عبد الجليل سليمان

أوقفوا الحرب وإلاّ سنوقفها نحن 2-3


تخاطب حملة (أوقفوا الحرب وإلا سنوقفها) أطرافها كلها، لكنها خطابها ليس موجهاً لمن أشعلوا ولا يزالون يشعلون أوارها، وهؤلاء شرائح متداخلة ونخب متشابكة المصالح جلهم سياسيون ورجال أعمال وزعماء قبائل، ومثقفون، وبعض العسكر. لأن هذه الفئة القليلة (الباغية) التي شرخت آذاننا بادعاء الوطنية واحتكارها، وبالتالي امتلاك حق توزيع (وصمة) الخيانة الوطنية لكل من لا يتبنى خطابها التعبوي الفقير وخطها السياسي البائس، اللذين ألقيا البلاد والعباد منذ الاستقلال وحتى اللحظة إلى التهلكة. هذه الفئة يمثلها فسطاطان هما (الحكومة وموالاتها والمعارضة وتابعوها)، وأقصد بالمعارضة هنا المسلحة منها.

تستلهم حملتنا في مرحلتها الأولى (عظم فكرها) إن صح التعبير، من حياة وسيرة وكتابات الروائية البريطانية الراحلة (ليسينج)، إذ نشأت وشبت عن الطوق في حقل ذرة في روديسيا (زيمبابوي الآن)، التي هاجر إليها أبواها بعد الحرب العالمية الأولى التي شاركا فيها. كانت (ليسينج) تقرأ بحب وشراهة (الكلاسيكيات الأدبية) التي كان يرسلها إليها إليها النادي الأدبي بلندن. بعد فشل زواجها الأول زوهي (التاسعة عشرة)، تزوجت من الشيوعي (جوتفريد ليسينج) الذي كان عنصراً فعالاً في نادي الكتب اليساري. ثم تطلقا لكنها ظلت محتفظة باسمه إلى رحيلها، حيث أثر في حياتها وقلبها رأساً على عقب.

(العشب يغني)؛ روايتها الأولى التي تتناول قصة مزارع أبيض فقير تدخل زوجته في علاقة مع (خادمه) الأفريقي، كانت رواية تتحدى وتجابه العنصرية بقوة. لكنها عودتها إلى (وطنها) زيمبابوي في روايتها الأخيرة كان مؤثراً جداً.

في روايتيها (ضحك أفريقي والعودة إلى الوطن) خصصت فصلاً كاملاً تصف فيه عودة امرأة عجوز (لعلها هي) للبلد الذي أحبته من قبل، لتجده ممزقاً بسبب حكم موجابي، تقابل العجوز العائد إلى وطنها شخصاً أسود بغيضاً سكيراً (لعله موجابي) لا يسمح لها برؤية مزرعة أبيها القديمة، رغم أنها كانت مدافعة عن حكم السود وحقوقهم. تقول العجوز: “لعلنا مخطئون بشكل جزئي، لأننا تصورنا أنه حين يحصل السود على السلطة سيتصرفون مثل (فيليب توينبي) مثلا.. لا أعرف لم افترضنا هذا!! إذ أنه بدلا من ذلك أصبح لدينا موجابي، والآن حين أنظر إلى المكان، لا أجد إلا المجاعة، المرض، الفساد، ومستوى أقل من الحياة، هذا شيء بشع”.

لكن تظل أهم اعترافتها على الإطلاق إنها عندما سُئلت إن كان لديها الآن مشاعر عنصرية؟ أجابت: “بالطبع لديّ، لقد نشأت محاطة بعنصريين بطريقة لا أحد يتوقع الآن أنها كانت موجودة، ولكنها ليست مسألة عنصرية. إنه أمر يشبه وجود الرومان في بريطانيا، لقد وجدونا همجاً وتركونا همجاً، ولكن بعد بضعة قرون نحن متحضرون الآن.


تعليق واحد

  1. يا احوى ما توقفوها جزاكم الله خيرا منتظرون شنو ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟