تحقيقات وتقارير

وحدة حزب الأمة: الواقع والمستحيل


انتظم حراك كبير داخل حزب الأمة القومي، من اجل لم شعثه والعمل على وحدته، وتزحف عدد من تيارات الحزب نحو الوحدة بتقديم عدد من المبادرات ولكن اغلب هذه المبادرات اصطدمت مرة برئيس الحزب وتارة بالتيارات نفسها وظلت هذه المبادرات فوقية بين أزمة قيادات تاريخية في حزب الأمة بعيدة كل البُعد عن آمال وتطلعات جماهير الحزب التي تريد حزبها العملاق لاعبا أساسيا في الحياة السياسية السودانية وهي ايضا بعيدة عن طموحات الشعب السوداني في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، وزار القاهرة مقر إقامة رئيس حزب الأمة القومي عدد من التيارات والشخصيات لكي تطرح لزعيم الحزب الصادق المهدي رؤيتها في وحدة الحزب كان آخرها اجتماع رؤسا أجهزة حزب الأمة في القاهرة لمدة ثلاثة أيام ونتج عنها مبادرة جديدة للوحدة وفور وصول الوفد للخرطوم انتظم في اجتماعات مع قيادة التيارات في حزب الأمة والشخصيات والشباب لطرحها، لكن هذه الاجتماعات تجاوزت بعض القيادات بقرار رئاسي.
رؤيتان للوحدة
من خلال المبادرات التي تم طرحها داخل حزب الأمة القومي اتضح أن هنالك رؤيتين لوحدة الحزب، يتمسك الذين هم خارج الأجهزة بوحدة شاملة لا تستثني أحدا ويكونوا مشاركين في صناعة القرار وتنفيذه وهذا يتم حسب وجهة نظرهم بتكوين أجهزة انتقالية، ولكن أخيرين داخل الأجهزة وعلى رأسهم رئيس الحزب الصادق المهدي، يرون رأيا آخر وهو أنه لا يمكن أي تغيير في الأجهزة المنتخبة ويمكن أن تتم وحدة حزب الأمة في ظل الأجهزة الحالية ويتم استيعاب في مؤسسة الرئاسة والجهاز التنفيذي والمشاركة في لجنة الإعداد للمؤتمر العام وعبرت عن ذلك الناطقة الرسمية سارة نقد الله في بيانها الأخير بعد انتهاء الاجتماعات في القاهرة وفي هذا يقول القيادي بحزب الأمة عبدالجليل الباشا “للتيار” بخصوص المبادرة التي تم تقديمها من قبل رؤساء أجهزة حزب الأمة، إن مجهودات كبيرة بذلت بخصوص وحدة حزب الأمة باعتبار وحدة الحزب تمهد الطريق لوحدة الشعب السوداني وأضاف الباشا إن حزب الأمة لن يستطيع أن يلعب الدور المنوط به في الساحة السياسية السودانية ويحقق التوازن المطلوب على أرض الواقع دون أن يلم شتاته ويوحد أطرافه ولذلك وحدة الحزب كانت ومازالت وستظل ضرورة وطنية وأي مبادرة في هذا الخصوص نرحب بها بشرط أن تقوم على المصالحة الشاملة والوحدة الكاملة ولا تقصي أحدا وهذا يعني بالضرورة أن تكون هنالك أجهزة توافقية تعبر عن مضمون هذه الوحدة ويقول الباشا حتى تنجح هذه المبادرة ينبغي أن تسخر لها كل الإمكانيات والطاقات وتقوم على أسس عادلة بعيدة كل البُعد عن الأجندات الاقصائية أيا كان مصدرها أو مبررها.
الحج إلى المهدي
زار القاهرة في الآونة الأخيرة عدد من التيارات وأصحاب المواقع في حزب الأمة لمقابلة الصادق المهدي وكل طرف ذهب تحت عنوان مختلف نائب رئيس الحزب الفريق صديق ذهب ومعه مناصريه من رؤساء الحزب بالولايات اجتمع مع المهدي تحت جزر خلافه مع سارة نقد الله وبرمة ناصر عندما أصدروا بيانا يدينون فيه تصريحاته التي دعم فيها ترشيح الرئيس البشير رئيسا قوميا، وقبل ذلك ذهبت قوى الميثاق وهي التيارات التي ثواثقه في ميثاق الوحدة والتغيير لتبحث مع المهدي وحدة حزب الأمة ثم ذهاب مجموعة من القيادات التي كان لها مرشح للأمانة العامة ثم تنازلوا لسارة نقد الله مقابل تسكينهم في الأمانة مثل الواثق البرير وإسماعيل آدم علي والطيب الشيخ ذهبوا إلى القاهرة محتجين على تجاهل نقدالله لهم ماهو مصير اتفاقهم على الأمانة التوافقية، وكان آخر اجتماع رؤساء أجهزة حزب الأمة لمدة ثلاثة أيام، كل هذه الاجتماعات واللقاءات كان الحديث الأساسي فيها كيف يتوحد حزب الأمة ويصبح حزبا مؤسسيا لا رئاسيا.
المبادرة الجديدة
لا تختلف كثيرا المبادرة الجديدة التي قدمها رؤساء أجهزة حزب الأمة عن رد رئيس حزب الأمة الصادق المهدي في اجتماعه مع التيارات التي تواثقه على ميثاق الوحدة والتغيير واجتمعت معه في القاهرة، الاختلاف كان هذه المرة في لغة الخطاب الرئاسي تجاه الوحدة الذي كان ناعما بعض الشيء مع التيارات ولكن بعض المراقبين فسروا قول المهدي لرؤساء الأجهزة الذين قدموا المبادرة (انتو لموا الباقين وخلو لي مبارك) بأنه سوف ينتج وحدة جزئية وليست شاملة، بالإضافة إلى أن الدعوة للوحده تأتي بموافقة رئيس الحزب السيد الصادق المهدي، ويقول “للتيار” أحد مهندسي المبادرة رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة محمد المهدي حسن أن قضية الوحدة الشاملة مطروحة من زمن بعيد وقطع فيها شوطا كبيرا وهي نتجت بعد أن اجتمع عدد كبير من التيارات والمجموعات والأشخاص مع رئيس الحزب في الفترة الأخيرة بالقاهرة، وتم تعضيدها برؤى وأفكار حملناها من الداخل بعد لقاءات وحوارات مع التيارات ويقول المهدي “للتيار” بعد وصولنا للخرطوم شرعنا في اجتماعات مع التيارات لتقديم المبادرة ومؤشرات نجاحها كبيرة لأن اللقاءات أوضحت ماهو المطلوب وماهي إمكانية تحقيقه.
ترحيب مشروط
أغلب قيادات وتيارات حزب الأمة رحبت بمبادرة رؤساء أجهزة حزب الأمة القومي ولكن ترحيبهم لم يجعلهم أن يتنازلوا عن مطالبهم بالأجهزة التوافقية ويقول “للتيار” عضو المكتب السياسي لحزب الأمة وأحد قيادات الميثاق مرتضى إبراهيم بابكر نرحب بأي مبادرة تقود لوحدة حزب الأمة وتنهي أزمته ونحن أول من طرح الوحدة الشاملة وبدأت بالولايات ثم التيارات ونحن نفتكر أن المشكلة الدستورية في حزب الأمة تحل من خلال أجهزة انتقالية وإن فكرة المبادرة الجديدة قائمة على استيعاب الآخرين في لجان الإعداد للمؤتمر العام وحتى لا تحدث مشكلة حول مرجعية اللجان لابد من أجهزة انتقالية، لأن التمسك بالأجهزة الحالية يدخلنا في الأزمة الدستورية لأن الأجهزة انتهت فترتها.

التيار