الفاتح جبرا

صابر طلع كيت


طلب منى صديقى الدكتور )س( والذى يعمل مستشاراُ بمستشفى الأمراض النفسية والعقلية )التجاني الماحي) أن أحدد له موعدا كيما أرافقه لشراء جهاز كمبيوتر ،مستفيداً من معرفتى فى هذا المجال وبالفعل فقد حضر إلى منزلى بعربته صباح ذلك اليوم حيث ذهبت معه للشركة وقمنا باختيار وشراء الجهاز الذى أخبرنى بأنه ينوى أن يضعه فى مكتبه الملحق بعيادة المستشفى .. كانت المرة الأولى التى تطأ فيها قدماى هذه المستشفى على الرغم من مرورى به فى أحيان كثيرة .
بعد أن انتهيت من مهمة تركيب الجهاز وملحقاته وإنزال البرامج وتشغيله قال لى صديقى الدكتور(س) :
– أيه رايك أدخلك عنبر المرضى عشان تآخد فكرة ؟
– هى المسأله عاوزة ليها أخدان فكرة مع الصوانى المليانه دى ؟
ودلفنا إلى عنبر المرضى عبر ممر طويل .. كان عنبرا فسيحا رصت على جانبيه عدد من الأسرة الفارغة ما عدا واحدا منها كان يقف أمامه رجل فى الستينات من العمر :
– العنبر فاضى.. وين النزلاء القلتهم ديل؟
– باقى المرضى بيطلعو الصباح الحديقه بره يشموا هوا
– طيب والزول ده مالو؟
– ده عمك (صابر) مما دخل العنبر ده ما عاوز يطلع منو بره أبداً؟
ما أن رآنا (صابر) حتى رفع يديه كمن يمسك بقطعة سلاح يواجه بها عدواً ثم صارخاً :
– ثابت محلك … والله البيوصل البير دى أملاهو نار !!
ثم ما لبث أن قام بتغيير وقفته وأدخل يده تحت السرير وقام بسحب جالون فاضى وصاح كمن يخاطب مجموعه متوهمة من الناس :
– والله نص جالون …- يوجه كلامه لنا- شفتو نص الجالون ده فيهو حاجة؟؟ والله ما أديكم ليهو !!
ثم أجهش بالبكاء فى تشنج دونما خط فاصل بين عملية الإجهاش وما كان يقوم به من فعل وهو يقول بينما يدق على صدره بيده متسائلاً :
– أنا؟؟ .. أنا أمشى أطلع بره … وأسيب البترول بتاعى جوه؟؟ – ثم يتجه نحونا وهو يخرج أوراقاً متسخة من جيبه مخاطباً دكتور(س) بينما أنا أتضاير خوفا :
– أنا عاوزك تقدم ليا الشكوى دى لى (الأوبك) ولى مجلس الأمن ولى الأمم المتحده وكمان لى (لاهاى) هااااااى هاااااى وأخذ فى البكاء مجددًا بينما قمت بسحب صديقى دكتور (س ) خارجين من العنبر
– عمك ده مالو باين عليهو عندو قصة طويله؟
– ده ما عمك (صابر) بتاع (البير) ما سمعت بيهو أصلك؟
– لا والله
– طيب ح أحكى ليكا حكايتو ونحنا راجعين بالعربية

الحكاية :
بينما كان (صابر) يرتدى ملابسه ذلك الصباح إستعدادا لذهابه لإستلام معاشه الشهرى وقفت إلى جانبه زوجته (عزيزة) :
– كل يوم أنا أكلم فيك وإنت مصهين
– (فى ضيق) : تكلمى فينى بى شنو؟؟
– ح يكون بى شنو؟؟ ما (بالسايفون) إنت السايفون ده كان ما عاوز تحفرو لينا كلمنا .. والله شيل المويه بتاعة البلاعات دى قطع قلبنا وهد حيلنا
– يا ولية إستهدى بالله السايفون يعملوهو ليكم بى شنو؟؟ -مواصلاً – إنتى عارفاهو بيكلف كم ؟
– يكلف زى ما يكلف .. الناس دى كلها ما حافراهو؟
– هو إنتى قايلة الحكايه حفر ساكت بس ؟؟ ده عايز ليهو (خنزيرة) وسيخ وأسمنت وطوب وحاجات كتيره !
– ناس (السرة) جارتنا دى ما عملوهو وكمان ناس (نفيسة) أختى ما عملوهو وكمان بالحفارة !!
ما أن استمع (صابر) إلى كلمة الحفارة حتى تذكر صديقه وزميل دراسته المهندس (مامون) الذى التقى به صدفة فى أحد المحال التجاريه مؤخراً وعرف منه أنه كان مغترباً بإحدى دول الخليج وعاد للوطن بعد أن أسس شركة لأعمال الحفريات .
بحث (صابر) عن الكارت الذى أعطاه له المهندس (مامون) ثم قام بعد أن وجده بإخراج هاتفه الجوال متصلا به وموضحا له بأنه سيسجل له زيارة لأنه يريده فى موضوع هام .

الحفارة جات :
تحلق شفع الحى حول الحفارة الضخمة ذات الصوت المزعج وهى تقوم بعملية حفر سايفون العم (صابر) بينما كان هو يراقب عملية الحفر ويهتم بتوفير الماء البارد وإحضار أكواب الشاى للعاملين .. بعد مرور عده أيام وعملية الحفر مستمرة وهى تقترب من الوصول إلى عين الماء لاحظ العامل الذى يقوم بتشغيل الحفارة بأن عمود الحفر قد تغطى بطبقة من سائل اسود سميك إلا أنه لم يعر الأمر إهتماما إلا عندما إندفع ذلك السائل السميك نحو فوهه الحفرة حيث هرع يبحث عن عم (صابر) :
– يا عم (صابر) تعال شوف حفرتكم دى جابت شنو؟؟
– شنو يعنى جابت هواء !
– (وهما يسيران معاً نحو الحفرة) : شوف الحاجه السوداء دى
– (صابر) يخرت شويه بيده ويشمها : دا فيهو ريحة بنزين أو جاز أو حاجه ذى دى
– أها هسع نواصل حفر وإلا نقيف ؟
قام (صابر) بالإتصال بصديقه المهندس (مأمون) وشرح له الأمر حيث طلب منه الأخير أن يطلب من العمال أن يتوقفوا عن العمل ويتركهم يذهبون إلى حين وصوله لاستطلاع الأمر.
لم يكن الأمر صعباً بالنسبة للمهندس (مأمون) أن يعلم حقيقة ذلك السائل الأسود غليظ القوام فقال فى إندهاش وهو يخاطب (صابر) بينما هو ينظف يده من أثار العينه التى قام بفحصها :
– مبروك يا (صابر) دى بير بترول !!
– (فى حالة إندهاش وعدم تصديق) : قلت بير شنو ؟؟
– لحدة هسع بير بترول وعشان أقطع ليك الشك أنا بعدين عندى صاحبى متخصص بتاع تنقيب ح أجيبو عشان يشوفا ويتأكد ليكا منها .

أفراح الأسرة :
ما أن غادر المهندس (مأمون) حتى قام (صابر) بأغلاق باب الشارع إغلاقاً محكما ثم قام بقفل فوهه الحفرة التى كان السائل يتسرب خارجها رويداً رويداً مستخدماً فى ذلك عددا من الجوالات الفارغة والدلاقين القديمة .- مبسوط وفرحان كده مالك الليلة ؟
– والله إنتى ما عارفة سبب فرحتى ساكت
– مشيت الليلة لقيت المعاش وصل؟
– معاش شنو ؟ خلاص تانى المعاش المجهجه ده ذاتو ما دايرنو؟
– (وهى تضع يدها فى صدرها) : سجم خشمى ونعيش من وين؟
– (وهو يقترب منها رافعا يدية) : نعيش من النفط .. نعيش من البترول
– شنو يعنى ما فاهمة الجماعه قررو يدو كلو زول حقو فوق إيدو؟
– جماعة شنو البيدو كل زول حقو فوق إيدو ؟ والله ديل مكنكشين فيهو جنس كنكشة
– طيب بترول شنو ده؟
– ده نفطى أنا – فى حركات راقصة – ده بترولى أنا بترول (صابر) .. يعنى بترول Sabir Petroleum
– إنت يا راجل أكيد جنيت وإلا تكون الملاريا تكون طلعت ليك فى راسك !!
حتى يؤكد (صابر) لزوجته (عزيزة) بأنو شديد ونصيح وإنو المسأله لا مسألة جن ولا ملاريا فقد قام بسحبها من يدها والتوجه بها نحو الحفرة لترى بنفسها وبعد أن تأكدت :
– والله وبالله لو ما خايفه ناس الحله ديل ينكسرو علينا كان زغردت ليك جنس زغريده !! – ثم وهى تعود لطبيعتها وتخاطبه هامسة – : أها هسه الثروة دى ح تعمل فيها شنو؟؟
– والله المهندس (مأمون) صاحبنا الجاب لينا الحفارة ده عندو واحد مهندس بترول ح يجى بعدين يشوفا ويقدر الإنتاج وكده وبعدين نشوف حكاية التصفية والتصدير والأوبك والحاجات التانية !!

آمال وأحلام :
بعد أن عاد أبناء (صابر) السته إلى المنزل نهار ذلك اليوم من الجامعات والعمل وبعد أن قاموا بمعاينه الموقع وأخذ عينات والتأكد من الأمر قاموا بعقد جلسة أسرية فوق العاده :
– شوف يا بوى أنحنا صبرنا على الحاله التعبانه والبؤس ده زمن طويل وأهو ربنا فتحا عليك وطلع ليك بترول ما تقوم تعمل لينا ذى الحكومة دى وتطلعنا منو كيت !!
– آآى يا بوى لازم العائدات بتاعتو دى تظهر علينا .. يعنى ناكل كويس ونشرب كويس ونتعالج كويس ونركب كويس – مواصلة- يعنى من الشهر الجاى كل زول عندو فيلا وعربيه جديده وحاجات ذى دى !!
– ما تقوم بعدين تعملا لينا القروش راحت فى الديون الخارجيه وفى البنى التحتية والشنو ما بعرف داك !!
– إنتو يا أولاد جنيتو؟ إنتو قايلين البترول ده قروشو دى قروش؟؟ أهو هسع الحكومة دى ما كانت قاعده تبيع فيهو ليها سنين الإتغير شنو؟؟ما كمان الحاجات زادت والبنزين ذاتو فى روحو تمنو زاد !!
– شوف يا بوى لو إنت عايز تعمل لينا زى الحكومة من هسع خلينا نبيع البير دى ونقسم القروش وكل زول يشيل حقو ويعمل بيهو العاوزو
– إنتو يا أولاد ما عندكم راس هى الحكومة كان قسمت لينا عشان أنا أقسم ليكم !!

الحقيقة المفرحة :
عندما دق باب الشارع اعتقد (صابر) بأن القادم لابد أن يكون المهندس (مأمون) وقد أحضر معه زميله المتخصص فى التنقيب والذى سيحضر لمعاينة الحفرة وتحديد ما إذا كانت تلك الماده بترول أم لا .. لكن (صابر) قد تفاجأ بان الطارق لم يكن إلا جاره (كامل) والذى جاء ليستفسر عن موضوع الحفارة وتكلفتها ومن أين يتم إحضارها – لأنه كما قال يود حفر سايفون – وقد قام (صابر) بإجابة جميع إستفسارات كامل بسرعه ،اختصارا للزيارة حتى يضمن عدم وجود (كامل) حينما يأتى المهندس لمعاينة البئر إلا أن (كامل) فاجأه قائلاً :
– عليك الله يا (صابر) كدى ورينى نوعية الحفر بتاعت الحفارة دى؟
وقع طلب كامل هذا على راس (صابر) كالمطرقه فهو لا يريد لكامل أن يرى البئر وما أفرزته من بترول ، وبينما كان (صابر) يبحث عن كيفية للتملص من طلب (كامل) حتى لا يطلع على الأمر إذا بصوت محرك عربه تقف وباب الشارع يدق ..
– أها يا (صابر) جبت ليك المهندس ذاتو عشان يتأكد ليكا من موضوع البترول الجابتو البير ده – مواصلا – إتفضل يا باشمهندس (عصام) ، أسقط فى يد (صابر) الذى يود أن يبقى أمر البئر سراً لكنه بعد أن قام بالترحيب بالضيوف التفت إلى (كامل) الذى يبدو أنه (نقش) المسأله وهو يريد أن يوزعو قائلاً :
– معليش يا كامل ياخى لكن أنا والمهندسين ديل طالعين ماشين نشوف لينا بير بترول وجايين ولمن أجى ح أوريك الحفرة الحفرتا الحفارة !!
بعد خروج كامل قام (صابر) بإغلاق باب الشارع بإحكام وقام بمرافقة (مأمون) وصديقة المهندس إلى حيث البئر حيث أكد الأخير بأن ما تفرزه الحفرة ما هو إلا أجود أنواع النفط
– أها وبعدين أنا أتصرف مع الموضوع ده كيفن هسع ؟
– والله يا عم (صابر) الخام ده أول حاجه عاوز مكنات شفط تطلعو بره ومفروض يدخل فى صهاريج عشان يتخزن وبعدين تحصل ليهو معالجات كيميائية عشان تفصل المواد ويطلع منو البنزين والجازولين والحاجات التانية وبعدين كل واحد من ديل يمشى فى أنبوب براهو لحدة مكان التصدير .
– لا حولتن ولا قوتن إلا بالله
– والله يا حاج ما أكضب عليك إنت عاوز ليك شيفرون عديل كدة !!
– وشيفرون دى أنا أجيب ليها قروش من وين؟؟
– والله يا حاج أنا بفتكر الحل هو إنك تبلغ الحكومة وتتفاوض معاها
– شوف يا إبنى الحكومة دى أنا عارفا كويس جدا .. كيشة فى أى حاجه لكن فى التفاوض
والمفاوضات دى شاطرة جداً .. يتفاوضو معاك ويصلو معاك لى حلول ويخلوك توقع وتمضى وبعدين إلا تبل الورق المضيت فيهو ده وتشرب مويتو !!

تفشى الخبر :
– ما شفتى يا محاسن ناس (عزيزة) ما طلعت ليهم بير بترول؟
– فى هجليج؟؟
– هجليج شنو يا غبيانه فى بيتهم الواحد ده ..أصلو كانو بيحفرو فى السيفون بتاعهم بس كان البترول يجيك طالع
– بترول شنو؟ والله دى تكون موية وسخانه ساااكت
– ما مويه ولاحاجه عليك أمان الله قالو ودوهو حللوهو لقوهو بترول
– مش معامل الزمن ده البيودو ليها (التقاوي الفاسدة) تقول ما فاسدة دى ؟؟ والله أخير عدما.. هو قالو ليكى دى معامل ؟
– هو ذاتو يا محاسن ما عايز ليهو تحليل هسع كدى شمى ريحت (الحلة) دى هسع ما ريحتا كلها بقت جاز جاز
– والله أكان كده يا نفيسه (عزيزة) يا دوبك إتمهلت والله فتحا عليها خلاص بعد ده التياب ما تياب والدهب ما دهب والعربات ما عربات …
بينما كان زوجا نفيسه ومحاسن يتحدثان فى الصالون :
– والله (صابر) بختو تانى بدل معاشو (الميت ألف) ده ح يطلع ليهو بى مية ألف برميل فى اليوم
– يا زول براميل شنو إنت قائل الحكومة دى البترول ده ح تخليهو ليهو؟؟ ياخى دى (ستات الشاى) ما خالاهم تقول ليا بترول ؟
– والله صدقت والله بس يشمو ليك الموضوع يجوهو ليك طايرين طيران

نحنا ما نحفر :
بينما حسين جار (صابر) يجلس العصرية على كرسى فى حوش المنزل زوجته تضع صينية الشاى أمامه وهى تخاطبه :
– قوم يا راجل أمشى شوف ليكا حفاره تعال أحفر كان تلقى ليكا بير
– يا ولية حفر شنو وبير شنو هو نحنا قادرين ناكل ؟
– والله والله الحتة القدام المطبخ ديك نديانه وملسلسة جنس لسلسة والله ياها لسلسة البترول ذاتا !!
– يعنى عاوزانى أكسر المطبخ ده الخسرت فيهو دم قلبى؟
– وما تكسرو كان تحتو بترول .. شن طعمو عليك الله؟
– أها قولى تكسيرو ما مشكلة .. أنا أجيب ليا قروش حفارة من وين ؟؟ هو المرتب ده مكفينا؟؟
– إن شاء الله تحفرا زى ما بحفرو فى ترعة كنانه والرهد بى (أبو راسين والقفف) !!
– يا وليه إنتى ما عندك راس ذى الجماعة الشايلاهم الهاشمية ديل ؟؟ فى ترعه وإلا بير بترول بيحفروها بى أبوراسين؟ ويطلعو ترابا بى قفف ؟
– خلاص خليك من اب راسين والقفف.. أكان المشكلة قروش الحفارة دى أنا بدخل ليا صندوق وأشيل الصرفة الأولى -مواصلة – بس إنت بعد ما أسلمك القروش تمشى من حتتك تجيب الحفارة البقولوها دى كان نلقى لينا بير بيرين يغيرو لينا حياتنا السجمانه دى .

عاوزين مساعدة :
طرق على الباب .. يذهب (صابر) لفتحه فيجد أمامه عربه تاكسى تزدحم ضهريتها المفتوحة بالشنط والكراتين بينما (عوض) شقيقه يقوم بمحاسبة سواق التكس المنهمك فى إنزال الشنط :
– والله يا (صابر) ياخوى أنا مما سمعت بى خبرك فى البلد وقالو طلعت ليك بير – يشير لزوجته التى تقف أمامه – قلت للتومة دى لازم نمشى نبارك للناس ديل ونقعد معاهم يوم يومين
جلس عوض و(صابر) فى الصالون بينما دخلت زوجته عزيزة والتومة إلى البرنده :
– ناس الحلة كلهم بيسلموا عليك وبيباركو ليك البير وبيقولو ليك ما تنسى ترسل ليهم (بابور) للمشروع وكمان (موكيت) عشان يفرشو بيهو الجامع و(معدية ) عشان الناس يقطعو بيها بدل المراكب القديمة الغرقت الناس دى !!
– وهو محتار : لكن يا عوض لـ….
– لا لكن ولا حاجه الناس ديل عارفنك زول حارة وزولم (تب) وما بتنساهم
– مقاطعاً : لكن يا عو..
– إنت بس لمن تجى على ترحيل الحاجات دى للبلد إتصل فينى أنا مسؤول من ترحيلهم وح
أقوم بيهو – ثم وهو يضع على فمه إبتسامة ذات مغزى – أها يا (صابر) أنا ذاتى عندى طلب
عاوز أطلبو منك باقى إنت عارف براك أخوك حالتو صعبه وعاوزلو شوية مساعدة
– لكن يا عوض يا خوى البير أهى قاعده وأنا لى هسع ما مسكت ليا فرطاقة فى إيدى
أديك من وين ؟؟
– يرفع يديه : لا .. لا .. أنا ما عاوزهم فلوس !!
– طيب عاوزهم شنو؟؟
– عاوزهم براميل ساااكت
– وتعمل بيهم شنو؟؟
– إنت مالك ؟؟ إن شاء الله أتمسح بيهم !! قايلنى برجاك لحدة ما الشمار يطلع ويجوك ناس الحكومة ضرائب وزكاة ونفايات وشنو ما بعرف داك يعدموك التعريفه ؟؟ أخير ليا يا خوى أشيل حقى هسع قبل ما الحكومة تشفطو منك !!
بينما كان فى الداخل يدور حوارا من شكل آخر بين عزيزة زوجه (صابر) وزوجة أخيه التومة :
– والله يا عزيزة عاد فرحنا ليكم جنس فرح
– تفرحى إن شاء الله بى عرس أولادك
– أها يا عزيزة بى مناسبه عرس أولادى دى محمد ولدى من زمان مكلمنى قال عاوز منال بتك لكن بس كان ما جاهز
– (فى تهكم) : بس هسع خلاص جهز ؟؟
– آآآى وقال ليا بس خلى ناس عمى (صابر) ينتهو من موضوع البير ونعمل العرس –
– وولدك ده ما يجهز ويجى يتكلم إلا بعد بترولنا ما طلع؟؟ هو من زمانك كان وين ؟- مواصلة- هسع بيقدر يدفع ليهو ميت ألف دولار مهر؟؟؟
– (في استغراب) : قلتى كم؟؟ ميت ألف دولار ؟؟
– شنو يعنى كتار؟؟ ما تمن كم برميل !!

ليلة القبض على (صابر) :
بينما كان (صابر) وأفراد أسرته فى مساء أحد الأيام يجلسون معاً يتناقشون فى اقتسام (الثروة) التى هبطت عليهم فجأة ويقومون بإستعراض الخطط الإنتاجية والعروض التسويقية أحاطت خمس عربات محملة بالأفراد المدججين بالسلاح بالمنزل بينما اقتحمت قوة أخرى المنزل وأحاط بعضها بالبئر بينما اتجه البعض الآخر نحو (صابر) وأفراد أسرته الذين صعقتهم الدهشة واغتالهم الإستغراب :
– إنت (صابرمحتسب صابر
– أيوه نعم
– (أحدهم يرفعه من كتفه) : قوم يلا معانا
– أمشى معاكم وين؟؟ -فى خوف- أنا عملت شنو؟؟
– بعدين ح تعرف – ينظر ناحية البئر وقد أحاطت بها القوة – كمان داسيها ولافيها بى
دلاقين؟؟

الإستجواب :
يجلس ثلاثة محققون خلف مكتب حديدى كبير بينما يقف (صابر) أمامهما مباشرة ومن خلفه يقف ثلاثه جنود مدججون بالسلاح :
المحقق 1 : – إسمك
– صابر محتسب صابر
– عمرك ؟
– 68
– مكان العمل
– موظف بالمعاش الإجبارى
– إنت متهم بإنك سرقت ليك بير بترول
– يا جماعة سرقت دى شنو؟؟ فى زول بيسرق حاجه لقاها جوه بيتو؟
المحقق 2 : – هو البيت ده بيتك؟؟ ما حكر؟؟
– وشنو يعنى كان حكر ؟
المحقق 3 : – إنت ما عارف الحكر ده حق الحكومة ؟؟
المحقق 1 : – ثم إنت أساساً شنو الوداك تهبش وتحفر فى واطات الحكومة ؟ وكمان جايب ليكا حفارات
– يا جماعة أنا بس كنت عاوز أعمل سايفون وقامت البير طلعت.. أها أعمل ليها شنو؟
المحقق 3 : – كنتا تبلغ الحكومة .. دى سرقة .. إنت كده بتسرق فى قوت الشعب الفضل وبتبدد فى مدخراتو

– (في إندهاش) : أبدد في شنوووو
المحقق 1 : – بلاش لماضة .. عرفنا كل حاجه كمان جابت ليها سرقة أبيار ؟ – مواصلا – شوف أنحنا البترول ده داسنو وما عاوزين مواطن يشيل منو جالون إنت عاوز تشيل ليكا بير بى حالا !!؟؟ ثم يتوقف عن الكتابه ويرفع الملف الذى أمامه مخاطبا الأفراد :
– أفتحو ليهو الماده عشرومية وخمسين إجراءآت

القرار :
تقرر نزع قطعه الأرض الحكر رقم 21 مربع 10 بحى الشعب من المواطن (صابر محتسب صابر) على أن يتم تعويضه وترحيله فورا إلى القطعة رقم 30 مربع 6 بحى (أطلع بره) !!
– يا جماعة تعويض شنو؟؟ وأطلع برتْ شنو؟؟ ما تجو نتفاوض ونقتسم الثروة الجاتنا من الله دى سوا
– إنت مواطن غبيان؟ هو أنحنا قسمنا معاكم ديك عشان نقسم معاك دى ..
– فى حزم وهو يشير بيده : يلا .. أمشى .. أطلع بره !!

كسرة : إذا قادتك قدماك إلى مستشفى (التجاني الماحي) ووجدت أحدهم يمسك بيده جالوناً وبالأخري أوراق متسخة ويصيح (والله جالون واحد زي ده ما بديكم ليهو) فاعلم إنه المواطن (صابر) المحتسب الصابر ..

تنبيه :
– توجد جميع مؤلفات الأستاذ الفاتح جبرا بمكتبة (ساخر سبيل) بشارع المورده بأمدرمان جوار عوضية للأسماك


‫3 تعليقات

  1. والله كويس الكسره مافي الليله هههههههههههههههه مبدع يا استاذ

  2. صاير محتسب صابر إسم عجيب هههههههه الله يجازيك يا جبرا