تحقيقات وتقارير

القمح .. ارتفاع فاتورة الاستيراد و البحث عن البدائل والحكومة تعتزم حل المشكلة بخلط القمح المستورد بالمحلي


ظلت مشكلة القمح و ارتفاع فاتورة استيراده خلال السنوات الماضية هما مؤرقا للحكومة ، و كثرة في الآونة الاخيرة ازمات شح الدقيق التي كادت في بعض الاحيان ان تقود المواطنين للتظاهر ، و ما زالت مشاكل التلاعب في اوزان الخبز و رفع اسعاره محل شكوي من قبل المستهلكين ، و تحدثت الجهات المسئولة كثيرا عن المشكلة و شخصتها و لخصتها في الفجوة القائمة في القمح و التي تكمل بالاستيراد و كانت مشكلة ارتفاع اسعار المدخلات عاملا مساعدا علي ازمات الخبز المتتالية و اتجهت الحكومة بجدية لحل المشكلة بعدة وسائل علي رأسها الاهتمام بزراعة القمح وتشجيعها لزيادة انتاج البلاد و الاستفادة منه مخلوطا بالقمح المستورد .

وفيما يري البعض ان مشكلة الدقيق و الخبز مقدور علي حلها متي ما جدت الحكومة في الاهتمام بزراعة القمح في موطنه الاصلي و في المشاريع الكبيرة و اهتمت بالبحوث ينظر البعض الآخر للامر كمستحيل في ظل الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي و في ظل اصرار المطاحن علي الاستيراد بحجة ان القمح المنتج محليا غير صالح للطحن .

و كانت المطاحن قبل عدة

سنوات قد رفضت القمح المنتج في السودان و ذكرت انه غير صالح للطحن لأسباب تتعلق بنسبة الرطوبه فيه و اثبت مختصون عكس ذلك وقال بعضهم ان المطاحن و الشركات تريد الاستفادة من دولار القمح و لذا فهي ترفض و تتحجج بأن القمح غير صالح للطحن و أكدوا سهولة معالجتها واشاروا الى إن نسبة الرطوبة بالقمح تتغير بحسب المنطقة، لكنهم قطعوا بامكانية التغلب على ذلك بإضافة نسبة معينة من الرطوبة. وأشاروا إلى أن المعدل العالمي للرطوبة هو 15%، بينما الرطوبة في القمح السوداني تبلغ 7%، ذلك من السهل إضافة 8% من الرطوبة حتى نصل إلى المعدل العالمي، و يتساءل البعض عن هل مطاحن الدقيق متمسكة بما ذكرت ؟ و كيف ستنفذ الحكومة خططها في الشأن و يجيب مدير عام قطاع الاقتصاد بوزارة المالية و الاقتصاد و حماية المستهلك بولاية الخرطوم عادل عبدالعزيز علي هذه التساؤلات في حديثه ل «اخبار اليوم» : توصلت المطاحن الرئيسية الثلاثة سيقا وويتا وسين الى معادلة تقضي بخلط القمح المستورد بنسبة 60% بالقمح المحلي بنسبة 40% والنتيجة دقيق ممتاز يصلح لصناعة الخبز. وعلى هذا شرعت هذه المطاحن في استلام القمح المحلي ، و أكد عادل ان وزير المالية الاتحادي عقد اجتماعا يوم الاحد الماضي وجه فيه البنك الزراعي – إدارة المخزون الاستراتيجي بتسريع عمليات الاستلام من المزارعين والتسليم للمطاحن .

و أكد عادل ان الحكومة ستقدم تسهيلات بنكية للمطاحن عبر البنك الزراعي بما يمكنها من شراء كل الكمية المتوقع انتاجها وتقدر بحوالي 500 ألف طن ، و اشار الي أنه خلال العام 2013 بلغ استيراد السودان من القمح 2.3 مليون طن بتكلفة مليار دولار ، مرتفعاً من 2مليون طن بتكلفة 810 مليون دولار خلال العام 2012، وأضاف : يتم استيراد القمح بسعر خاص للدولار الامريكي يبلغ 2.9 جنيه للدولار ، في حين أن السعر الرسمي للدولار هو 5.7 جنيه للدولار، والفرق بين السعرين هو مقدار الدعم الذي يخصم من الايرادات العامة لصالح دعم استهلاك هذه السلعة

و قال : ان سعر (400 جنيه للجوال) يعادل بالسعر المدعوم للعملة السودانية مقابل الدولار حوالي 138 دولار وبالتالي يعتبر أعلى من السعر العالمي للقمح بإضافة المنصرفات الأخرى، و أكد ان القرار سوف يشجع المزارع السوداني على زراعة القمح في المواسم المقبلة، ويشجع البنوك على تمويل زراعة القمح، لأن استرداد التمويل ميسور وبأرباح معقولة ، وفور الاتفاق على القرار شرعت المطاحن الوطنية الثلاثة الكبرى، مطحن سين، ومطحن ويتا، ومطحن سيقا، في إجراء المعالجات الفنية اللازمة نحو خلط القمح السوداني بالأقماح المستوردة، لانتاج دقيق جيد مناسب لصناعة الخبز و اشاد بالمطاحن الوطنية وبأصحابها ومديريها و قال انهم قبلوا التحدي، وصمموا على إنجاح تجربة استخدام القمح السوداني.

و نادي الكثير من الخبراء بالاهتمام بزراعة القمح حتي تتجنب البلاد الاستيراد الذي يرتبط بالعملات الحرة التي تعاني البلاد نقصا فيها

وقال الخبير الاقتصادي البروفيسور ميرغني ابنعوف : الفكرة سليمة و يمكن ان تعمل علي حل المشكلة جزئيا و يمكن تنفيذها و بسهولة ، حتي في ظل الحديث عن عدم صلاحية القمح السوداني للطحن و هو حديث يفتقد الدقة لانه لا توجد قضية رطوبة و حتي اذا وجدت فيمكن بسهولة تفاديها بالتجفيف الجزئي و من يتحدثون عن عدم صلاحية القمح المنتج محليا يدعون ان هنالك مادة صمغية و صعبة الهضم لكن كل التقانات الموجودة ممكن ان تزيل هذه المادة او تقللها للحدود المسموح بها و يقولون ان هذه المادة تشبه الردة مع العلم ان اسعار الردة في السودان قد تساوي اسعار الدقيق لانها تستخدم علف و تستخدم جزئيا في المخابز.

تقرير : ابراهيم الصغير
صحيفة أخبار اليوم