الطاهر ساتي

القبر .. خط أحمر ..!!


:: ومن الأمثال الشعبية العريقة، مسمار جحا ..ويُحكى أن عمنا جحا باع داره لجاره وقبض سعرها، ثم غرس مسماراً في جدار الدار، وألزم الجار بأن عقد بيع الدار لايشمل المسمار.. وبمنتهى الغباء، وافق الجار على هذا النص الغريب..وبالموافقة، ظل عمنا جحا يطرق باب الجار يومياً، ويسأله : ( حال مسماري كيف؟)..وأحياناً مرتين في اليوم، ليتفقد حال مسماره، ومستأذناً : ( ممكن أدخل أشوف حال مسماري؟)..فاستاء الجار، وهرب من القرية تاركاً داره و (مسمار جحا)، وهكذا صار الحدث مثلاً شعبياً..!!

:: وهكذا تقريباً حال حكومة الخرطوم مع آل الشريف الهندي، طيب الله ثراه.. مات الشريف الهندي، رحمة الله عليه، تاركاً وصية مفادها أن يتم دفنه في مزرعته وتم تنفيذ الوصية..ولاحقاً، بعد سنوات من وفاته، تم تحسين أرض المزرعة الشريف الهندي، أي تحويلها من أرض زراعية إلى قطع أراضي سكنية، ومثل هذا التحسين لايتم إلا بموافقة أصحاب الأرض أو ورثتها..وعند التحسين، حسب القانون والعُرف، بعد تخطيط الأرض وتقسيمها إلى قطع سكنية يتم تقاسم القطع السكنية بين أصحاب الأرض والحكومة الولائية..وهذا ما حدث لمزرعة الشريف الهندي، إذ للورثة نصيب في تحسينها مقدر ب (28 قطع)..!!

:: ولكن – حسب الخبر الرئيسي لليوم التالي بعدد الأمس – يبدو أن قبر الشريف الهندي – بعد التخطيط والتوزيع والقسمة – وقع في نصيب حكومة الخرطوم.. باعت الحكومة نصيبها لإحدى الشركات، ثم قصدت الشركة الهندسية لتنفيذ مشروع ما في الأرض التي نالتها الحكومة بقانون التحسين، ولكنها تفاجأت بتظاهرة تحول بينها والأرض بسبب (قبر الشريف الهندي)..وهرول جيش من الحكومة – بقيادة جلال الدقير مساعد رئيس الحكومة إلى موقع الحدث – لحماية قبر الشريف الهندي.. وأحسن والي الخرطوم عملاً بإيقاف الشركة الهندسية عن الحفر في هذه المنطقة ثم الوعد بمعالجة أضرار الشركة في أرض أخرى بشرق النيل ..!!

:: لقد أخطأت الحكومة في البداية، فالقطعة التي بها قبر الشريف الهندي – عند التحسين والتوزيع والقسمة – كان يجب أن تكون من ( نصيب الورثة)..هذا أو كان على طرفي الأرض – الورثة و الحكومة – إخراج القطعة من (دائرة التحسين)..المهم، إنتهت الأزمة و لن يُمس قبر الشريف، كما أكد والي الخرطوم..ولكن الطريف في الأمر، عندما دشن الحزب الإتحادي الديمقراطي حملة المرشحين من قبل الحزب بولاية الجزيرة، لم يجد زعماء الحزب من محن الزمان و كوارث المكان ما يستغلونها في خطابهم الإنتخابي غير قبر الشريف الهندي، عليه رحمة الله، وما كاد أن يحدث له ..!!

:: بالجزيرة، أمام قواعد الحزب، بعد أن حذر بالمساس بضريح الشريف الهندي، توعد قائلاً بالنص الحماسي : (إن الحزب لن يسمح بأن تمر آلة بقبر الشريف إلا على أجسادهم)، محمد يوسف الدقير.. والجماهير – كالعادة – تهتف وتصرخ بحماس لأن جُرعة تغيش الوعي التي حقنهم بها المتحدث سرت في الأوردة والشرايين لحد إختزال قضايا الكون في ( قبر الشريف).. وعلى كل حال، بهذا الخطاب، أصبح أمر حماية قبر الشريف الهندي من آليات تلك الشركة ( برنامجاً إنتخابياً).. شكراً للشركة الهندسية، إذ لولا توغل ألياتها في ضريح الشريف الهندي – طيب الله ثراه – لما وجد حزب الدقير قضية وطنية يزايد بها الحكومة و حزبها الحاكم في ( موسم الإنتخابات)..!!


‫2 تعليقات

  1. طالما جماعة الرئيس البشير قالوا تابعين للسعودية كان لابد من تحويل القبر لمكان أخر غير معروف حتي لاتكون مجال للبدعة والفتنة وازالتوا تكونوا بحسن النية كما فعلوا آل سعود بهدم اثار بيت الرسول (ص) ومكان تعبدوة بحسن النية حتي لايقع في البدع والفتنة وقد بنوا في مكانه (حمام عام) تصورا انظروا الفيديو داااااا

    https://www.youtube.com/watch?v=c9KA55k0Hnw