تحقيقات وتقارير

حصص أحزاب المشاركة.. الوطني يقيم الأوزان


لم يكن عثمان إبراهيم سائق حافلة الـ(السفليان) موديل 82 يتوقع إن إسحاق عبد النبي الكمساري سيتركه عنوة واقتدارا ليواجه تخليص الحافلة وحده، بعد أن عزم إسحاق عبد البني التخلي عن مهنته الكمساري لمدة ثلاثة أيام منخرطا في صفوف المؤتمر الوطني يحث الناس على التصويت بمبلغ محترم قدرة عثمان بـ(1000) جنية لمده ثلاثة أيام، كما أن رده كان حاسما عندما استفسر الركاب عن الكمساري الذي يخلص المركبة، بأنه مؤتمر وطني.. قياس القياس في علم الفقه، يشير الى أن ثمة رسائل عبرت من جسر الوطني مؤخرا ذهبت الى تحديد المشاركة للأحزاب السياسية في الحكومة القادمة، فرسالة مساعد رئيس الجمهورية نائب الرئيس بالمؤتمر الوطني البروفسير إبراهيم غندور في مؤتمره الصحفي الأخير عابرة معلناً فيها أن الحكومة القادمة التي ستشكل وستبنى على أوزان الأحزاب التي لها رصيد وافر في الانتخابات، ومحاولة تقديم ملامح الحكومة القادمة التي بدأ المؤتمر الوطني يروج لها..

ابتداء من ربط حصص الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة القادمة بالدخول في الانتخابات وانتهاء بإحجام وأوزان تلك الأحزاب بعد الحصاد الانتخابي، الأمر الذي يجعل حالة من التوتر والتوجس من قبل العديد من الأحزاب التي شاركت في الحكومة تعيد النظر في حساباتها، مرحلة التدرج الاشتراط من قبل المؤتمر الوطني للذين دخلوا الانتخابات كشرط للمشاركة في الانتخابات ثم ربطها، مؤخرا من قبل مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني بروفيسور إبراهيم غندور بأن الحكومة القادمة ستشكل على حسب حصاد كل حزب في الانتخابات الحاليه، يرى فيه مراقبون بأنها بداية التنصل السياسي من قبل الوطني لالتزاماته تجاه شركائه في العملية السياسية، خاصة وان التنافس في شكله الفعلي ينحصر في الـ30% هي اجمالى الدوائر التي أخلاها الوطني للأحزاب السياسية التي تقدر بـ(44) حزبا، مما يعنى أن الـ(70%) التي يدخل فيها الوطني الانتخابات بالرغم من التنافس المحموم من قبل بعض الأحزاب السياسية التي أرادت تنافس الوطني في تلك الدوائر يتعد حظوظها ضعيفة، مما يعنى أن تشكيل الحكومة القادمة قد يبشر بخروج كثير من الأحزاب السياسية التي تعد حظوظها ضعيفة، غير أن مصادر مطلعة بالوطني ترى غير ذلك وتشير في حديثها لـ(ألوان) أن قضية المشاركة في الحكومة القادمة ليست من باب التنصل كما يروج له البعض إنما عملية حسابية بشكل دقيق تندرج تحت أن الانتخابات القادمة من شأنها أن تحدد جماهيرية كل حزب سياسي، وهو ما يسهل طريقة التعامل مع تلك الأحزاب خاصة وان هناك أحزاب عبارة عن شخوص معينة لا توجد لديها اى قواعد جماهيريه، ويرى البعض أن إشارات التنصل المبكرة التي أطلقها الوطني للأحزاب التي تشارك في الانتخابات تهدف الى إعادة هيكلة الشراكات التي عقدها المؤتمر الوطني خاصة، وانه ارهتقة كثيرا في ظل الترضيات التي كان يقدمها الوطني في الفترات الماضية وبموجبها بدأت الدولة السودانية في هيكلها التنفيذي بالترهل الإداري، الأمر الذي عانى منه الوطني كثيرا في موازنته للجهاز التنفيذي بالرغم من الإصلاحات الهيكلية التي ابتدعها من خلال تقليص نثريات الدستورين، وغيرها ويرى مراقبون أن اتخاذ مثل تلك الخطوة تصب في الناحية الايجابية لهيكلة الدولة والتمثيل الفعلي للأحزاب السياسية ذات الأوزان والجماهير، لاسيما وان عمليه القسمة السياسية التي كان يتبعها المؤتمر الوطني في الفترة السابقة تعد عقيمة في حل قضايا فعلية للدولة السودانية من جهة أن الأحزاب التي تمتلك جماهير هى الاوفق حظا في العمل السياسي والمشاركة في الحكومة القادمة، غير أن آخرين يتخوفون من هذا التملص الذي أبداه الوطني مبكرا لاسيما وان معظم تلك الترضيات لتلك الأحزاب والحركات المسلحة أتت من باب سد الذرائع، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تلك الذرائع مجددا وبالأخص الحركات المسلحة التي انتهجت جانب الاتفاقيات، أما عبر الدوحة أو ابشى أو عبر الداخل مما يعنى إمكانية عودتها للمربع الأول يمكنه حال تجاهلت الحكومة وجودها أن تبني تقديراتها السياسية على حساب الأحزاب ذات الثقل الجماهيري، وهنا ينظر مراقبون الى الموقف السياسي السوداني يتماهى مع اشتراطات المؤتمر الوطني في تحديد الاشتراطات التي من شأنها أن تشارك الأحزاب أو الحركات المسلحة له المشاركة في السلطة والثروة وأدت الى الترهل الإداري داخل الحكومة، وان تنفيذ مثل تلك الاشتراطات من شأنه أن يقطع الطريق أمام كثير من تلك الأحزاب أو الحركات المسلحة التي تنشق من اجل المشاركة في السلطة..

حالة الإحلال والإبدال التي بدأ المؤتمر الوطني في ترتيبها باكرا وقبل حسم نتائج الانتخابات الحالية تشير الى إفراغ مواقع شاغرة للآخرين الذين مازالوا خارج المنظومة، وبالأخص عملية الهيكلة المبكرة للأحزاب السياسية تأتى في إطار، وجود مخارج وشواغر للقادمين الجدد حال تم اتفاق سياسي سواء عبر الحوار الوطني أو المفاوضات المباشرة على قضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، وهنا ينظر محليين سياسيين الى أن المؤتمر الوطني قد لا تكون لديه رؤية واضحة في خارطته السياسية لما بعد الانتخابات وان النتائج الانتخابية من شانها أن تحدد مدى وحجم المشاركة لتلك الأحزاب التي خاضت الانتخابات بالإضافة الى وضع شواغر للقادمين عبر الاتفاقيات السياسية، وهى ذات الإشكال الذي يدور فيه الوطني، الأمر الذي قد يؤزم موقفة السياسي في قابل الأيام ، غير أن مقربون من الوطني ينظرون الى تحديد الأوزان الانتخابية بأنها نتيجة طبيعية ومعقولة لتلك الأحزاب التي تشارك في الحكومة بدون سند جماهيري بينما كيفية التعامل مع الحركات المسلحة فان الأمر يختلف من حيث الالتزام والاتفاق السياسي للطرفين مما يعنى وجود مساحة مقدرة للعمل السياسي لتلك الاتفاقيات ، أيام قليلة تفصلنا عن تشكيل الحكومة القادمة التي يرى كثير من المراقبون، أنها قد لا تكون تحمل في طياتها جديدا، لاسيما وان اشتراطات المنافسة التي وضعها الوطني لم تكن بالقدر المطلوب إذ تم تحديدها بالـ(30%) لجميع القوى التي تشاركه الحكومة مما يعنى أعاده النظر في تقييم الأوزان السياسية.. حالياً يومان مضيا من عمر الانتخابات وبدأت تتكشف عن حالة من التوجس تجاه تلك المشاركة، وبالأخص بعد الارتباك الذي صاحب اليوم الأول من الاقتراع والمشادات التي حدثت بين مجموعة من الأحزاب المشاركة ومنسوبي الوطني وبحسب التقارير الواردة من هناك فان إشكالات الصبغة في المناطق النائية خلقت حالة من التوجس، وهو ما أكده أمين التعبئة السياسية بولاية سنار هاشم عبد الجليل والذي رفع بها شكوى للمفوضية بعد أن أثبتت التجربة خروج تلك الصبغة في حينها ، فيما يرى رئيس حزب الأمة المتحد بولاية وسط دارفور محمد أبو حليمة إن العملية الانتخابية مع شركائهم في الوطني بدأت صعبة جدا وخلقت حالة من عدم الرضى في العملية التشاركية معتبرا مثل تلك التجاوزات والخروج قد تؤثر في شكل العلاقة السياسية بين الحزبين.. من خلال الرصد الميداني فان التنافس المحموم بين الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة وكذلك المشاركة في الانتخابات تشهد صراعا كبيرا مع نظرائهم في المؤتمر الوطني وهو ما دفع مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي عن الدائرة 20 سرف عمرة شمال دارفور عن الدوائر التشريعية الولائية، بان يعلن انسحابه مبكرا، ويرى مراقبون للشأن الانتخابي أن المعركة الانتخابية والتي بموجبها اشتراطات الوطني مشاركة الأحزاب للحكومة القادمة من شأنها أن تخلق حالة من عدم الرضى مع الشعور باستخدام أساليب فاسدة من قبل الخصوم، الأمر الذي يبشر بخروج مبكر لعدد من الشركاء حال لم ينتبه الوطني الى إدارة لعبته السياسية في التشكيل الحكومي القادم ربما على ضوء حصيلة الصناديق الحالية..

عبد العزيز النقر
صحيفة ألوان


تعليق واحد

  1. المصيبه معظم الاحزاب التي شاركت في الانتخابات كلها حديثه التاسيس وليس ليها ثقل وغير معروفه وحتي قياداتها لا يعرفها معظم السودانين…. انا جايف يكون قياداتها تحت تحت موتمر وطني… حاجه كده في شكل وهمه سياسيه