نور الدين مدني

الانتفاضة الشعبية .. درس الحاضر والمستقبل


هناك محطات تأريخية في حياة الشعوب يجب التوقف عندها واستلهام الدروس والعبر منها، واستصحابها لمواجهة التحديات الآنية مع الاستفادة من إيجابياتها وتجاوز سلبياتها.

*من هذه المحطات المهمة في تأريخ الشعب السوداني الانتفاضة الشعبية التي يصادف اليوم ذكرى انتصارها في السادس من أبريل ١٩٨٥م، بعد أن توحدت إرادة الشعب بمختلف مكوناته وتوجهاته السياسية والفكرية، إلى أن تحقق النصر بالقضاء على نظام مايو الشمولي.

*يظل الدرس المتجدد في كل المحطات التأريخية في السودان، هو أن وحدة الإرادة الشعبية هي مفتاح التغيير المنشود، كما يبقى السؤال المصيري الذي نحتاج لاستحضاره أيضاً ونحن نواجه التحديات الآنية هو ما هو المطلوب؟ وكيف يمكن المحافظة على ثمار الانتصار الشعبي؟.

*من أهم الدروس المستخلصة من الانتفاضة الشعبية ١٩٨٥م، استحالة استمرار حكم الحزب الواحد مهما كانت الشعارات التي يرفعها، والإنجازات التي حققها، وهذا درس تأريخي تعلمته الشعوب عبر تجارب الحكم المختلفة، أنه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار والتنمية والبناء في غياب التراضي الوطني على ثوابت قومية يمكن التنافس حولها سلمياً بتداول السلطة ديمقراطياً.

*لم يستطع حكم الحزب الواحد الذي استمر ١٦ عاماً في الحقبة المايوية القضاء على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الديمقراطية، فما ان انتصرت الإرادة الشعبية إلا وعادت الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وعادت الحياة الديمقراطية من جديد.

*تجيء ذكرى الانتفاضة الشعبية هذه الأيام والسودان مواجه بتحديات داخلية وضغوط خارجية تستدعي استلهام درس انتفاضة أبريل ٨٥ وكل الدروس الوطنية التي أثبتت أنه لا سبيل لتحقيق تطلعات المواطنين المشروعة نحو حياة حرة كريمة إلا في ظل السلام الشامل والاتفاق القومي الذي يوقف نزف الدم السوداني ويفتح صفحة جديدة للمستقبل بمشاركة كل السودانيين بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية ومكوناتهم الجغرافية والسكانية.

*في ذكرى الانتفاضة الشعبية تتأكد الحاجة إلى توحيد الإرادة الشعبية وإحياء مبادرة الحوار السوداني ودفع استحقاقاتها كاملة لإنجاحه، من أجل بناء الاتفاق القومي الذي يوقف النزاعات والحروب المكلفة، والانتقال إلى مربع السلام والاستقرار والحريات والديمقراطية والعدالة والتنمية والتعايش الإيجابي بين كل مكونات الأمة السودانية.