عبد الباقي الظافر

ماذا أراد السفير بهذا..!!


أمس داهمتني رسالة قبيل منتصف الليل..جاءت الرسالة ونحن نودع الصحيفة في طريقها إلى المطابع..الرسالة تقول ان سعادة سفير المملكة العربية السعوديية يدعوكم لحضور لقاء تفاكري عند الثانية عشرة من ظهر الغد..ظننت أن الرسالة تحمل مزحة فعدت لمرسلها برسالة تطلب مزيدا من التفاصيل..من حيث التوقيت تدرك السفارة السعودية أن بلادنا مشغولة أو من المفترض أن تكون مشغولة بأمر الانتخابات ..ثم ان الدبلوماسيين يعملون وفق أعراف تضع حيزا كبيرا لعامل الوقت..تحمست للدعوة باعتبار أن هنالك أمرا طارئا.
حينما دخلت مبني السفارة السعودية وجدت ذات التساؤل في رؤوس زملائي من الصحفيين ..السفير فيصل بن معلا تحدث من ورقة مكتوبة أعدت على عجل عن عاصفة الحزم..من خلال تلك الورقة اكد ان حرب عاصفة الحزم جاءت استجابة لاستغاثة من السلطة الشرعية في اليمن .أشاد السفير بدور الدول المشاركة في العاصفة ثم طبق ورقته.
لاحظت ان السفير فيصل بن معلا وضع الحرب في حجمها الحقيقي ولم يتحدث عن نزاع مذهبي أو خطر شيعي أو حتى نفوذ إيراني محتمل..لم يتحدث سعادة السفير ان مكة المكرمة والمدينة المنورة تحت الخطر..ولم يعلن عن عطلة في الرياض تحبس المواطنين في منازلهم بسبب مخاطر الحرب..بكل بساطة وضع السفير المفوه الحرب في اليمن بأبعادها الحقيقية أو على الأقل الأبعاد التي من خلالها ممكن أن تسوّغ الحرب.
حينما اختلى السفير بنا مرة اخرى في الصالون الملحق منحنا مزيدا من الفرص في طرح الأسئلة بدون قيود دبلوماسية..بعض من زملائنا وضعوا الكرة بمقاس على راس السفير حينما سألوه عن (القروش).. متى تصل القروش يا سعادة السفير..كأنهم يتساءلون شاركنا في الحرب ولم نقبض الثمن..انها الفرصة التي كان يبحث عنها السفير المحترم..صحيح ان السفير حاول ان يغلف رسالته بحديث يحمل (شوية ) نصائح إعلامية للصحافة السودانية..السفير اول من يعرف ان صحافتنا الرائدة والمكلومة لم تكن بحوجة لتلك النصائح.
السيد السفير جمعنا ليرسل عبرنا رسالة لحكومتنا حتى تحترم شعبها والشعب السعودي الشقيق..قبل يومين كان محافظ بنك السودان يعلن عن تدفقات مالية من السعودية والإمارات ..بل ان المسؤول الرفيع أفرط في التفاؤل وقال فيما معناه ان المال الخليجي القادم سيهزم السوق الأسود للعملات الصعبة..السفير كان صريحا حينما قال ان عهد تدفق المنح السعودية والخليجية انتهى تماماً ..لو لا الحياء الدبلوماسي لقال أبلغوا عني الحكومة السودانية بهذا الموقف السعودي والخليجي الواضح.
في تقديري أن الدبلوماسية السعودية اضطرت للتواصل مع الحكومة عبر الاعلام لتصحيح صورة غير حقيقية..تصوير السعودية بأنها تشتري المواقف الدولية والإقليمية يفقد الحرب ميزة أنها حرب عادلة جاءت استجابة لنداء الشرعية وأن الذين سارعوا وأيدوا المشاركة إنما حركتهم عدالة القضية وليس بريق الذهب السعودي.
بصراحة..كسبت الحكومة جولة يوم واحد ضد تجار الدولار بالسوق العربي ولكنها كادت تفقد معركة أنها اتخذت الموقف الصحيح في الوقت الصحيح .