يوسف عبد المنان

السلاح القاتل


نجحت الحركة الشعبية في استغلال وسائط التواصل الاجتماعي في بث دعاية كثيفة وأكاذيب، قبل بدء الانتخابات اليوم عن هجمات تشنها الحركة الشعبية على مناطق واسعة في ولايتي جنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق، لتعطيل العملية الانتخابية التي تبدأ اليوم.. الحركة الشعبية وأبواقها في الداخل والمناصرون لها في صفوف الأحزاب المعارضة والأحزاب الموالية وحتى في المؤتمر الوطني هناك من ينفذ أجندة الحركة الشعبية .. ببث الشائعات وإطلاق الأكاذيب والدعاية السوداء.. حتى خرجت أعداد كبيرة من المواطنين إلى المناطق التي يعتقدون أنها آمنة.. ونصف سكان “كادقلي” من النساء وكبار السن والشباب قد ملئوا خلال الأيام الماضية خوفاً من تبعات هجمات التمرد.. وهكذا مدن الدلنج والعباسية والرشاد ومن لم يخرج وضع يده على قلبه خوفاً وجزعاً من هجمات التمرد.. وتربصه.. بأمن المواطنين والعمليات الاستباقية في دخول مناطق هبيلا بمحلية الدلنج الكبرى.. والرحمانية بمحلية أبو جبيهة.. وكالوتي.. وأخيراً الهجوم على قرية الدبكر بمحلية السنوط قد جعل المنطقة تقع تحت رحمة الشائعات.. وليل (الجمعة) حيث هبت عاصفة ترابية غطت معظم أنحاء السودان لم يغمض لمدينة الدبيبات الواقعة جنوب الأبيض (100) كلم جفن وأخبار وصول طلائع التمرد لمناطق الميع ومناقو.. وغابة جبل الفينقر تنتشر كالنار في الهشيم.. وأب دت حكومة المهندس “آدم الفكي” ترابطاً وهمة وحماساً في دفع الناس نحو التمسك بوطنهم وطمأنتهم من خلال نشر قوات كبيرة في المدن .. ولكن الشائعات كانت تغطي مساحات واسعة.. ولم يجد “آدم الفكي” دعماً مركزياً بانتقال قيادات كبيرة في الدولة والحزب إلى ولايته.. وقد فشل الإعلام الحكومي أيما فشل في مقارعة ومناهضة إعلام الإشاعة التي ينهض به أفراد بعدد أصابع اليدين.. في الخارج.. وجيوش الزبير (ابن العوام) أقصد “الزبير عثمان” تبث أخبار التلفزيون المدعاة قومياً صوت بدون صورة، وهي أخبار باهتة وضعيفة تهتم بوضع المساحيق على وجوه المسؤولين أكثر من اهتمامها بقضايا الناس.
وإذا كانت الشائعات قد أخلت نصف سكان جنوب كردفان في الفترة الماضية، فإن (12) ألف من النازحين تم حصرهم الآن بواسطة مفوضية العون الإنساني التي أخذت تستعيد دورها بعد تعيين د. “محمد آدم” مفوضاً لها . .وبسبب العمليات العسكرية الأخيرة عادت تلك الأعداد من الأهالي وينتظرون العون من الحكومة المركزية، وهؤلاء بالطبع خارج دائرة الانتخابات. أما الفاقد الانتخابي جراء حرب الشائعات فهو كبير جداً وربما لا يحصل “البشير” على أكثر من (50%) من أصوات المسجلين، وذلك بسبب أن السجل الانتخابي نفسه (مفخم) جداً.. وهناك مواطنون في محليات أم دورين.. البرام وهيبان وجزئياً الدلنج ودلامي والعباسية لن يشاركوا في الانتخابات لوقوع تلك المناطق تحت سيطرة الحركة الشعبية.
اليوم الأول من الانتخابات يعتبر اختباراً حقيقياً لإرادة المواطنين في التغلب على شائعات التمرد بالتمسك بحقوقهم في المشاركة الفاعلة جداً في الانتخابات وتحدي إرادة التمرد وهزيمتها.. بعد أن أعلن التمرد جهراً عزمه على الحيلولة دون قيام الانتخابات، وفي حال الاستجابة لدواعي التمرد والإصغاء للذين يطلقون الشائعات غداً سيعلن التمرد خطوة أخرى، بأن لا دراسة في المنطقة ثم لا زراعة ولا رعي.. ويبسط التمرد يده على المنطقة دون وجه حق.
إن مقاومة التمرد شعبياً بالتماسك والإرادة والعزيمة بالبقاء في أرض الآباء والأجداد مهما بلغت التحديات.. ونهوض المواطنين بالدفاع عن أنفسهم هو الترياق الشافي لكبح جماح التمرد، ولكن انتظار الحكومة لتفعل كل شيء هو من أغرى الحركة الشعبية بالتفكير في الهجوم على مناطق ما كانت تحلم بالاقتراب منها.