مكي المغربي

الحمد لله الذي شفى أمريكا..!


حقيقة يجب أن نهنئ الإدارة الأمريكية والرئيس أوباما على الشفاء من “عقدة خليج الخنازير” وهي “عقدة سياسية نفسية” و”متلازمة مزمنة” ظلت “تعشعش” في السياسية الأمريكية منذ العام 1961، ونسأل الله أن يشفي الإدارة الأمريكية من “عقدة السودان” أيضاً ويتم رفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب عما قريب.
تكونت العقدة ضد كوبا قبل 54 سنة عندما منيت المخابرات الأمريكية بالهزيمة في محاولتها اقتلاع نظام فيديل كاسترو وذلك عبر دعم حركة ثورية مسلحة “نفس الملامح والشبه!”، في محاولة الاقتحام عبر خليج الخنازير في جزيرة كوبا، ومن عجائب القدر أنني أقرأ قرار أوباما برفع كوبا من قائمة الإرهاب اليوم 17 إبريل وهو نفس تاريخ الهزيمة الأمريكية.
المهم أن كوبا ظلت عقدة في السياسة الأمريكية، ولم تنته مع أزمة الصواريخ الكوبية إنما زادت وتفاقمت، بل يقال أن بدء أمريكا إرسال قواتها إلى فيتنام في العام 1965 بعد أربعة أعوام من فضيحة خليج الخنازير كان غرضه الأساسي التعويض النفسي بانتصار في مكان آخر من العالم، واستمرت الحرب المجنونة ومات عشرات الآلاف بالقصف الأمريكي على المدنيين العزل، وترامت جثث الأطفال الوديعين الأبرياء في غابات فيتنام الخضراء ولا ذنب لهم سوى رغبة الإدارة الأمريكية في التعويض النفسي، وانتهت الحرب عام 1973، بعد ثمان سنوات من القتل … انتهت بالهزيمة أيضاً وظلت عقدة كوبا موجودة.
على مدى أكثر من ثلاثين عاماً أبقت أمريكا كوبا في قائمة الدول الراعية للإرهاب وحظرتها وحاصرتها سياسياً واقتصادياً، ولكنها حذفتها الآن بحجة أنها أجرت مراجعة مستعجلة للستة أشهر الفائتة ولم تجد أن كوبا مارست أي أنشطة راعية للإرهاب.
الطريف في الأمر أن السودان لديه تعاون مع أمريكا في مكافحة الإرهاب منذ العام 2002 أي قبل 13 سنة … سبحان الله … “تعاون عديل كدا” لمدة 13 سنة وفيه مكاتب ولجان وتبادل معلومات وتحقيقات … ودولة أخرى كان كافياً لحذف اسمها مجرد ورقة “حسن سير وسلوك لمدة ستة أشهر”!
هذا هو الخبر حتى لا تقولوا إنني مجنون …. قال أوباما إن “الحكومة في كوبا لم تقدم أي دعم للإرهاب الدولي خلال الأشهر الستة الماضية ، كما أنها قدمت تأكيدات على أنها لن تدعم أي أعمال إرهابية دولية في المستقبل” وأفاد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست بأن “الولايات المتحدة ترى اختلافات بينها وبين السياسات الكوبية، إلا أن ذلك ليس له علاقة بالدول المرتبطة الراعية للإرهاب”.
هذا هو السبب المعلن ولكن غير المعلن هو: وساطة تمت في جولتين في كندا والفاتيكان، على يد البابا فرانسيس، ثم أعقب ذلك اتفاقية سرية، ثم جاء الدور على الإخراج القانوني والسياسي والإعلامي الركيك والمستعجل، وذلك باللقاء على هامش قمة الأمريكتين، في غواتيمالا ثم المراجعة “فجأة” لستة أشهر وإخراج نتيجة معدة سلفاً ومتفق عليها.
وهذا هو الحال في العلاقات السودانية الأمريكية، توجد خلافات في قضايا أخرى … ويوجد تعاون على مكافحة الإرهاب ولكن أمريكا “تتفشى” في التعبير عن خلافاتها الأخرى وتعاقب السودان بوضعه في قائمة الإرهاب، ومعه دول إسلامية وهي إيران وسوريا … ومن هنا نناشد البابا بالتوسط لصالح هذه الدول أيضاً وذلك لمصلحة أمريكا قبل مصلحة هذه الدول.
لأن أمريكا دولة كبيرة ومحترمة ويجب أن تحترم وزنها وتاريخها وثورتها العظيمة على الاستبداد البريطاني في العام 1776، لا يمكن أن تحرر نفسها من الاستبداد لتمارسه على الآخرين.
يجب عليها إن لم تحترم السودان أن تحترم عقول المواطنين الأمريكان وألا تخدعهم بأن اسم السودان في قائمة الإرهاب له علاقة بالإرهاب.