تحقيقات وتقارير

منافسو البشير.. من سيحرز المركز الثاني؟


تشير النتائج الأولية لفرز صناديق الاقتراع إلى تقدم مرشح الوطني للرئاسة عمر البشير بفارق كبير عن أقرب منافسيه، وهو أمر ليس مفاجئاً للمراقبين لاعتبارات تتعلق بشعبية البشير الذي يحكم السودان لستة وعشرين عاماً، فضلاً عن قوة المؤتمر الوطني الحزب الحاكم إلى جانب الهيئة الشعبية التي تضم شخصيات قومية وحزبية أعلنت مساندتها للبشير، لكن يبقى السؤال عن من هو المرشح الذي سيحل في المركز الثاني؟.
<<< مرشحو الرئاسة.. 15 شخصاً في مواجهة البشير لم يمتلكوا تنظيماً قوياً كالحركة الشعبية التي رشحت ياسر عرمان في العام 2010، ولم يحظوا بشهرة وشعبية الرئيس الراحل جعفر نميري في انتخابات 2000، ولم يكن لهم حتى نجومية وظرف السباح كيجاب في العام 1996 الذي رفع ساسة معارضون وقتها شعار "البلد غرقانة حقو نديها سباح يمرقها". ومع ذلك أقدموا على الترشح بحثاً عن مجد سياسي أو شهرة إعلامية، وأودعوا خزينة المفوضية ما يقدر بـ(150) ألف جنيه، بمعدل عشرة آلاف جنيه لكل واحد منهم كرسم للترشح، وربما المصادفة وحدها التي جعلت عددهم 15 في العام 2015، لذلك لا تستغربوا أن يكونوا 20 في انتخابات 2020. والناظر في قائمة المتقدمين للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية لينافسوا البشير يجد أن خمسة منهم تقدموا عبر أحزابهم، وعشرة بصفتهم كمستقلين، وقامت مفوضية الانتخابات بمراجعة طلباتهم وتأكدت من استيفائهم لشروط الترشح في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في إبريل الجاري. المرشحون للرئاسة إلى جانب عمر البشير، بينهم خمسة أتوا عبر أحزابهم، أما البقية فمستلقون، أما المنظمون فهم فضل السيد شعيب (الحقيقة الفيدرالي)، وعبد المحمود عبد الجبار (اتحاد قوى الأمة)، ومحمد الحسن الصوفي (الإصلاح الوطني)، وفاطمة عبد المحمود (الاتحاد الاشتراكي)، وياسر يحيى صالح (العدالة)، وهنا يطرح تساؤل حول حجم هذه القوى السياسية وفعاليتها التنظيمية. أما المرشحون المستقلون فهم خيري بخيت خيري، وحمدي حسن أحمد، وأسد النيل الصافي، وعصام الدين علي الغالي، وأحمد الرضي، وعادل دفع الله، وجابر بشير، ومحمد عوض البارودي، وعلم الهدي عوض، عمر عوض الكريم، ومحمد احمد عبد القادر الأرباب الذي دخل السباق الرئاسي بعد الطعن. ووفقاً لقانون الانتخابات فإن من يحق له الترشح يجب أن يكون سودانيًا بالميلاد، وسليم العقل، ولا يقل عمره عن أربعين عامًا، ويكون ملمًا بالقراءة والكتابة، وألا يكون قد أدين في جريمة تتعلق بالأمانة أو الفساد الأخلاقي. كما يجب تأييد الترشيح وفقًا لأحكام القانون من خمسة عشر ألف ناخب مسجل ومؤهل من ثماني عشرة ولاية على الأقل، على ألا يقل عدد المؤيدين في كل ولاية عن مائتي ناخب، علاوة على إيداع مبلغ عشرة آلاف جنيه سوداني عند الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية كتأمين لدى المفوضية على أن يعاد المبلغ للمرشح إذا حصل على أكثر من عشرة بالمائة من الأصوات في الانتخابات أو إذا سحب ترشيحه في أي وقت قبل خمسة وأربعين يومًا من تاريخ الاقتراع. وهنا إن لم يحرز أقل ناخب 15 ألف صوت، أو200 صوت على الأقل في كل ولاية فسيكون هناك تساؤل حول من أيدوا ترشيحه ولم يدلوا له بأصواتهم، ثقة كبيرة غير أن اللافت أن المرشحين الخمس عشر كانوا يتحدثون عن ثقتهم في اكتساح الانتخابات، وهو أمر كان يجانبه المنطق فلا يعقل أن يفوز كل من يترشح لمنصب يحتاج لشخص واحد، ولكن حالة الثقة تلك لم تكن تعبر بأي شكل عن الواقع، فالحقيقة التى يعرفها الكثيرون أن المرشحين للرئاسة كانوا في الغالب من الشخصيات المغمورة، لذلك كان الرأي العام لا يعرفهم ولا تعلق أسماؤهم بذاكرته. باستثناء مرشحة الاتحاد الاشتراكي فاطمة عبد المحمود لخلفيتها السياسية، أما الثاني فكان مرشح حزب الحقيقة فضل السيد شعيب عضو آلية 7+7 والذي لمع نجمه في الآونة الأخيرة، مع شهرة نسبية لمرشح اتحاد قوى الأمة عبد المحمود عبد الجبار ومحمد عوض البارودي المستقل الذي كان وزيرًا للثقافة بولاية الخرطوم وخرج على الحزب الحاكم، يليهم مرشح الإصلاح الوطني صاحب الاسم المميز محمد الحسن محمد الحسن الشهير بـ(الصوفي)، وياسر يحيى صالح عن حزب العدالة، بينما لمع نجم المرشح المستقل حمدي حسن أحمد أثناء الحملة الانتخابية وتصريحاته المثيرة عن إلغاء الجامعات والمدينة العالمية وضوابط التصويت وتقليم الأظافر، ومواقفه الأخيرة بالاعتصام بالمقر الرئيسي للمفوضية احتجاجاً على ما وصفه بتجاهل مطالبه. وقد شهد السباق الرئاسي انسحاب مرشحين أثناء السباق (بعد ثلاثة أيام من الاقتراع) هما أحمد الرضي وعمر عوض الكريم لاعتبارات تتعلق بسير عملية الاقتراع واعتراضات رفعوها للرأي العام والمفوضية، وبطبيعة الحال فإن أصوات المنسحبين ستحسب لهم أيضاً كما قالت المفوضية، كما أن الانتخابات السابقة كان ياسر عرمان المنسحب قد حل في المرتبة الثانية، فهل من الممكن تكرار ذات الأمر هذا العام لا سيما وأن عمر عوض الكريم يحرز تقدماً كبيراً في موقع اليوتيوب. <<<< فاطمة تتقدم شعبية المرشحين..مقياس (اليوتيوب) ثمة مؤشر آخر لشعبية المرشحين يتعلق بعدد مشاهداتهم على موقع اليوتيوب، وفقاً لإحصاءات قناة انتخابات السودان 2015 والتي تتبع لتلفزيون السوداني القومي حتى الساعة الثالثة ظهر أمس، وفقاً لمشاهدات الزوار لتقارير وزيارات للمرشحين للرئاسة، ورغم أن النتائج لا تكون دقيقة لاعتبارات تتعلق بجماهير كل مرشح وعلاقتهم بالتكنلوجيا وزيارة المواقع الإلكترونية، فضلاً عن سهولة التلاعب في زيادة الزيارات، إضافة لعامل مهم آخر يتعلق بتاريخ الفيديو رغم أن الغالب الأعم منها تم إنزله بتاريخ السابع من مارس. ومع ذلك فإن مقطع فاطمة عبد المحمود كان الأكثر مشاهدة بـ3.353 مشاهدة بعد أن نشر في في السابع من شهر مارس، أما بقية المرشحين فكان ترتيبهم كالتالي: - عمر عوض حسن 2.773 - حمدي حسن أحمد 2.310 - أحمد الرضي 1.553 - عصام الغالي 1.573 - ياسر يحيى 1.573 - محمد عوض البارودي 1.423 - أسد النيل الصافي 1.421 - علم الهدى أحمد 1.231 - خيري بخيت خيري 1.261 - عبد المحمود عبد الجبار 1.073 - عادل دفع الله 959 - فضل السيد شعيب 814 - محمد أحمد الأرباب 854 - محمد الحسن الصوفي 388 • تم إنزال معظم مقاطع الفيديو في السابع من مارس، فيما تم إنزال مقطع أسد النيل الصافي بتاريخ الخامس من إبريل، أما حمدي حسن وخيري بخيت فتم إنزال المقاطع في الرابع والعشرين من مارس، فيما تم إنزال مقطع أحمد الرضي في الثالث عشر من فبراير. • مشاهدة اليوتيوب لا تعكس بالضرورة حجم السند الحزبي والقبلي <<< تتعلق ببطاقة الاقتراع الترتيب والرمز.. عوامل حسم يرى عدد من الخبراء في مجال الانتخابات أن ثمة عوامل أخرى إلى جانب الشعبية والسند الحزبي والقبلي تلعب دورًا في إحرز الأصوات، أبرز تلك العوامل تتعلق بتصميم بطاقة الاقتراع نفسها، ويشيرون في حدثيهم لـ(السوداني) إلى أن الأمر يرتبط بشكل أساسي بالترتيب في بطاقة الاقتراع واختيار الرمز المناسب. يقول الخبير في مجال الانتخابات عثمان الزاكي إن وضع المرشح في قائمة بطاقة الاقتراع يحقق الكثير من النجاح بالنسبة له لذلك يتسابق المرشحون للفوز بصدارة بطاقة الاقتراع ويضيف: "حسمت مفوضية الانتخابات مسألة ترتيب الرموز الانتخابية بتوقيت تسليم طلبات الترشيح، فمن يحضر أولاً يسجل أولاً وهكذا. وهنا تبدو فرص شعيب أفضل من فاطمة عبد المحمود والبارودي وياسر يحيى على سبيل المثال، بينما من المتوقع لذات الفرضية أن يحل الأرباب في ذيل قائمة المرشحين تبعاً لموقعه في بطاقة الاقتراع. أما فيما يتعلق بالعامل الثاني فيشير الخبير فى مجال الانتخابات عماد إبراهيم إلى أن الرمز الانتخابي يلعب دورًا في تحقيق الأصوات، ويقول يجب أن يعكس الرمز الواقع الاجتماعي والثقافي والنفسي فمثلاً يجب على المرشح الذي ينتمي للبيئة الاجتماعية ذات الطابع الزراعي الرعوي أن يعكس رمزه دلالات تشير إلى هذه البيئة وهذا يعطي الناخب في مثل هذه البيئة دافعاً لاختياره لأنه يعكس ثقافته وما يعيشه ويجب أن تعكس الرموز الانتخابية مشاكل وهموم البيئة التي يتنافس فيها المرشح مما يعطيه ميزة نسبية في تفصيلات الناخبين فمثلاً إذا تنافس مرشحان في منطقة رعوية اختار أحدهما الثور رمزاً له. وقام الآخر باختيار التلفزيون فمن الضرورة أن ينعكس هذا الاختيار على خيارات الناخبين وتفضيلاتهم، مع الأخذ في الاعتبار أن البرامج الانتخابية هي التي يجب التركز عليها. ويدلل إبراهيم على حديثه بالإشارة إلى نموذج آخر ويقول:"في الترشيحات الراهنة طرح الصوفي رمز الهلال وقد يضعف هذا الرمز حظوظه في ظل مجتمع منقسم بين الهلال والمريخ، ولكنه في المقابل قد يجذب أصوات (الهلالاب). وبقياس ذات الأمر فإن أصوات المزارعين المتأرجحة ستكون حتماً في مصلحة شعيب الذي اختار التراكتور، بينما ستتوزع أصوات الرياضيين بين الكرة (علم الهدى) والهلال (الصوفي) والهلب (ياسر). <<< بعد منافسة شعيب فاطمة عبد المحمود..الأوفر حظاً لأن تصبح الثانية تقول المؤشرات الأولية إن فاطمة عبد المحمود تحل في المرتبة الثانية خلف البشير إلا أنها تواجه منافسة شرسة من فضل السيد شعيب، من الممكن أن تقل نتيجتها في أي وقت لصالح الأخير الذي يحظى بثقل جماهيري في بعض الولايات. تحظى فاطمة برمز انتخابي مميز (الحمامة) كما أن لديها شهرة اكتسبتها من خلال الحقبة المايوية جعلتها أشهر مرشح رئاسي بعد البشير، فضلاً عن أنها المرة الثانية التي تخوض فيها السباق الرئاسي. في الانتخابات الماضية حلت فاطمة عبد المحمود في المرتبة قبل الأخيرة من جملة اثني عشر مرشحاً بـ30.562 أي أن يعادل نسبة 30,٪ من جملة الأصوات الصحيحة التي وصلت لأكثر من عشرة ملايين (10.114.310). تستفيد فاطمة من التعاطف النسوي لاسيما أنها المرأة الوحيدة في قائمة الترشيحات الرئاسية، فضلاً عن ذلك فإنها الأكثر شهرة بين قائمة المنافسين للبشير بعد تجربتها السياسية الطويلة كما أن ثمة مناصرين لمايو أدلوا بأصواتهم لها في محاولة للعودة بالزمن للوراء أو حتى للوفاء لتلك الحقبة.