أبشر الماحي الصائم

من انقلب على من


جاء في صحف الأمس على لسان السيد الإمام الصادق المهدي: “إن النظام ينقلب من الخندقة الإيرانية الإخوانية إلى الخندقة الخليجية”.. إنتهى حديث الامام والحديث لمؤسسة الملاذات الجناح الفكري.. ربما أن السيد الإمام يدرك قبل الآخرين.. أو قل إنه تميز على كل اللاعبين السياسيين بهذه الثقافة “ثقافة الانقلاب السياسي وفق المصلحة والمراحل “وهو يومئذ غير ملام.. على أن السياسة عالم متغير ﻻ تصلح معه حالات التجمد والتخندق في محطة واحدة وإلا تجاوزك قطار الأحداث.. فها هو السيد الإمام المهدي فى كل موسم هو شأن آخر وخندق وفق ما يخدم مصلحة حزبه وكيانه.. لدرجة أن كثيرين يعيبون على السيد المهدى أنه لا يستقر على حال مع المعارضة أو الحكومة.. فالسيد الصادق الآن يتخندق مع المعارضة وسط حديث متداول بقرب عودته إلى خندق الحكومة مرة أخرى.. ومع ذلك ليس بمقدور أحد أن ينال من تجربة ودراية ودربة السيد الصادق المهدي.. الذي كانت أول وظيفة له هي وظيفة “رئيس مجلس الوزراء” وهو يومئذ لم يبلغ الثلاثين بعد.. فضلا عن أنه مارس السياسة مع عمالقة من أمثال الأزهري والمحجوب وزروق والشريف حسين الهندي.. ولم يكن له نديد الآن إلا الدكتور حسن الترابي.. فمعظم الذين يشتغلون بالسياسة الآن هم بالكاد مجرد تلاميذ للرجل الإمام.. ففي المقابل ليس بليغا من سيد التقلبات السياسية الأول ونجمها أن يلوم الآخرين على تقلباتهم التي يرونها في مصلحة البلاد والعباد.. فبإمكان رجل الأمة الكبير أن يرمي الحكومة وحزبها الحاكم بكل جريرة إلا جريرة التقلبات التي هو سيدها.. وكل هذا لا ينال من تقديرنا واحترامنا للسيد الإمام الذي تمنينا دائما أن يكون داخل البلاد قائدا للعمل الوطني.. ولكن ليس بأمانينا وأماني أهل الكتاب السياسي تسير الأمور، فاللرجل تخندقاته التي ﻻ نجرؤ على دحضها .

* وفي المقابل هنالك حقيقة ظلت غائبة لو أنها ترسخت من أول يوم ﻻستقامت فلسفة (انقلاب النظام) فى نظر المحللين والمهللين معا.. وهذه المعلومة تتعلق بوجهة الحركة الإسلامية العالمية تاريخيا.. التي تنزع إلى عدم مسايرة الاقتتال المذهبي واستمرار عملية تعايش المذاهب الإسلامية.. كما كان هو الحال على مسيرة عقود بأكملها.. على أن المستفيد الوحيد من عمليات الاقتتال الداخلي للأمة هو العدو الصهيوني.. وهو ذاته من قاد المنطقة إلى حالات الهرج والمرج وطفق يناور ويوفر مزيدا من الزيت على النار المشتعلة، ولوﻻ طموحات الشيعة التوسعية والانقلابية لما تصدى لهم أحد.

* ثم لو أن هنالك انقلابا فهو بامتياز الانقلاب السعودي الذي قام به الملك البطل سلمان بن عبدالعزيز.. والذي قلب استراتيجية المعركة رأسا على عقب.. بحيث لم يعد حزب الإصلاح اليمني والإسلاميون هم العدو.. على أن العدو هم الحوثيون الانقلابيون والشيعة المتربصون.. غير أن سليل الملك عبدالعزيز آل سعود هو من وضع حصان الأنظمة العربية.. وهي تجعل من الإسلاميين المعتدلين عدوا.. وضعها أمام العربة.. وإن كتب لهذه الوجهة السياسية المباركة أن تستمر.. فستفضى لا محالة إلى حالات صلح عربي داخلي مهمة تبدأ في مصر الحبيبة.. ليخرج الإخوان المصريون من السجون وفق صيغة تعايش ومشاركة وطنية محترمة ومن ثم لتخرج أعظم دولة عربية من حالة الأسر إلى ساحات القضايا المصيرية.. ودعونا نواصل هذه الأحلام والأشواق.. بحيث أن هذه المسيرة القاصدة ستنتهي لا محالة إلى محطة وقناعة.. أن العدو الحقيقي هم الصهاينة المغتصون والمتشددون المخترقون من قبل مخابرات العالمين.. على أن الإسلاميين المعتدلين هم رصيد هذه الأمة وحملة مشعلها وسر وزنتها الاستراتيجية.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. تصبحون على خير.