منوعات

شخصية اجتماعية غابت في ظروف (ليست غامضة)… ود العم.. انكشف (القدح).. واتشتت (الرصاص)!


الشعب السوداني أحد الشعوب القليلة التي لا تزال تتمسك بعادات وتقاليد قديمة باعتبارها موروثاً تاريخياً يصبح التفريط فيها ضرباً من ضروب التنكر للهوية والذات. و(ابن العم) كان حتى وقت قريب، شخصية لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال، فهو (شيال التقيلة) و(مقنع الكاشفات) و(ساتر القدح) وهذه الصفة الأخيرة شهدت انحساراً كبيراً عن الماضي الذي كانت البنت فيه لـ(ود عمها) بأمر التقاليد. أما عبارة (يا ولد.. غطي قدحك).. فكانت هي الأبرز في زمان لم يعرف التكنولوجيا أو الإنترنت.. لكن لماذا تراجعت مكانة (ود العم) عن السابق؟ وما هي الأسباب التي جعلته يرحل تاركاً القدح مكشوفاً؟
نموذج ناجح:
(زينب عمر) ربة المنزل والمتزوجة من ابن عمها أبدت تحسراً واضحاً على إهمال (ود العم) في هذا العصر والاكتفاء به في أوساط الأسر السودانية كتعريف لعلاقة القربى والدم. وحكت (زينب) عن زواجها من ابن عمها الذي لم يشاورها فيه أحد، فهو كما تقول (قدام عيونا منذ الصغر).. وأضافت أنها تعتقد أن هذا النوع من الزيجات هو الأنجح والأمتن والأطول عمراً، وذلك لعلاقة الدم التي تمنع الرجل من الاستخفاف بمكانة المرأة، وتهميشها أو احتقارها، بالإضافة إلى أن زواج الأقارب – بحسب رأيها – يوفر الكثير من المنصرفات والمشاكل، وتضيف (زينب): (الحمد لله.. اتزوجت من ود عمي.. بحترمني وبديني بالفي والمافي).
رفض بات:
على النقيض تماماً ترفض (فاتن بابكر) طالبة القانون أي اتجاه للارتباط بأحد أقاربها، وتقول إن زواج الأهل هو زواج مليء بالمشاكل والحساسيات، بالإضافة لخطورته في الإنجاب إذا تطابقت جينات الزوجين ووحدتهما فصيلة الدم. وتعتقد (فاتن) أن الزواج الذي يقوم على فهم الزوجين لطبائع واحتياجات كل منهما هو الأمثل، وأكدت انحسار مكانة (ود العم) عن السابق، وعزت ذلك إلى دخول الفتاة للجامعة وتوسع أفق مداركها بحيث صارت هي من تختار زوجها.
سلاح ذو حدين:
أما (السر عثمان) الموظف بالقطاع الحكومي.. فيرى أن زواج الأقارب وتحديداً (ود العم) هو سلاح ذو حدين، أخطرهما إجبار الفتاة على الزواج في سن مبكرة، وهذه عادة لا تزال تمارس في قرى السودان.. وهذه الخطورة تكمن في دفع الفتاة إلى تجربة أكبر من حجم إدراكها وهو ما قد يحكم بفشل العلاقة الزوجية التي يفترض أن تقوم على القناعة والمودة.
بنات جامعات:
المعاشي (الحاج عبد المجيد) يستغرب انحسار وغياب زيجات (تغطية القدح) التي كانت في يوم ما هي السبيل الوحيد للفتاة للخروج من بؤرة (العنوسة).. بينما يعزو (الحاج) ذلك لخروج الفتاة من سجن التقاليد الصارمة، ودخولها للجامعات والمعاهد العليا، واكتسابها للمزيد من الخبرات والمعلومات والثقافة التي أسهمت في جعلها تقرر بنفسها بمن ترتبط.. وأكد (الحاج) أن جزئية (ود العم) وربما تكون قد غابت في العاصمة وبعض الولايات لكنها ما زالت تتوافر وتحديداً في القرى الطرفية التي ما زالت تحكم بقانون (البت لود عمها).
أسباب عدّة:
عدد من الباحثين الاجتماعيين أكدوا أن التكنولوجيا بمختلف أنواعها، أسهمت بشكل أو بآخر في غياب كثير من التقاليد الراسخة وأبرزها شخصية (ود العم)، التي كانت في يوم من الأيام الشخصية المثالية التي تحلم بها كل فتاة. ويضيف الباحثون أن ارتياد المرأة لمجالات التعليم والعمل، أسهم أيضاً في جعلها أكثر (تفتحاً) وأكثر واقعية. فيما يعترف الباحثون بأن مكانة (ود العم) في السابق والآن اختلفت كثيراً مستشهدين بالكثير من المشاهد من بينها مناداة الزوجات لأزواجهن في الماضي بعبارة (ود عمي) أو (ود الشيخ)، ومضيفين أن (ود العم) نفسه، صار من التعليم والثقافة بمكان يجعله يبدي رأيه في مستقبله ويرسم له صورة واقعية من داخل الإطار الحياتي الذي يعيش فيه.
بسبب سيطرتها على (مفاصل) حياة المدير…
(السكرتيرة).. حكاية (ضرهّ) غير (مُعلنة)!
الخرطوم: تفاؤل العامري
تظل مشكلة (السكرتيرة) هاجساً يؤرق مضجع زوجة المدير التي يكون كل همها أن تعرف تفاصيل حياة تلك السكرتيرة، وربما يصل الأمر لأن تجند أحد موظفي المؤسسة لنقل أخبارها لأنها تعتقد أن تلك السكرتيرة ما هي إلا ضرة لها. بالمقابل فإن ظروف الحياة دفعت بالكثيرات لقبول العمل بوظيفة السكرتيرة على الرغم من أن معظم الناس ينظرون نظرة سلبية. هذه الوظيفة التي تدور حولها العديد من الأسئلة خاصة حول علاقتها بالمدير!
الاستغلال السيئ:
(سناء) سكرتيرة منذ أكثر من سبعة أعوام تعمل في شركة خاصة، أكدت في حديثها لـ(فلاشات) أنها طيلة فترة عملها كانت تتضجر من نظرات الناس لها لأن البعض يعتقد أن السكرتيرة صاحبة سلوك سيئ، مشيرة إلى أن هناك فئة من السكرتيرات أسأن استخدام المهنة ما جعلهن محل اتهام خاصة من زوجة المدير التي تترصد تحركاتها حتى يطمئن قلبها.
ثقة مطلوبة:
أما والدة سناء فكان لها رأي سلبي في تلك الوظيفة لافتة إلى أن بعض السكرتيرات لم يستطعن المحافظة على أنفسهن بشكل لائق ما جعلها تبغض تلك المهنة إلا أنها عادت لتقول: (أثق في تربيتي عشان كدا سمحت لسناء بالعمل كسكرتيرة رغم مضايقات زوجة المدير التي تحدث بين وقت لآخر).
مهنة ملائمة:
(لا يهمني كلام الناس)… هكذا ابتدرت السكرتيرة مني محمد حديثها مضيفة: (أنا واثقة من نفسي أكثر مما كنت عليه قبل الوظيفة فهذه مهنة شريفة لمن تحافظ على نفسها أما نظرتي إلى زميلاتي فأرى أن لكل زميلة ظرفها الخاص)، وتضيف: (هذه مهنة ملائمة لي بغض النظر عن نظرة الناس وأرى أنه يجب أن أحافظ عليها وأنظر إلى زميلاتي باحترام وتقدير لأنها أجمل مهنة تناسب الفتاة).
شروط وواجبات:
أحمد بابكر شاب في العقد الثالث من العمر وصاحب شركة قال لـ(فلاشات) إن المواصفات الواجب توافرها في (السكرتيرة) تتقدمها اللباقة والشكل، وأضاف: (المؤهلات العلمية بالطبع في قائمة الشروط والأولويات)، بينما يقول الصادق عبد الرحمن – مدير فرع لإحدى الشركات -: (أنا لا أميل إلى عمل السكرتيرة لأن هذا يخلق جوا من التوتر والقلق بالمنزل لاعتقاد النساء بأن السكرتيرة هي الزوجة الثانية رغم عدم إيماني وقناعتي بأن يشغل رجل ذلك الموقع لراحة كل الأطراف).
قطعة من الديكور:
عز الدين محمود مدير شركة للملبوسات قال لـ(فلاشات) بسرعة: (أنا أتعامل مع شركات أخرى مُنافسة ولا بد من وجود سكرتيرة تمثل واجهة الشركة بمعنى أن تتمتع بمسحة من الجمال. وعلى الرغم من اعتراض زوجتي إلا أنني أعتقد أن السكرتيرة قطعة من الديكور لا يمكن الاستغناء عنها)، مضيفا: (الفتاة أكثر التزاماً من الرجل بمواعيد العمل ولها أسلوب راقٍ وجميل في التعامل وهذا ما يخدم مصالحنا ومهنتنا).
الرجال أفضل:
من جانبها أكدت ربة المنزل امتثال محمود على خطورة (السكرتيرة) -خصوصاً غير المتزوجة- واصفة إياها بالخطر الذي يهدد حياة الأسرة، ومضيفة: (زوجي يعمل مديراً عاماً بإحدى الشركات ومنذ اليوم الأول اشترطت عليه أن يقوم بتعيين رجل في وظيفة السكرتارية، وقد نفذ ما طلبت منه والحمد لله). أما (ن) والتي فضلت حجب اسمها فقالت إنها من أكثر النساء اللائي تعرضن لغدر (السكرتيرة) قائلة: (كان زوجي على وشك الارتباط بإحداهن لولا أن إحدى الموظفات أخبرتني بما يدور خلف ظهري، لأقوم بمواجهته ويعترف لي بالأمر قبل أن أخيره ما بيني وبينها، ليختارني ويقوم بفصل تلك السكرتيرة ويعين رجلاً في مكانها).
حكايات وروايات:
بالمقابل، كثير من الحكايات والروايات تتردد عن تلك (السكرتيرة)، فتارة نسمع عن زوجة مدير مؤسسة عريقة أبدت تذمرها من سكرتيرة زوجها التي تتمتع بجمال يتحدث عنه كل العاملين بتلك المؤسسة وحاولت في مرات كثيرة أن تبعدها عن العمل وافلحت في تدبيرها إلا أن المدير كان صعبا عليه الاستغناء عنها فقام بإرجاعها مرة أخرى محاولا إقناع زوجته بأن العمل توقف بعد مغادرتها بحكم أنها الأقدم بالمؤسسة، وتعرف كيف تدير العمل في غيابه، إلى جانب تلك الحكاية التي تتردد عن مداهمة زوجة مدير له بمكتبه وطردها لسكرتيرته دون أي أسباب واضحة الأمر الذي أثار دهشة العاملين وجعلهم يطلقون ألف سؤال!

السوداني