يوسف عبد المنان

يوم انتخابي


بعد بزوغ شمس أمس (الاثنين) كانت سلامة أهلي وعشيرتي تعلو على بقية أجندة الصباح.. هاتف إلى كادقلي.. وآخر الدلنج وثالث محلية القوز ورابع إلى الدبكر ثم توالت الاتصالات رشاد.. العباسية تلودي.. وهي مدن جنوب كردفان الموعودة بهجمات من قبل التمرد لإيقاف الانتخابات.. وتعطيلها.. وقد تهجمت الحركة الشعبية فعلياً على صناديق الاقتراع بمناطق أنقاركو. وحجر جواد.. والكرقل.. وشاسنديل.. ولكنها فشلت في إيقاف الانتخابات بعد التعزيزات الأمنية التي قامت بها قواتنا المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة.
عند الثامنة صباحاً وصلت مركز الحارة (20) جنوب المسجد.. كانت المفوضية حضوراً.. أسماء الناخبين وضعت في سوار المدرسة الغربي بحثت عن اسمي ولم أجده.. تقدمت بشكوى لرئيس المركز ولكن الرجل قال ساخراً فات الأوان.. فتذكرت “إبراهيم عوض” الفنان الذري.. والشاعر “الطاهر إبراهيم” وصديقي “النعمان على الله” (بعت العمر كلو عشانك وباقي العمر عليَّ دين).. وقد وصف “السر قدور” هذا المقطع بالخطير جداً والبليغ، ولكني عثرت بالصدفة على بيت شعر أبلغ مما قال “النعمان” لشاعر من إريتريا أرض النضال والصمود.. والثورة والتضحيات والصبر على الفقر والجوع وظلم الأنظمة التي احتلت إريتريا السمراء.. في روايته (سمروايت) الصادرة عن المركز الثقافي العربي.. استهل الكاتب الإريتري روايته بقصيدة بليغة جاء فيها:
يا وارد الماء على المطايا
صب لنا وطناً في عيون الصبايا
فما زال في الغيب منتجعاً للشقاء
وفي الريح من تعب الراحلين بقايا..
ساورتني الشكوك كيف يسقط اسمي من كشوفات حارة نزلت بها ضيفاً قبل أكثر من عشر سنوات.. ألفت دروبها وناسها ولكن لم تألفني كشوفات الناخبين، تذكرت أنني في آخر انتخابات جرت صوت في مركز مدرسة الدوحة.. ذات الدائرة ولكن أهلها غير من الأثرياء المترفين فما الذي يجمعني بهم منهم “حسن محجوب” المريخابي.. و”آمال عباس” المايوية و”عثمان ميرغني” الصحافي.. و”مبارك الكودة” الإصلاحي.. توجهت إلى حارات الإسكان البعيدة ما بعد الحارة (100).. حيث استقرت آلاف الأسر بينما حارة الصحافيين يقطنها النازحون والقادمون من المناطق المأزومة على قول “كرار التهامي” وهو يصف جهاز المغتربين بعد خروجه منه وتعيين “حاج سوار” بأن الجهاز بات من نصيب القادمين من المناطق المأزومة.. المهم عدت بعد الساعة الحادية عشرة صباحاً لمركز مدرسة الدوحة.. وجدت اسمي في الكشف الأخير.. ودخلت قاعة التصويت.. لا زحام.. ولا إقبال كبير من الأهالي على الصناديق كما كان في الانتخابات الماضية..
عندما منحتني شابة وسيمة بطاقات الاقتراع لمرشحي المجلس التشريعي.. لم أجد من بينهم مرشحاً للمؤتمر الوطني.. ورفض موظفو المفوضية تفسير أسباب غياب رمز الشجرة.. ولكن بعد خروجي علمت أن المؤتمر الوطني تنازل عن دائرة كرري لحزب التحرير والعدالة.. بحثت عن خيمة التحرير والعدالة.. وعثرت عليها بعيداً عن مقر الاقتراع.. استقبلني شاب في العشرينيات من العمر.. وقال هل صوت قلت نعم.. هل صوت للكباية أجبته بلا وحينها فقط علمت أن المؤتمر الوطني تنازل لحزب شعاره الكباية.. ولكن المؤتمر الوطني يشكل غياباً في بعض المراكز.. ويشكو المواطنون من انعدام وسائل النقل وإن وجدت فهي أقل من المطلوب.
في الحارة (18) الثورة الإقبال دون الوسط في الفترة الصباحية ويطغى على المقترعين العنصر النسوي ولا أثر لدعاوى المعارضة للأهالي بمقاطعة الانتخابات ولكن أن يبحث المواطنون عن المرشحين فهي سابقة جديدة.. وقد عجز المرشحون عن الوصول للمواطنين في حاراتهم ولكن في الولايات الوضع مختلف جداً حيث التنافس محتدم والإقبال أفضل من العاصمة.. وإذا كان يوم أمس العطلة الرسمية قد شهد إقبالاً دون الوسط فكيف الحال اليوم إذا لم يعلن مجلس الوزراء عن تمديد العطلة بالقطاعي لمدة (3) أيام.