تحقيقات وتقارير

سونا تقترح: إذا لم يحضر الناخب لمكان الاقتراع تفرض عليه عقوبات تأديبية مثل الغرامات أوخدمة المجتمع أو الحبس


للانجليز امثال في الامر فهم يقولون ” قد تاخذ الحصان الي مورد الماء لكنك لن تستتطيع ارغامه على الشرب”. ربما تكون الصورة صادمة الا انها حال الديمقراطية في تجليات تطبيقها حول العالم وهي الانتخابات والتصويت ما يترتب عليهما وعنهما من تنسم سدة الحكم لحزب او جماعة ووقوف حزب اوجماعة في المعارضة.

السودان ليس استثناءا ولابدعة في هذا الامر حاله في ذلك حال فرنسا وامريكا ومصر الجارة الا انه قد ينبغي على السودانيين النظر في المثال البلجيكي الذي سنورده في ختام هذا التقرير.

لذلك -وحكما على نجاح العملية الانتخابية -يهتم المراقبون ووسائل الإعلام عادة بنسبة اقبال الناخبين على التصويت. والاقبال اوغياب الاقبال من المؤشرات المهمة على تشرب المواطن لاسس الديمقراطية و احد اهم عناصرها و ممارستها ماديا هو الاقتراع، الا ان ذا المؤشر اصبح يشكل مصدر قلق للمنظمين ، بالنظر لعزوف الكثير من الناخبين عن ممارسة حقهم الدستوري لاسباب متعددة، حيث تشير الاحصائيات العالمية إلي تراجع نسبة المشاركة في العالم. والامثلة اكثر من ان تعد او تحصى.

مثال ذلك انه في الانتخابات الرئاسية الاميركية 2004 صوت فقط 60.3% من الناخبين. بينما في قلب اوربا وموئل الديمقراطية العلمية فيها ذات المبادئ الثلاثة التي اسست لكثير من الدساتير والقوانين والمبادئ الدولية (الاخاء والمساوة والحرية) وهي فرنسا افادت وزارة الداخلية الفرنسية ان نسبة تصويت الناخبين المشاركين في الدورة الاولى لانتخابات عام 2007 بلغت 28:29%، اي اقل بقليل من نسبة 31.21%. وتلك كانت ثاني اكبر نسبة مشاركة في الدورة الاولى من انتخابات رئاسية فرنسية منذ 1981 اي خلال ربع قرن من الزمان. وفي انتخابات مصر في سبتمبر الماضي صوت 23% وفقا للتقديرات الرسمية ،بينما تقول المصادر المستقلة ان النسبة لم تتعد 15% الى 18% .

ومثال اخر من شمال افريقيا ،المغرب تحديدا، حيث انخفضت نسبة إقبال الناخبين على التصويت في الانتخابات بشكل متواتر في السنوات الأخيرة، ففي العام 1970 كانت نسبة التصويت 85.34% لتنخفض بعدها الى 62.75% في العام 1993 . أما في العام 2002 فقد واصلت نسبة التصويت انخفاضها مسجلة 51.61% .، ثم انحدرت نسبة التصويت الى ادني معدل لها حتى الآن في انتخابات عام 2002 حيث وصلت 37%.
نسبة الإقبال في آخر انتخابات جرت في المغرب في العام 2007 تشابه حصيلة الإقبال لدى جارتها الجزائر التي شهدت انتخابات برلمانية في نفس السنة وبلغت نسبة الإقبال على التصويت فيها 35.51% .

الخلاصة الاولية لهذا الرصد العام هي أن هناك تراجعاً مرصوداً عالمياً فيما يتعلق بمعدلات التصويت في الانتخابات العامة، من متوسط 75% عام 1945إلى نحو 66% مع بداية القرن الحادي والعشرين، أي أنه من كل 3 أشخاص لهم حق التصويت تقريباً، يشارك إثنان فقط ويعزف الثالث.أضف إلى ذلك، فأن الانخفاض يبدو متسارعا مع الوقت، فقد لاحظت بعض الدراسات أن نسبة المشاركة في 49 ديمقرطية انخفضت بمقدار 10 نقاط مئوية كاملة بين 1980 – 1984 و2007 – 2013.

الاسباب الرئيسة لهذا التدهور في ممارسة هذا الحق

تتعدد الاسباب وراء هذا التدني وغياب الاهتمام التذبذب والتدهوروعدم ممارسة الناس لهذا الحق الدستوري ومع ذلك فهم ملزمون بقبول نتائجه التي يحددها من يذهبون لصناديق الاقتراع . اول هذه الاسباب هو ضعف الاهتمام بالسياسة:

ضعف الاهتمام بالسياسة:

خلال السنوات الماضية تضاءل الاهتمام بالعملية السياسة في الغرب، وباتت اهتمامات الناس تتركز أكثر على القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ايضا تغيرت الفكرة الكلاسيكية حول الولاء الحزبي او الانتماء عقائديا لحزب واحد. فالمؤشرات تتزايد حول الناخبين الذين يصوتون لحزب لم يصوتوا له من قبل لان برنامج هذا الحزب كان ملائما اكثر لاحتياجات الناخب الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية. وتأثير ظاهرة ضعف الولاء الحزبي كانت واضحة خلال الانتخابات الاميركية الاخيرة، اذ لم يصوت كل الناخبين المعروفين بولائهم للحزب الجمهوري لصالح بوش، ولم يصوت كل الناخبين المعروفين بولائهم لصالح الديمقراطيين لصالح جون كيري. و ذات الامر ينطبق علي اليسار واليمين الفرنسى والديقوليين وعلي العمال والمحافظين في بريطانيا

أزمة الأحزاب:

الأحزاب السياسية هي أحد الأعمدة الرئيسة في أي نظام ديمقراطي، فلا توجد ديمقراطية واحدة في عالم اليوم لا تؤسس المنافسة الانتخابية الرئيسة على الحزب والانتماء الحزبي. بالرغم من ذلك، فإن منظرى النظم المقارنة يتحدثون منذ ما يقرب من ربع قرن من الزمان عن وجود أزمة أحزاب سياسية، يشير إليها البعض بأننا صرنا أمام أحزاب بلا حزبيين Parties without Partisans. مضمون هذه الأزمة هو ما تم رصده في العقدين الأخيرين في الديمقراطيات المستقرة من ظواهر تضمنت تضاؤل حجم العضوية الحزبية والانتماء الحزبي لدى المواطنين (على سبيل المثال تبلغ نسبة المواطنين البريطانيين الأعضاء بأحزاب اليوم 1% فقط مقارنة بـ20% في 1950)، وضعف الروابط بين الأحزاب وناخبيهم بدليل تغيير عدد كبير من الناخبين لتوجهاتهم التصويتية من انتخابات لأخرى مقارنة بعقود سابقة، وتضاؤل قدرة الأحزاب على تعبئة المؤيدين عموما. أضف إلى ذلك، ما رصدته دراسات أخرى من أن أحزاب اليوم باتت أقل ديمقراطية في إدارة شئونها الداخلية.

أزمة إدارة:

الديمقراطية التمثيلية نظام حُكم، وبالتالي فأحد أهم معايير الحكم عليها هو قدرتها على القيام بوظيفة الحُكم. تناقضاً مع ذلك، فقد أظهرت لنا الأعوام الأخيرة أن آلية الديمقراطية التمثيلية لم تكن على المستوى المقبول في مواجهة أكبر أزمة حُكم واجهتها الديمقراطيات الغربية، وهي أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.

المثالان الشهيران هنا هما كل من اليونان وإيطاليا، كلتا الدولتين تعرضت لأزمات مالية شديدة في أعوام 2011 – 2013، تمثلت في وجود معدل دين مرتفع للغاية، كان من الممكن أن يعرض هاتين الدولتين لخطر شبه إفلاس، وهو ما كان من شأنه إرسال موجات زلزالية عبر كل دول العملة الأوروبية الموحدة، بسبب عضوية هاتين الدولتين في هذا التجمع النقدي.

المثير للانتباه هو أن السمة المشتركة للتعامل مع الأزمة في كلتا الدولتين كانت إيقاف مؤقت للآلية الديمقراطية (الانتخابات)، والتعامل مع الأزمة من خلال اتفاقات بين أطراف وطنية، وأخرى خارجية، بعيداً عن صندوق الانتخاب.

أزمة ثقة:

أظهرت آخر البيانات الصادرة عن الباروميتر الأوروبي – الذي يقيس بشكل دوري مستوى رضا المواطنين في دول الاتحاد الأوروبي عن الديمقراطية – انخفض رضا المواطنين عن الديمقراطية في الـ26 دولة التي شملها الاستطلاع بمعدل 7 نقاط مئوية في الفترة بين 2007 حتى 2011، ولأول مرة باتت نسبة المواطنين الأوروبيين الراضين عن الديمقراطية في بلدانهم في حدود الـ50%، بينما كانت نسبة الراضين عن أداء برلماناتهم الوطنية (وتلك ربما أهم أدوات الديمقراطية التمثيلية) 30% فقط. تمثل هذه النسبة الأخيرة أدنى مستوى تأييد منذ وجود بيانات مجمعة حول دول الاتحاد الأوروبي بعد عمليات توسيع العضوية. باختصار، الديمقراطية باتت فاقدة لثقة غالبية المواطنين في أحد معاقلها المعيارية (غرب أوروبا)، وربما في أحد أهم التجمعات العالمية، التي تعتمد الديمقراطية الليبرالية كنموذج قابل للتصدير للعالم أجمع.

و اجمالا فقد بينت دراسات أن نسبة المشاركة في 49 ديمقرطية عالميا قد انخفضت بمقدار 10 نقاط مئوية كاملة بين الأعوام 1980 – 1984 و2007 – 2013. وتثير هذه الظاهرة إشكاليات ضخمة، فإذا كانت الحكومات تُنَتخب بهوامش ضئيلة فهذا يعني انها لا تعبر او تحظى بتأييد أغلبية المواطنين.

وعوداٍ علي بدء ربما ينبغي النظر في المثل الانجليزي مرة اخرى وتطبيقه حتى يتسق القول بالعمل والدستور بالتطبيق خاصة في دول الديمقراطيات الهشة و الوليدة و غير الراسخة في الوجدان الشعبي. في بلجيكا هذه التصويت إجباري!!!

ويقوم النظام فيها على إلزام الناخبين بالتصويت في الانتخابات أو الحضور لمكان الاقتراع في يوم التصويت. إذا لم يحضر الناخب المؤهل لمكان الاقتراع، فربما يتعرض لعقوبات تأديبية مثل الغرامات أوخدمة المجتمع أوربما الحبس في حال عدم دفع الغرامات أوعدم القيام بتنفيذ خدمة المجتمع.

الخرطوم 16- 4- 2015 (سونا)


‫4 تعليقات

  1. يا مؤتمر وطني انتو بقيتو زي القمل والبكتريا الخبيثة
    ما دايرينكم ياخ لماذا نصوت على انتخابات فوزكم فيها محدد مسبقا ضياع قروش في الفاضي هسي تبني كم مستشفى القروش الضاعت في الهبل ده

  2. ده منو الغبي الحمار الداير يقارن بين اوربا الغربية والسودان في مجال الانتخابات ده
    ات آ زول ناطحك حمار في راسك

  3. لقد مل شعبنا من انتخابات لا تقدم ولا تؤخر في ظل أنظمة شمولية تمقت الحرية وتتشبع بالعنف والارهاب… لذلك لا جدوي من صرف أموال باهظة كان الاجدي بالحكومة ان تصرفها علي المرضي والفقراء وعلي التعليم وعلي الذين يعيشون في شظف وعنت..
    هل سيغير البشير بولايته الجديدة من شيء هل سنحاسب المفسدين هل سيوقف عبث جهاز الأمن وتحكمه في حياة الناس وحرياتهم والصحافة وقتلها.. هل سنري عمر حاكما عادلا ولو علي أسرته كما كان الفاروق ..(