عثمان ميرغني

(الصمت الانتخابي).. صمت الصامتين..!!


منذ اليوم تبدأ فترة (الصمت الانتخابي) لمدة يومين- السبت والأحد- وهي فترة يصوم فيها كل الناخبين عن الدعاية الانتخابية؛ استعداداً ليوم الاقتراع بعد غد الإثنين 13 أبريل 2015.
لكن- بكل أسف- يبدو أن حالة (الصمت الانتخابي) ظلت مستمرة منذ بداية جدول هذه الانتخابات.. أنا كاتب هذه السطور– على سبيل المثال- لا أعرف حتى هذه اللحظة من هم مرشحي الدائرة القومية في منطقة سكني.. ولا مرشحي الدائرة الولائية.. وسألت عدداً كبيراً في الحي وخارجه ووجدت حالة الصوم– وليس الصمت- الانتخابي متمددة لدى الجميع..
صحيح في إمكاني– على الأقل من باب حب الاستطلاع- أن أبحث لأعرف أسماء المرشحين المتنافسين في الدائرة التي أقيم فيها.. لكن يصبح السؤال المحير.. من يجب أن يبحث عمّن؟ ستكون أعجب انتخابات هذه التي يجب أن يبحث فيها الناخبون عن المتنافسين…
فترة الدعاية الانتخابية هي من أجل المرشحين للوصول إلى الناخبين عبر مختلف وسائط الإعلام والدعاية أو حتى بالاتصال المباشر.. فإذا انتهت هذه الفترة دون أن يتمكن الناخبون من مجرد معرفة أسماء المتنافسين يصبح (الصمت الانتخابي) حالة ممتدة تفرغ العملية الانتخابية من جدوى (التنافس)، وتحولها إلى مجرد عمل ديواني لا علاقة له بجمهور (الناخبين)..
قد لا يملك بعض المرشحين من المال ما يكفي لطباعة ملصقات، أو نشر إعلانات في وسائط الإعلام.. لكن هل ينطبق ذلك على مرشحي حزب المؤتمر الوطني- نفسه- لا أصدق.. فحزب المؤتمر الوطني بدأ الاستعداد لهذه الانتخابات منذ إعلان نتيجة الانتخابات السابقة في 2010.. ولديه لجان ظلت تنعقد أسبوعياً كل ثلاثاء، وأطلقوا عليها (درس العصر).. وهو الحزب الأكثر استفادة من الانتخابات؛ بحكم كونه في السلطة- حالياً- ويتوقع أن يستمر فيها بعد الانتخابات.. فلماذا مع كل هذا لم يتكبد مرشحوه رهق الإعلان عن أنفسهم وإشهار– ليس برامجهم- بل مجرد صورهم الشخصية؛ ليعلم بهم الناخبون في دوائرهم؟.
بالله عليكم.. لو أردت الذهاب إلى مركز الاقتراع بعد غد- بإذن الله- هل سيكون لائقاً أن أتصرف كمن يدخل المطعم فيسأل الجرسون (ماذا عندكم؟؟).. فأتوقع مشرف مركز الاقتراع أن يمد لي بقائمة المرشحين (تماماً كما يفعل جرسون المطعم عندما يمد لي المنيو).. لأعرف من هو المرشح المناسب لأمنحه ثقتي وصوتي..
ألا يفرغ ذلك الانتخابات من أهم معانيها كونها اختياراً بضمير حرّ لمن يمثلني في الدائرة الجغرافية، أو الدوائر الحزبية الأخرى..
لماذا استنكف مرشحو حزب المؤتمر الوطني عن بذل أي مجهود في الدعاية الانتخابية؟، هل لأنهم يضعون النتيجة في جيوبهم.. ويدركون أن الأمر تحصيل حاصل.. فلا داعٍ لبذل مال، أو مجهود، في ثمرة باتت في الفم.. وليس اليد.
بصراحة.. حزب المؤتمر الوطني هو من يقود مقاطعة الانتخابات.. ومرشحوه هم الذين يدعون الناخبين إلى عدم تكبد مشاق الحضور إلى مراكز الاقتراع..
لا حاجة إلى فترة (الصمت الانتخابي)؛ فالانتخابات أصلاً صامتة.