حوارات ولقاءات

حامد ممتاز: نتوقع إقبالاً كبيراً على صناديق الاقتراع.. الأجهزة الأمنية ستقوم بدورها في الانتخابات


** انتهت فترة الاستعداد للانتخابات بين 44 حزبا منافسا فيها على الساحة السياسية، ويستعد الناخبون غدا (الاثنين) للذهاب لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في هذه العملية، والتي تختلف عن سابقتها في الزخم الانتخابي والمنافسة المعتادة، ويراها كثيرون هادئة ولا تعكس أي مظهر انتخابي، بينما يراها المؤتمر الوطني من أميز الانتخابات التي مرت على تاريخ السودان. قبل يوم من انطلاق عملية التصويت التقينا حامد ممتاز الأمين السياسي للمؤتمر الوطني وتحدث معنا عن فترة الاستعداد للانتخابات وعن توقعاته لعملية التصويت، ودافع عن حزبه في إدارة العملية، وبدا مطمئنا لسيرها ونتائجها، كما تحدث عن الحوار الوطني وعن التركيز عليه بعد الانتخابات، وعن تشكيل الحكومة الجديدة، وتطرق بالحديث في مواضيع أخرى كثيرة في ما يخص الأحزاب السياسية والتواصل معها، وكذلك العلاقات مع مصر والأوضاع في الجنوب. وفي ما يلي نص الحوار مع حامد ممتاز

* بداية ما هو تعليقك على الاستعداد للانتخابات ورأيكم في تعليق البعض أنها خلت من المظاهر الانتخابية المعتادة لأن المؤتمر الوطني ينافس نفسه فيها؟

– أولا لكم الشكر في جريدة اليوم التالي، وأنا ظللت من القراء المداومين عليها، وهي تتميز بمهنية عالية، وكتاب مثقفين على مستوى عال من القدرة… الانتخابات هي استحقاق دستوري، وهي مستحق للمواطن وليس فقط للقوى السياسية المتفاعلين في الساحة السياسية، وهذه الانتخابات تتميز بأنها تأتي عقب تداعيات ثورات الربيع العربي في المنطقة، ورغم الأحداث التي شهدها الإقليم والاضطرابات الأمنية ظل السودان متماسكا، فالانتخابات واحدة من أساسيات ترسيخ العمل السلمي، وهي أهم وسيلة للتداول السلمي للسلطة، وبالتالي أي رافض لهذه الانتخابات هو يجنح للجانب الآخر المعني باستخدام القوة، وهذا مرفوض بالقانون وبالأعراف السياسية، هذه الانتخابات ما يميزها، وأنا أقول بقناعة تامة، ومراقب للأحداث أنها تتميز على كل الانتخابات التي قامت في السودان على مر التاريخ، عدد الذين يشاركون فيها 44 حزبا، قد يتفق الناس حول أوزانها وأحجامها السياسية، ولكن من ناحية مشاركة هذه الأحزاب تشارك بفاعلية، إذاً المؤتمر الوطني لا ينافس نفسه، إنما ينافس أحزابا في الساحة السياسية، وهذه الأحزاب لها أتباع وجماهير وتمارس حقها السياسي في الساحة، فهنالك انتخابات تجرى، وأحزاب تطرح برامجها وهنالك منافسة جادة في كثير من الدوائر السياسية، والمشهد كله الآن مشهد إعلامي وسياسي يؤكد على أن هذه الانتخابات مهمة في تاريخ السودان، ومهمة جدا في بناء المستوى الدستوري على المستوى العام، ومهمة كخطوة في ترسيخ مفهوم الديمقراطية في السودان.

* ولكن هناك من يرى أن المقاطعين للانتخابات أثروا بالفعل على المشهد وأن (ارحل) كانت مؤثرة بالفعل؟

– لم يكن لها فعل يذكر على الساحة السياسة، ولم يكن لها تأثير، أفرادها معزولون وأحزابها معزولة، وآراؤهم مرفوضة من الشعب السوداني، وليس لها تأثير علينا ولا على الساحة، فالشعب السوداني أوعى بكثير.

* هناك من يرى أن التصويت لن يشهد إقبالا من المواطنين وأنه سيكون هناك عزوف كبير من الشعب وخاصة الشباب؟

– الذي تابع حملة الرئيس في الولايات هي أكثر مؤشر إيجابي على مشاركة الجمهور في الانتخابات، والذين رحبوا بالرئيس في الولايات ليسوا جماهير المؤتمر الوطني فقط، بل هي كافة جماهير الشعب السوداني، والذين استقبلوا الرئيس تجاوزوا 20 مليونا، فهل كل هذه الجماهير مؤتمر وطني؟، بطبيعة الأحوال الذين استقبلوا الرئيس، وهناك من لم تتح الفرصة لاستقباله وهم سيذهبون لصناديق الانتخابات، أتوقع أن تكون هنالك مشاركة كبيرة جدا، وهنالك تفاعل إيجابي طوال الـ45 يوما التي سبقت الانتخابات، وكل الأحزاب التي تشارك في العملية لديها قواعد في الولايات وتسعى إلى نقل الناخبين من منازلهم إلى صناديق الاقتراع.

* الاتحاد الأوروبي يرفض رقابة الانتخابات والبعض يرى أن ذلك حكم عليها قبل بداياتها؟

– هذا موقف سالب جدا من قبل الاتحاد الأوروبي، وهو يعمل بسياسة الكيل بمكيالين، وهو راقب كثيرا من الانتخابات بالسودان من قبل، وهذا الموقف يحرض على النظام في السودان، ويقف في المقابل مع الحركات المسلحة لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد ضد الأبرياء العزّل، كان على الاتحاد الأوروبي أن يقف مع المعايير الدولية، ولكنه خرج ببيان صعب وهو خطأ فادح في تفكيره تجاه السودان رغم التعاون في ما بيننا، هذا البيان يخالف كل موازين السياسة الدولية، فمعروف أن الانتخابات هي الطريقة المثلى للتداول السلمي للسلطة، ولكن الاتحاد الأوروبي يخالف ذلك، ويسعى لتشويش صورة الانتخابات، ولكننا نؤكد أنها حق مستحق لكل الشعب السوداني.

* تعليقك على إطلاق سراح فاروق أبوعيسى ومكي مدني في هذا التوقيت؟

– نحن نرحب بهذه الخطوة، وهي في الاتجاه الصحيح، وتؤكد أن الوضع السياسي والأمني مستقر بالبلاد، وأن الحريات في السودان تسع الجميع.

* ألا ترى أنه كان من المنطقي الانتهاء من الحوار الوطني أولا حتى يتسنى للجميع الدخول في الانتخابات؟

– عندما أعلن الحوار من رئاسة الجمهورية، لم يكن هنالك ارتباط وثيق بين الحوار الوطني وعملية الانتخابات، ومعلوم بالضرورة أن هذه الانتخابات ينظمها القانون الذي يستمد من الدستور، والذي شاركت فيه كل القوى السياسية في السابق، وهي انتخابات معلومة الآجال لكل القوى السياسية، ولكل الشعب السوداني في هذا التاريخ، أريد أن أؤكد على أن عملية الحوار الوطني لا تتعارض مع عملية الانتخابات، فنحن نسير فيها، وذلك من أجل ترسيخ معاني الديمقراطية في التداول السلمي للسلطة، وكذلك للتأكيد على الشرعية للذي يحكم السودان عبر الانتخابات، وبالتالي تجرى الانتخابات ولا يؤثر ذلك عل الحوار الوطني.

* ومازالت اتهامات المعارضة  قائمة للمؤتمر الوطني بأنه يسخر أموال الدولة لصالحه في الانتخابات؟

– هذا الكلام ظل اتهاما متواصلا، ولكن نحن نرد وبالتحدي، ونؤكد أننا نمول الانتخابات من الأموال الخاصة للحزب، ومن اشتراكات عضويتنا، ومن لديه إثبات حول هذا الاتهام فنحن مستعدون لذلك، هذا الاتهام مقصود منه تشوية صورة الانتخابات بصورة عامة، ويأتي من المعزولين من الشعب السوداني، وعزلهم حتى من قواعد أحزابهم جعلهم يريدون تشويه الانتخابات وهذا مرفوض.

* تتحدثون عن مواصلة الحوار بعد الانتخابات، هل ستواصلونه بمن حضر أم ستسعون لعودة المقاطعين للعملية؟

– نحن لم نتحدث عمن حضر فقط، نحن نتحدث عن أن الحوار في البداية هو قضية استراتيجية من أجل صناعة الاستقرار السياسي والاجتماعي في السودان، وتحديد معاني الوحدة لكل الشعب السوداني، ونسعى إلى كل الذين يرفضون الحوار إلى طاولة المفاوضات بأجندة وسقف مفتوح في كل القضايا، ودعونا في ذلك كل الأطراف بما فيهم حاملو السلاح، مع توفير الضمانات لهم للمشاركة، هذا الحوار هو القضية رقم واحد في تفكيرنا السياسي عقب الانتخابات، وندعو في ذلك كل القوى السياسية لإعلاء المصلحة العليا من أجل المواطن السوداني، وأن الحوار هو الوسيلة المثلى وليس انتزاع الحقوق عبر البندقية، هذا الطريق خاطئ.

* إذا كان الأمر كذلك فلماذا رفضتم المشاركة في الاجتماع التحضيري للحوار الوطني في أديس أبابا؟

– بطبيعة الحال القضية الأولى بالنسبة لنا هي الانتخابات، ونحن لم نرفض أن نشارك في أي منتدى يتعلق بحل القضية السودانية، ولكن أن تأتي دعوة في خضم الحملة الانتخابية، ولم يتبق سوى عشرة أيام عن التصويت، والمفروض أن نقرر في مستقبل الانتخابات.

* مقاطعة… ألم يكن موعد هذا الاجتماع محددا سلفا؟

– لم يتحدد من قبل، والدعوة أتت متأخرة، لذلك لم نشارك، ولكننا نقول إن هذا الحوار وطني، ويجب أن يجرى بالداخل وتتفق عليه القوى السياسية، وهو مبادرة سودانية.

* مقاطعة.. معروف أن هناك من يحمل السلاح وقبل أن يأتوا للداخل لابد لهم من ضمانات والاجتماعات الخارجية للاتفاق على هذه الضمانات وأنتم وافقتم على ذلك؟

– لا.. مازلنا نؤكد أن الحوار هو مشروع وطني، ويجب أن يكون مشروعا وطنيا، ولذلك لا مانع لدينا من أن يسهم أصدقاؤنا إيجابا في دفع عملية الحوار الوطني حتى تصل لغايتها.

* البعض فسر رفضكم للمشاركة في الإجتماع التحضيري بأنكم كنتم تريدون الوصول إلى الانتخابات وعندما وصلتم تخليتم عن الحوار الوطني؟

– ليس هذا صحيحا، فعندما طرحنا الحوار الوطني كان الأمر بقناعتنا الكلية، ولم تكن هنالك انتخابات مطروحة على الساحة، الزمن بين انطلاق الحوار الوطني والانتخابات عام ونصف، فهو لا يرتبط بالانتخابات بأي حال.

* وماذا عن الذين أرادوا الخروج عن المؤتمر الوطني والترشح كمستقلين؟

– الحزب لديه لوائح تنظم العمل السياسي في ما يتعلق بالانتماء للمؤتمر الوطني، بشروطه المعروفة للعضوية، وأعلنا تكرارا أن الذين ترشحوا خارج الأطر التنظيمية ربما تجرى فيهم اللوائح، ولكننا أدرنا مع الذين خرجوا عن الأطر التنظيمية حديثا، من تراجع منهم عن قراره الشخصي الذي يخالف اللوائح قبلناه من جديد، ومن رفض أجرينا عليه اللوائح، وهذا كان واضحا في قرار المكتب القيادي.

* كم عددهم؟

– نتحدث عما يقارب الـ 200 من الذين خالفوا اللوائح وطبقت عليهم.

* ألا ترى أنه عدد كبير؟

– لا أعتقد أنه مقارنة بعدد المؤتمر الوطني كعضوية كبير.

* ما تعليقك على تهديدات الحركة الشعبية قطاع الشمال في جنوب كردفان بسرقة صناديق الاقتراع وتخريب العملية الانتخابية؟

– هذه محاولات يائسة من أفراد أصبحوا أشبه بقطاع طرق، وهذا تهديد لا يمسنا بصلة، والأجهزة الأمنية ستقوم بدورها في الانتخابات وهذا طبيعي جدا، ولا أعتقد أنه ستكون هناك مشكلة، لكن أقول لكل الذين يتحدثون عن العمل السياسي، إن ما تقوم به الحركة الشعبية هو عمل يقصد الاستقرار الاجتماعي بصورة عامة، وهم يضربون الأبرياء العزل من المدنيين في قراهم، ويحرقون منازلهم، وذلك في استهداف للآمنين، هذا لن يؤثر على الانتخابات، إنما يؤثر على الأمن والاستقرار بصورة كلية، وهذا مرفوض بطبيعة الحال، ولكن لا يستطيعون أن يوقفوا إجراء الانتخابات في السودان، ولا حتى في جنوب كردفان.

* وبماذا تفسر قرار مجلس الأحزاب برفض الدعوى التي قدمها جهاز الأمن بحل حزب الأمة القومي ومصادرة ممتلكاته؟

– هي خطوة إيجابية بالطبع، بأن نتحاكم جميعا إلى القانون، وجهاز الأمن جهة مسؤولة عن توفير الأمن في البلاد، وهذا يؤكد على قناعتنا بأن المؤسسات يجب أن تقوم بدورها، وجهاز الأمن تقاضى مع جهة أخرى، لكن المؤسسة التي ترى تحكيم القانون، رأت أن هذا الإجراء غير صحيح، وهذا يؤكد على أن السودان يحكمه قانون ودستور والعدالة يجب أن تكون للجميع.

* ومع ذلك حزب الأمة يلوح بتجميد نشاطه لتخوفه من الأمر؟

– حزب الأمة أصدر بيانا ورحب بقرار مجلس الأحزاب، وأشاد بهذه الخطوة، وأكد أن القانون يسري على الجميع، ما قرأته اليوم حول تجميد الأمة مفاجئ جدا، وهو تعديل في رأي الحزب بصورة كلية، ولا أدري ما وراء ذلك.

* تحدث الصادق المهدي قبل أيام عن أن المؤتمر الوطني تحول من الخندقة الإخوانية الإيرانية إلى الخندقة الخليجية. بماذا ترد؟

– هي تصريحات دائما تلجأ إلى السجع اللغوي، وليست قرارات سياسية، العلاقة بيننا وبين الأشقاء العرب هي علاقة استراتيجية، ولكن هي محاولات تشويه لهذه العلاقة من قبل الصادق المهدي، حتى تكون الخرطوم معزولة عن أشقائها العرب والأفارقة، وهذا لا يغير شيئا في علاقتنا مع أشقائنا في العالم، نحن نقف الآن في علاقات متساوية مع كل أشقائنا العرب، ونؤكد على استراتيجية هذه العلاقة وحمايتها وتطويرها في المستقبل.

* هناك مشاكل كثيرة تحدث في حركة الإصلاح الآن ودائما أصابع الاتهام تتجه للمؤتمر الوطني بأنه خلف هذه المشاكل؟

– (ضحك).. هذا ظل من الاتهامات الثابتة والمستمرة، وكل حزب يعجز عن تحقيق أهدافه السياسية وارتباطه الداخلي يرمي بذلك على المؤتمر الوطني، نحن حزب لا يسعى إلى زعزعة استقرار أي حزب في السودان، وهذه ليست قضيتنا، نحن نسعى لأحزاب لديها قدرة على العمل السياسي والمنافسة، وندعو أن تكون هنالك شراكة بين هذه الأحزاب في قوى لديها القدرة على تنفيذ برامجها على الساحة السياسية، والقدرة على إدارة علاقات فيما بينها وحماية نفسها في الانتخابات، ليست لنا أي علاقة بالمشاكل الداخلية للأحزاب أيا كانت، الإصلاح الآن أو غيرها فهذا ليس من سلوكنا، ولا من طريقتنا في التعامل مع الأحزاب السياسية.

 

 

اليوم التالي