الصادق الرزيقي

يوم الامتحان ..


> تجري الإستعدادات علي قدم وساق لإنطلاق عملية الإقتراع في الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في كل أجزاء البلاد يوم غد ، حيث يتوقع أن يتوافد إلي (7027) مركز إنتخابي ، ما يزيد عن ثلاثة عشر مليون ناخب سوداني لإنتخاب رئيس للجمهورية من بين عدد من المرشحين ، وإختيار ممثليهم في المجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية ، وتستقطب الإنتخابات أراء متباينة ومتعارضة ، ما بين مؤيد لها وحاض علي دعوة الناس للمشاركة بفاعلية فيها ، وبين معارض لها محرض لمقاطعتها ، ولا يعرف حتي الآن ما غذا كانت ستشهد إقبالا كبيراً عليها يلجم ألسنة المعارضين ، أو ضعف في المشاركة يجلب الشماتة ..! لكن في كل الا؛وال ، لا يمكن أن تكون التكهنات والتوقعات هي الفيصل في مثل هذه الامور ، وصاحب الكلمة الأولي والاخيرة هو الشعب السوداني ..
> تمثل هذه الإنتخابات جزء من تطورات العملية السياسية في البلاد ، وتنبع أهميتها من كونها مناسبة لتجديد الهواء في سراديب السياسة وضخ دماء جديدة في شرايين واوردة العمل الحزبي ، وبث روح وثقة متطلعة في التحول الديمقراطي وقد ظلت الاحزاب السياسية ولم تزل تنادي به وتحرص علي تمتين وتقوية صروحه وبنيانه ..
> ويمثل التحدي الرئيسي اليوم ، هو كيفية حفز القواعد الشعبية والمسجلين في كشوفات السجل الإنتخابي، للتوجه إلي صناديق الإقتراع وحسم النزال السياسي عبرها ، وإختيار من يتحمل الواجب الوطني المسؤولية النيابية ، فليس سهلاً قيادة بلد عاني كل هذه المعاناة وواجب مصاعب جمة في شتي المجالات ، ويعيش شعبه ضائقة إقتصادية وحصار خارجي مؤلم ، ويخوض حروباً لم تنتهي منذ ستين عاما بالتمام والكمال وتتلظي أطراف منه في فوهات البنادق ..
> إذا نجحت القوي السياسية المشاركة وهي أربعة واربعين حزباً منخرطة في العملية الإنتخابية ، في رفع مستوي المشاركة في عمليات التصويت وزيادة الإقبال علي مراكز الإقتراع لممارسة الحق الدستوري ، فإنها تكون قد رسخت وجذرت للديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة ، ويستطيع السودان أن يخرج من الدائرة الجهنمية ويمكنه ان يلحق بركب الامم المتحضرة التي وجدت في الديمقراطية السبيل الوحيد للرفاهية والإستقرار والسلام .
> يجب أن لا تركن قواعد الاحزاب إلي ما يشاع بأن النتائج محسومة وتتقاعس عن لعب دورها في الإنتخاب الحر المباشر ، فهناك من يزعم قبل بدء الإقتراع أن النتيجة مضمون مائة بالمائة للمؤتمر الوطني ولذا لا يوجد داع لرفع وتير ة الحماس وا، الإنتخابات أضحت فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الأخرين ..! وهذا الزعم ليس صحيحاً فالمسؤولية هي مسؤولية فردية لا تلقي عن العاتق إذا قام بها نفر آخر ، وعلينا إغفال مثل هذا الرأي المدمر ، فكل مواطن مسؤول مسؤولية وطنية وأخلاقية ودستورية عن صوته وهو أمانة في عنقه ، لا يمكنه النأي بنفسه عن المشاركة وإختيار القوي الأمين ..
> لقد شيدت أجواء الإنتخابات قبتها ، ونصبت خيمتها، وضربت أطنابها ، فوصول أكثر من مائة منظمة دولية وإقليمية لمراقبة الإنتخابات ، ووجود حوالي 23 الف مراقب وطني ، وإحتشاد وتدافع وكالات الانباء وشبكات البث الفضائي والإذاعات والصحف وكل وسائل الإعلام من أرجاء العالم المختلفة ، لهو أبلغ دليل علي أهمية هذه الإنتخابات وإستحقاقاتها ودورها في صناعة واقع سياسي جديد في بلادنا ، فالعالم من حولنا يراقب ويتابع ويرصد عن كثب ما يجري ، فقدرة الشعب السةداني علي صناعة خياراته وتاريخه وحاضره ومستقبله ليست محل جدل أو مناقشة وستكون هذه المعركة الإنتخابية بكل ما فيها من اقوال ودعاوي ومزاعم واباطيل هو قاعدة لإنطلاقة جديدة لن يكون فيها السودان كما كان أو كما تظن الأعادي ..