تحقيقات وتقارير

مرحلة اللاعودة: يقول حسن مكي إن أوباما لا يحتاج لحرب على الجنوب فقرار من الأمم المتحدة بالنفط مقابل الغذاء ربما يفقد سلفاكير السيطرة على البقاء.. أحوال جوبا


بعد حوالي أربعة أعوام من انفصال جنوب السودان تزداد الأوضاع بالدولة الوليدة من سوء إلى سوء، وسط حرب أهلية طاحنة أبادت عشرات الآلاف من أبناء الجنوب الذين حلموا بدولة مستقلة يكون لها كيان بين الدول، ولكنهم استيقظوا من حلمهم على كابوس قضى على رغباتهم المشروعة بوساطة نخبة غير مؤهلة لإدارة البلاد، غرقت جميعها في أنانية عجيبة على حساب شعب الجنوب المكافح. وتوقع الكثير من الخبراء هذا المشهد قبل الانفصال وحذروا منه كثيرا، إلا أن الجنوبيين أصروا على تكوين دولتهم بتشجيع من المجتمع الدولي الذي ينفض يده عن الجنوب الآن، إلى درجة أن يصف أوباما جنوب السودان بمهدد للأمن القومي الأمريكي!

ولم يصل ماراثون المفاوضات بين سلفاكير ومشار تحت رعاية الإيقاد إلى شيء. ويؤكد المراقبون أن الطاولة لن تفضي إلى حلول بسبب تعنت طرفي النزاع والخلفيات القبلية التي تعمل وكادت تفتك بالجنوب.

ويبدو أن سلفاكير رغم تمكن المرض منه لا يريد التنازل، وكذلك مشار الذي يرى نفسه المناسب للحكم، فيما تقف الأحزاب الجنوبية مكتوفة الأيدي وسط النزاع، ربما لضعفها أو لسيطرة سلفاكير عليها، فعندما أراد رئيس جنوب السودان تشكيل حكومة جديدة دعا المعارضين بخارج جوبا للمشاركة بالحكومة، وأعطى بعضهم حقائب وزارية بالفعل، إلا أنه سحبها عنهم بعد ذلك، واستطاع أن يستقطب د. لام أكول الشخصية الأكثر زخما في الجنوب إلى جانبه، ونجح في إرجاع أكول للجنوب، ولكن سرعان ما انقض عليه ومنعه من السفر خارج الجنوب الآن، ويؤكد أكول أنه لا يعرف سببا لمنعه من السفر حتى الآن وقال أكول في اتصال هاتفي من جوبا لـ(اليوم التالي): مازلت ممنوعا من السفر ولا أعلم سببا لهذا القرار وماذا يقصدون منه.

ويلوح المجتمع الدولي الآن بفرض عقوبات على الجنوب بعدما كان يعد الدولة المرتقبة بالتنمية والدعم حال انفصالها، فيما تقابل حكومة الجنوب ذلك بالهجوم على المجتمع الدولي في صورة كان من الصعب تخيلها قبل أعوام، وكأن المجتمع الدولي يحاول قتل وليده الصغير لأنه يهدد مصالحه. ووجه وزير الإعلام والمتحدث باسم حكومة جنوب السودان مايكل مكوي، انتقادات لاذعة لرئيس منبر الأحزاب بجنوب السودان لام أكول، الذي أبدى استغرابه لتهديدات سلفا كير للمجتمع الدولي الساعي لفرض عقوبات على جنوب السودان. وقال مكوي في تصريحات صحفية بجوبا قبل أيام إنه يعتقد أن رئيس منبر الأحزاب (لام أكول) ليس قومياً أو أفريقياً لأنه يطالبنا بألا نهاجم العالم الغربي. من جانبه يرد أكول على مكوي قائلا: مكوي يقول ما يريده، وأضاف أكول لـ(اليوم التالي): لم أطالب سلفاكير بعدم مهاجمة المجتمع الدولي ولم أنصحه بذلك، وقلت لو لم نصل إلى حلول لمشكلة بلادنا فسوف يتدخل الآخرون لحلها، ومازلت أقول ذلك وأُصر عليه، وقال: لم أسمع بأن أوباما بعث برسالة للكونجرس يطلب فيها السماح له باستخدام قرار الحرب ضد الجنوب لحماية المصالح الأمريكية والرعايا الأمريكيين، مبينا أن ما حدث هو تجديد للقرار الأمريكي الذي اتخذ قبل عام بأن الوضع في الجنوب يهدد الأمن القومي لأمريكا، وأن هذا القرار يترتب عليه ترتيب الأوضاع بين أمريكا وجنوب السودان.

أما عبد الله دينق نيال القيادي الجنوبي المعارض فقال إن تأثير العقوبات الدولية على الجنوب سيكون على المواطن بالدرجة الأولى، وأضاف نيال في اتصال هاتفي من جوبا لـ(اليوم التالي): أما العقوبات على أفراد فهذا لا يهم، وتعجب من الحديث بأن أوباما يريد الحرب على الجنوب، وقال: إذا حدث ذلك فإنه تطور غريب من أمريكا، ولكننا لم نسمعه مباشرة ولم يتضح لنا حتى الآن، مناشدا الأطراف المتصارعة بوقف الحرب فورا، وأن يحققوا السلام عاجلا حتى لا تدخل البلاد في محطة المواجهة الدولية، محذرا طرفي الصراع من هذا السيناريو، وقال: لابد من تحقيق السلام اليوم قبل الغد حتى لا تتفتت الدولة، لافتا إلى أن الحركة الشعبية هي التي تقاتل نفسها بين الحكومة والمعارضة المسلحة، وقال: لأنهم يملكون السلاح ولذلك يهددون مستقبل الجنوب، مضيفا: أما نحن كأحزاب سياسية فننبذ العنف ونريد العمل في سلام.

وتزداد الاتهامات المتبادلة والهجوم الجنوبي الجنوبي داخل وخارج جنوب السودان بتصريحات لاذعة في كل اتجاه دون وعي سياسي يعكس بأن الأوضاع لن تخرج من هذا المنحدر العميق، حتى السودان أقرب المقربين للجنوب لم يسلم من ذلك، فهناك تأكيدات من السودان بأن الجنوب مازال يدعم حاملي السلاح، كما اتهم الرئيس البشير جنوب السودان بالإساءة لقبائل رعوية سودانية، اعتادت على دخول الأراضي الجنوبية بصحبة مواشيها خلال موسم الجفاف، وذلك على طول 2000 كلم من الحدود الفاصلة بين البلدين، بينما فتح السودان حدوده أمام اللاجئين الجنوبيين الفارين من الحرب هناك وضمن أمنهم ومأكلهم. ويعلق لام أكول على هذا الاتهام قائلا: عندما تكون هناك حرب يكون هناك انفلات أمني تستغله أطراف أخرى، ولكن أكول لم يجزم في رده على سؤال (اليوم التالي) هل هو انفلات أمني أم أنه عمل مقصود من حكومة الجنوب؟ ولم يعلق عبدالله دينق نيال على هذا الاتهام وقال: حكومة الجنوب هي التي ترد على ذلك.

من جهته يؤكد الدكتور حسن مكي رئيس جامعة أفريقيا العالمية السابق والخبير الأفريقي أن الجنوب دخل إلى مرحلة اللاعودة. وقال مكي لـ(اليوم التالي): ليست هناك دولة بالجنوب ولا يمكن إقامتها، مضيفا: ليس هناك جيش إنما هي مليشيات، وهناك تدخلات عسكرية من يوغندا، وكذلك يتلقى مشار دعما من إثيوبيا، مؤكدا أن أوباما لا يحتاج إلى حرب ضد جنوب السودان، وتابع: عليه فقط أن يوقف ضخ البترول، لأن البترول هو الذي يسير الجنوب كدولة، وزاد: يمكن بقرار من الأمم المتحدة شبيه بقرار العراق النفط مقابل الغذاء أن يفقد سلفاكير بعده السيطرة على البقاء، لافتا إلى أن المسألة في الجنوب الآن ليست التفكير في عودتهم للشمال، وقال إن موسفيني يريد الجنوب منطقة عازلة مع السودان، وأيضا إسرائيل تعمل على شد الأطراف هناك، وكذلك الكنيسة، مضيفا: القضية ليست مراجعات جنوبية فالجنوبيون مازالوا يتشبثون بالبقاء.

وما بين تشبث النخبة الحاكمة في الجنوب بالبقاء وبين الأوضاع المتردية يعيش الشعب الجنوبي حالة من الفقر والخوف والقلق على مصير دولتهم المأزوم، فهل آن الآن لدولة سودانية موحدة مرة أخرى أم أن الجنوب لن يعود إلا بعد أن تنتهي دولته تماما؟.

صباح موسى
صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. بلاش كلام فارغ هو البيطلع منكم تانى برجع؟؟؟؟؟؟؟
    شووفو باقى السودان وخلوه موحد