رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: فرختين في العام …يا حرام


كنت انتظر دوري ..او في الحقيقة انتظر ان يلتفت الجزار ناحيتي ..ولكن هيهات فاليوم جمعة والامة مجتمعة ..ولن يتبين صوتي بين هدير اصوات الرجال الذين تداخلت صرخاتهم (عليك الله اقطع لي من الفخدة ..)..واخر (ام فتفت بالله .ايواااا..بس كثر من العتي دا )..تدافع الناس يوم الجمعة في الجزارة ..جعلني ابتسم تلقائيا وانا أقول لنفسي ..نحن شعب يصنف من (اكلة اللحوم ) ..في مقابل تلك الشعوب العشبية وأصحاب الرز والسلطات … اللحوم الحمراء هي المتسيدة لموائد السودانيين ..لا نطبخ الا باللحم… وليست من ضمن ثقافتنا تلك الاكلات (الاورديحي ) على قول المصاروة ..الخالية من الدسم واللحم والشحم….واعتقد اننا نتفرد باكل (النئ ) من اللحوم واكباد الضان والابل .
فجاة قفز الى ذهني ذلك المقطع الذي تداوله الناس في الواتساب ويظهر فيه احد المستثمرين العرب في لقاء تلفزيوني ..كانت المذيعة تسمع رأيه في الاستثمار في مجال الدواجن في السودان ..قال المستثمر (السوق السوداني لا يزال متعطشا للمزيد من الاستثمار في الدواجن ..مقارنة بمعدل الاستهلاك العالمي .. استهلاك الفرد عالميا حوالي ثلاثين فرخة في العام بينما معدل استهلاك الفرد السوداني ..فرختين في العام )…وقبل ان يستطرد الرجل في كلامه ..اذا بالمذيعة تنفجر ضاحكة وهي تقول من بين ضحكاتها (يا حرام ..فرختين في العام ..مش ممكن )…انتهى المقطع قبل ان أعرف نهاية الحوار وما اذا حدث اي توضيح للالتباس بشان تفضيل السوداني للحوم الحمراء على البيضاء .
لا يزال العالم العربي يجهل عن السودان الكثير وستجد من الأعراب من لا يعرف شيئا عن السودان غير (امو دورمان ) كما ينطقونها …واذكر انني شاهدت قبل فترة ليست بالقصيرة برنامجا مصريا يسال الشباب المصري في الشارع عن المعلومات العامة …احدى الأسئلة كانت (هل تعرف اين دارفور)؟؟ …ولم يعرف احد الاجابة الصحيحة بل شطح احد الشباب وقال ان دارفور نهر في امريكا الجنوبية …هذا على نطاق المواطن العادي ورغم ان دارفور أصبحت أشهر من نار على علم …ولكني كنت انتظر واتوقع من المذيعة التي تدير حوارا حول الاستثمار في السودان ان تعلم بالضرورة ان السودان هو صاحب اضخم ثروة حيوانية في العالم العربي وان اعداد الضان في اخر تعداد كان يقارب الخمسين مليون رأس ..متفوقا على عدد البشر …وان الذي يريد الاستثمار في الدواجن في السودان سيكون عليه اولا تغيير الثقافة السودانية وذلك الاعتقاد الاصيل في لحم الضان والبقر والابل وان الدجاج لا زال يقاتل ليجد مساحة في قلوب السودانيين .
الشئ الاكيد ان هناك قصور اعلامي من جانبنا في كل المناحي ..ولا زلنا نغرق في المحلية ولو فكرت مثلا ان تبحث في شبكة الانترنت عن السوادن ..ستجد أغلب المواقع اما مغلقة او اخر تحديث كان عند انشائها …وفي المقابل لا تبذل القنوات العربية جهدا لكي تجري بحثا عن السودان يمكن به تجنب سقطات مثل هذه…وكذلك هم متاكدين من (طيبة) الشعب السوداني وانه مادة جيدة للسخرية في الفضائيات والان وبعد ان اكتملت حلقات التندر ….اخر موضة أصبحنا مادة للشفقة ومصمصة الشفاه ….. (يا حرام ..فرختين في العام )…..يا سيادة المذيعة الفرد السودني فعلا يستهلك فرختين في العام… ولكن معها تلاتين اربعين خروف كدا وبالجنبة كذا راس من الابل والبقر ..وكلو كوم والمرارة وام فتفت كوم تاني ….وصباحكم خير

د. ناهد قرناص


‫3 تعليقات

  1. العرب لن يفهمونا ابدا
    فلا تتعبو انفسكم
    خلوهم على جهلهم
    حنفهم مين ولا مين
    وبالتاكيد هم لا يتابعون وسائل الاعلام التي سوف نقدم فيها معلومات عن السودان
    هذة الشعوب سوف تموت بجهلها

    1. يا ameen هذا هو خنوع السودانيين بعينه التي عنته الدكتورة ، إستسهال لكل ما ينس كلاامتنا و كبرياءنا بل و سمعتنا و غلإستهزاء بأي محاولة للرد و إعلاء الشأن !!! الدكتورة مشكورة ما قصرت و حاولت أن (ترد) لينا )بعض من ماء وجه أهدره غيرها و لم تقف مكتوفة اليد و هي تطلع على تلك المادة المتداولة (إسفيرياً) و أبت نفسها و إلا (أضعف الإيمان)!!! فلها من كل التقدير و الود و التحية!!