تحقيقات وتقارير

لا تزال شكاوى المواطنين من تأخير الإجراءات قائمة وجبة الإفطار أثناء العمل.. “إيقاف المراكب السائرة”


لا تزال شكاوى المواطنين من تأخير المعاملات والإجراءات في بعض المؤسسات الحكومية تتصدر قائمة المشاكل اليومية التي تواجههم، كما إن العملية التي كانت على ما يبدو مقتصرة في القطاع العام؛ امتدت الى القطاع الخاص .

وفي حي العمارات شرقي الخرطوم رصدت “التغيير” مواطنين قرب صرافة في انتظار تحويلات مالية من الخارج، وتعذر دخولهم الى مكاتب الصرافة بعد أن أبلغهم عامل في الباب أن الموظفين منشغلين مع وجبة الإفطار .

ورغم اليأس الذي دب في نفوس المواطنين من الانتظار والمكوث لساعة إضافية في انتظار إنهاء الموظفين لوجبة الإفطار، إلا أن أحد العملاء تمكن من الاتصال بمدير الصرافة وأبلغه بالمشاكل التي تواجه العملاء مع وجبة الإفطار بالصرافة واضطرارهم الانتظار لساعة إضافية، وتمكن أحد العملاء من إبلاغ مدير المجموعة الذي ألزم الموظفين بالعودة الى العمل فوراً ومباشرة المهام الملقاة على عاتقهم مبدداً شكوك للعملاء من عدم الاكتراث للأزمة، وأضاف أحد العملاء لـ”التغيير” إن الموظفين تعاملوا بشكل غير لائق مع العملاء ولم يسمحوا لهم بالدخول الى الصرافة قبل تناول الإفطار “.

وأطلت أزمة الإفطار برأسها في المؤسسات الحكومية في الفترة الأخيرة واضطرت وزارة العمل الى تعميم منشور يمنع الخروج عن المؤسسات لغرض تناول الإفطار، وألزم المنشور الموظفين والعاملين بالتقيد بساعات العمل، واتخذت وزارة العمل قرار منع الإفطار خارج المؤسسات الحكومية بعد تصاعد شكاوى المواطنين من تعطيل الإجراءات بحجة الإفطار .

وعادة ما يفضل السودانيون تناول الإفطار في الساعة العاشرة صباحاً عكس بعض الدول المحيطة بالسودان والتي تتحين فرصة الإفطار في الساعة السابعة صباحاً أي قبل موعد مزاولة العمل، وهو ما يشير اليه الباحث الاجتماعي؛ عمر الفاروق الى أن تعديل وجبة الإفطار على غرار تقديم الساعة أمر لا مناص منه لأن ظاهرة تعطيل الإجراءات في المؤسسات أصبحت تشكل هاجساً لطالبي الخدمة “.

ويقول مواطنون إن بعض الموظفين لا يعودون الى مزاولة العمل الا بعد الساعة الواحدة ظهراً لأنهم يلجأون – في أوقات كثيرة – لتناول الإفطار قرب موقع العمل خاصة وأن أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة لا تخصص مطاعم داخلية .

ودرجت شركات غذائية كبيرة في العاصمة على تخصيص نصف ساعة لوجبة الإفطار في مطاعم ملحقة بمباني الشركة والمصنع ولا تتيح الخدمة السريعة التي يجدها العاملون في تلك الشركات على تبديد الوقت لأنها تعد الوجبات بشكل سريع بتعيين طهاة برواتب مجزية .

وتفضل الشركات والمصانع الكبيرة تخصيص الوجبات طبقاً لخبراء التغذية، فمثلاً اعتاد موظفو شركة غذائية شمالي العاصمة على تناول البقوليات مطلع الأسبوع والمشويات في منتصف الأسبوع، ويفضل الطهاة تخصيص قوالب الحلوى في نهاية الأسبوع كسراً للروتين .

ويرى المحلل الاجتماعي؛ عمر الفاروق، إن النظام الغذائي الذي تتبعه الشركات الناجحة في السودان، ينبغي أن يكون برنامجاً للمؤسسات التي تتطلع الى النجاح، وأضاف “الكوادر البشرية ينبغي أن تكون مكان اهتمام مدراء العمل حتى الجوانب الاجتماعية والنفسية والمعنوية “.

ويقول فاروق إن العديد من الموظفين والعمال يجدون في وجبة الإفطار ملاذاً لبث شكواهم حول عدم الترقيات أو تأخر الرواتب الشهرية والمشاكل التي تواجههم في شؤون الحياة، وأضاف “تقلص الاجتماعيات أجبرهم على التلاقي في العمل فقط “.

ويدعو خبراء اجتماعيون الى تبني خطة إعلامية لتوعية الموظفين والعمال بضرورة إنهاء وجبة الإفطار في وقت مبكر من الصباح قبيل مزاولة العمل. وتقول الباحثة الاجتماعية شذى عثمان لـ”التغيير” إن ظاهرة التأخر في العمل بحجة الإفطار تحولت الى “عادة ضاربة في الجذور لن تنتهي إلا بالتوعية والإرشاد بالفراغ من الإفطار قبل مزاولة العمل “.

وترى شذى أن غالبية الدول المحيطة بالسودان تنهي وجبة الإفطار في ساعة مبكرة من الصباح لأن الإفطار المبكر يتميز بفوائد عديدة؛ أولها مباشرة العمل بشكل جيد دون تعطيل الى جانب الفوائد الصحية. وتشير شذى الى أن تأخير الوجبات ظاهرة امتدت الى المنازل، فمثلاً تحول الإفطار الى الساعة 12 ظهراً بدلاً عن التاسعة صباحاً، وأصبح غالبية السكان غير منضبطين في تناول الوجبات الثلاث لاختلالات اجتماعية .

صحيفة اليوم التالي