منوعات

طفل للإيجار.. من يرغب؟


قرنفلة للدخول
قد يأخذك العنوان، وتستغرب المفردة وتستنكرها، وتحاول أن تجد تحليلاً آخر لها كأن تحاول إقناع نفسك بأنها خطأ مطبعي، أو إملائي أو غيره، لأن الطبيعي أن تكون بيتاً للإيجار أو محلاً أو حتى مكتبا. قبل أن نتابع القراءة نرجو أن تصطحب معك كلمة أخرى وهي (كشة).

قرنفلة للدخول

الجهات الأمنية المختصة بأمر محاربة العادلت السالبة قامت بالتعاون مع وزارة الرعاية الاجتماعية القيام بحملة (كشة) لجمع المتسولين في الخرطوم.

الحملة التي عمت كل أنحاء العاصمة؛ كشفت عن أرقام فلكية لم تستطع القوى التي خرجت بالإضافة للجنة كبيرة من إحصاء الرقم الحقيقي لعدد المتسولين في ولاية الخرطوم.

د. التجاني الأصم؛ قال في منتدى أقامته “التغيير” أمس، إن عدد المتسولين كبير جداً، وإن 70% منهم أجانب، وإن الحملة الأخيرة قد أفضت إلى أعادة عدد 465 متسولاً أجنبياً إلى بلدانهم.

لكن الفاجعة الكبيرة التي أذهلت الحضور، والتي كشفتها الحملة أن بعض الأسر تقوم بتأجير أطفالها للقيام بعملية التسول، نعم عزيزي القارئ أسرة سودانية تؤجر طفلها ليوم كامل بملغ 25 جنيهاً في اليوم.

وهو ما كشفت عنه إحدى المتسولات بعد أن ألقي القبض عليها لاحقاً، وكانت قد لاذت بالفرار من الحملة ورمت الطفل الصغير وهو ما جعل (ناس الكشة) في حالة استغراب كيف لأم أن ترمي طفلها وتهرب.

القضية الآن أضحت في غاية العمق ووصلت حد العصب الحي، فالعصابات لم تعد تستغل الأطفال مجهولي الأبوين فقط، بل صارت تستغل فقر الأسر وحاجتهم وجهلهم وتؤجر أطفالهم.

وننتظر في حال استمر الحال كما هو، أن نشاهد في شارع عبيد ختم محل ليموزين لتأجير الأطفال، وستتفاوت الأسعار حينها حسب العمر واللون، وملامح الطفل، أو سيكون في بحري (كرين) لتأجير الأطفال، أو سوق للتأجير باليوم أو بالشهر، وسيدخل في التجارة محامون وعقود وشهود على عقد الإيجار هذا إن لم تتطور من إيجار إلى بيع.

الواقع المعاش الآن يقود المواطن السوداني لارتكاب الكثير من المحاذير ومخالفة كل الأعراف والتقاليد، بل وحتى الأديان، فالجوع كافر، ولا فضيلة مع الجوع. سمعنا عن بيع الأعضاء واليوم نعايش إيجار الأطفال، والله وحده يعلم ماذا سيبيع أو يرهن الإنسان السوداني في ظل الظروف التي يعيشها.

د. التجاني الأصم؛ مدير إدارة التوجيه والتنمية وزارة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم، قال في المنتدى الذي أقامته صحيفة “التغيير” بعنوان (التسول بين القانون والواقع)، وتحدث بإفاضة ودقة وأرقام عن واقع التسول في العاصمة لكنه لم يخفِ حقيقة أن الأمر أكبر من مجرد قانون، بل يحتاج لكثير من الوعي والإرشاد والعمل والتنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة.

ونحن نكتب عن هذه القضية؛ نتمنى أن يتكرم أحد السادة المرشحين لرئاسة الجمهورية وقراءة ما جاء فيها ليتدخل في برنامجه الانتخابي، لأنه – على حد يقيننا – ألا شيء يعلو على إنسانية المواطن وقيمته وروحه.

قرنفلة للخروج

ربي ما تحرم بيت من الأطفال.

صحيفة التغيير