محمود الدنعو

الحرب المفتوحة


من داعش في العراق وبلاد الشام إلى بوكو حرام في غرب أفريقيا والحوثيين في اليمن إلى الشباب في شرق أفريقيا حلقات متصلة أحيانا ومتقطعة أحيانا أخرى من العنف والدماء التي تراق هدرا لكرامة الإنسان دون جلب منفعة أو دفع ضرر معلوم وواضح، حلقات لا تنتهي من الفعل ورد الفعل من الاعتداء والانتقام.

وفي أول رد فعل كيني قوي على مجزرة طلاب جامعة غاريسا، شن الطيران الكيني غارات على معاقل حركة الشباب الصومالية دمرت خلالها معسكرين للحركة بحسب الناطق باسم الجيش الكيني، بينما نفت حركة الشباب تعرض معسكرين لها إلى التدمير، قائلة إن الطائرات الكينية لم تصب هدفها وأفرغت حمولتها من الحمم على أرض زراعية فقط.

إذن هي الحرب المفتوحة بين الشباب والحكومة الكينية منذ الهجوم على مركز ويست غيت للتسوق في نيروبي الذي راح ضحيه نحو 67 شخصاً وغيرها من الاعتداءات التي ظلت الحركة تنفذها داخل الأراضي الكينية انتقاما من مشاركة القوات الكينية في قتال الحركة في الصومال ضمن القوات الدولية وأحيانا منفردة، وتسعى الحركة من خلال تنفيذ هذه الاعتداءات الدامية على غرار مجزرة جامعة غاريسا التي لا تبعد سوى 200 كيلو من الحدود الكينية الصومالية التي راح ضحيتها نحو 148 من الطلاب.

الحرب بين الشباب والحكومة الكينية ستطول، فالحركة توعدت في بيان تبنت فيه مجزرة غاريسا أن “المدن الكينية ستتخضب بلون الدم الأحمر”، وجاء رد الرئيس الكيني أوهورو كنياتنا بالقول “سنحارب الإرهاب حتى النهاية. وأؤكد لكم أن إدارتي سترد بأشرس طريقة ممكنة على ذلك الهجوم”.

إذن، الحركة تتوعد بلون الدم الأحمر والرئيس الكيني بأشرس طريقة ممكنة، وتلك هي الحلقة المفرقة العنف التي لا تنتهي، فالحركة بعد أن تمت محاصرتها في الداخل الصومالي كانت تبحث عن إعلان نفسها في الخارج ونفذت عدة تفجيرات في يوغندا وكينيا، ولكن هذه الأيام مع انحسار الأضواء الإعلامية عليها لصالح داعش وبوكوحرام وعودة اليمن إلى المشهد بسبب الحوثيين شعرت بأنها باتت في الظل، وكان لابد من القيام بعملية نوعية، ولكنها فشلت في ذلك، فهذا الاستهداف تم على مقربة من الحدود، بمعنى أن قدرتها على التحرك باتت محدودة على عكس الاعتداء على مركز ويست غيت في قلب العاصمة نيروبي، كما أنه ليس اعتداءً على المناطق الساحلية لضرب قطاع السياحة الذي تعتمد عليه الحكومة الكينية في الميزانية العامة، ولم يكن اعتداءً على القوات الكينية على الحدود، بل هو استهداف لطلاب جامعة لا حول لهم ولا قوة، ويكشف حالة الارتباك التي تمر بها الحركة.