أبشر الماحي الصائم

الميرغني.. الأصل والأصالة


* لا أتصور أن القرارات التاريخية الجريئة التي اتخذها مولانا محمد عثمان الميرغني مؤخرا.. أعني قرارات المشاركة في الانتخابات وقبلها عمليات رفد الحوار الوطني والانسحاب من تحالفات المعارضة.. لا أتصور أن هذه المواقف الجهيرة قصد بها إنقاذ نظام.. كما يظن بعض الذين يعانون محدودية الرؤية وقصر النظر.. فقد لا تحتاج إلى عبقرية لتكتشف أن القصد هو أسمى وأنبل وأرفع من ذلك كله.. فالهدف بالكاد هو إنقاذ وطن بأكمله وعبور مرحلة حرجة يمكن أن تسقط فيها الدولة السودانية برمتها.. فكأني بمرشد الطريقة الختمية مولانا أبوجلابية قد قرأ جيدا تجارب ومالآت التنازع على الحكم في الأقطار التي سقطت فيها الدولة.. ثم على ضوء ذلك قرر أن يضحي بمصالح حزبية آنية ضيقة لصالح تماسك وطن كبير.. لا أستطيع في المقابل، والحال هذه، أن أتهم قادة سياسيين كباراً يعارضون العملية الانتخابية والحوارية بأنهم لا يدركون مخاطر ومآلات التنازع على الحكم.. فقط إن ما ميز الميرغني هو أن أصبح في مقام تلك الأم الرؤوم.. قيل إن امرأتين تنازعتا على ملكية مولود كل تدعي أنه ابنها.. فأشار أحد الحكماء إلى شطر الطفل مناصفة بينهما.. فرفضت الأم الحقيقية هذا الحكم وتنازلت عن طفلها!! والشيء بالشيء يذكر.. فالميرغني بهذه المواقف المشفقة النبيلة كما لو أنه يرفض أن يتجزأ الوطن أو أن يسقط.. ولو كلفه هذا الموقف المزيد من استنزاف الأرصدة السياسية والجماهيرية.. بل إن الرجل في سبيل هذا الهدف الأسمى قد اضطر إلى إجراء ما يشبه المجزرة الحزبية.. وهو بضربة واحدة تخلص من قادة تاريخيين ذوي جذور يسارية.. ظلوا يجذبون حزب الاستقلال الكبير إلى ما يخدم أجندات قد تكلف الوطن كثيرا.. قال عنهم السيد الحسن بأن لا وجود لهم إلا في وسائل الإعلام.. فلقد كان الميرغني عصيا على كل محاولات الإثناء التي اضطلع بها كثيرون.. من بينهم غريمه التاريخي الإمام المهدي الذي زاره بمقر إقامته بلندن و.. و..

* فلئن كان في هذه الانتخابات من بطل يستحق أن يحتفل بفوزه، فهو بلا منازع مولانا محمد عثمان الميرغني.. رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل.. فلو أن الرجل الختم قد ربط الانتخابات بمقدار ما سيناله من مقاعد برلمانية.. لما أقدم على هذه المغامرة الانتخابية التي ستكون الغلبة فيها بطبيعة الحال للمؤتمر الوطني.. غير أن الرجل الكبير ينظر إلى ماهو أعظم وأكبر من كسب برلماني زائل لا محالة.. ينظر إلى تماسك بلد وسط إقليم تساقطت فيه الدولة القطرية كتساقط أوراق الخريف.. سلام عليك سيدي في اللاحقين المجتهدين العارفين والحمد لله رب العالمين..


تعليق واحد