ الجثمان بتلك (الملاية) الحمراء التي كانت تغطي الفراش.. في عربة أخري جلست الأم تردد بهدوء يشير إلى أنها ليست في كامل قواها العقلية “يا ناس ولدي قتل زوجي”.. فيما واصل الابن القاتل البكاء مرددا “لم أكن أعرف أنه زوج أمي”.